روسيا وفنلندا الماضي لا يموت

روسيا وفنلندا... الماضي لا يموت

روسيا وفنلندا... الماضي لا يموت

 العرب اليوم -

روسيا وفنلندا الماضي لا يموت

بقلم - إميل أمين

لا يموت الماضي في حسابات الدول والشعوب، ربما تختبئ المشاعر والأحاسيس؛ لكنها لا تموت، تظل ساكنة في حنايا الأضلع كما الجينات المتنحية، وعند لحظة زمنية بعينها، تفاجئ الجسد لتعلن عن وجودها وتهديدها.
غالب الأمر هذا هو حال فنلندا الجار الأقرب والمهدد الأكبر لروسيا اليوم، والتي لم تنسَ، ولم يغفل شعبها عما حوته أضابير التاريخ، والصراعات بين موسكو المركز، وفنلندا التي تبقى في إطار التخوم.
هل يمثل قرار فنلندا الخاص بالانضمام إلى حلف «الناتو» وفي هذا التوقيت المثير والخطير مفاجأة؟
ربما يكون الأمر على هذا النحو بالنسبة للعوام، أما أهل الاختصاص فقد أدركوا ومنذ عام 1995، أي حين انضمت فنلندا للاتحاد الأوروبي، أنها لم تعد محايدة؛ بل أضحت أحد أفراد الأسرة الأوروبية، وعليه فقد كان قرار الانضمام إلى «الناتو» تحصيل حاصل.
لا يمكن قراءة مشهد فنلندا بعيداً عن مراجعات التاريخ، والعلاقة المركبة، وربما المعقدة مع روسيا، فقد جثم الروس على صدر الفنلنديين لمائة عام في زمن القياصرة، ولم تحصل فنلندا على استقلالها إلا مع فوضى الثورة البلشفية عام 1917.
لاحقاً، وفي إثر الخلافات بين الروس أنفسهم والشقاقات التي جرت بها المقادير في أوساط تيارات الشيوعيين الأوائل، غزا السوفيات فنلندا عام 1939، بعد أن رفضت الأخيرة التنازل عن أراضيها.
يكاد القارئ لما جرى في تلك المغامرة الروسية أن يلحظ رجع صدى في المشهد الأوكراني، فقد توقع السوفيات أن يقابلوا مقاومة هشة من الفنلنديين، فإذ بهم يتحولون إلى وحوش ضارية خلال 4 أشهر من القتال، وعوضاً عن أن يقوم الجيش الأحمر باستعراض قواته في شوارع هلسنكي، يفاجأ بانتكاسات تؤدي إلى هزيمة 700 ألف جندي سوفياتي، فيما سمي لاحقاً بقصة «حرب الشتاء»، تلك التي اعتبرها وزير الدفاع الفنلندي، أنتوني كاكونن، حجر الزاوية في الهوية الوطنية الفنلندية، وجزءاً من التراث الفنلندي.
ولعله من المثير أن فنلندا على الرغم من ذلك الصراع، فضلت في نهايات الحرب العالمية الثانية أن تغرد خارج سرب الأطلسي، إيماناً منها بأن ذلك أمر أدعى لحفظ الاستقرار وعدم استفزاز روسيا.
أكثر من ذلك، مثلت فنلندا طوال عقود الحرب الباردة، ما يمكن أن نسميه جداراً عازلاً، يخفف من التوترات بين روسيا ودول «الناتو»، وقد قدر لها أن تستضيف في عام 1973 مؤتمراً حول الأمن والتعاون في أوروبا، ما نتج عنه لاحقاً اتفاقيات هلسنكي، وهي معاهدة دبلوماسية نجحت طويلاً في نزع فتيل الحرب والصدام بين «وارسو» و«الأطلسي».

 

ما الذي حدث وجعل فنلندا تنقلب على سابق عهدها، لا سيما في هذا التوقيت؛ حيث النيران مشتعلة بالثوب الأوكراني، وتكاد تمسك بتلابيب كثير من جيرانها؟
أغلب الظن أن اجتياح بوتين لأوكرانيا قد لعب برؤوس الفنلنديين، والذين استطلعت محطة «YALE» الوطنية الفنلندية آراءهم، وجاءت النتائج لتؤكد ذلك.
قبل اجتياح أوكرانيا بعدة أسابيع، كانت نسبة الذين يفضلون الانضمام إلى «الناتو» 53 في المائة، والرافضين 20 في المائة.
غير أنه وفي 9 مايو (أيار) الماضي، أي بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا؛ بلغ الموافقون على الانضواء تحت جناح «الناتو» 76 في المائة.
على أنه رغم الحياد الفنلندي الواضح، لم تسلم هلسنكي على مدار سنوات وعقود من إشارات روسية، يمكن اعتبارها استفزازية، من عينة اختراقات للمجالين الجوي والبحري الفنلندي، كرسائل ردع، وحتى لا تفكر هلسنكي يوماً ما في الانضمام إلى المعسكر الغربي.
تبدو اليوم مخاوف الروس وقد صارت حقيقة واقعة، وقد فضل الفنلنديون إنهاء حالة اللاسلم واللاحرب مع الروس، واقتناص اللحظة الدولية التي يعاني فيها القيصر من الحصار الدولي، للقفز في سفينة «الناتو»، بوصفها مرفأ الأمان.
يتساءل كثيرون: هل يمكن لمثل هذا الاتفاق أن يتسبب في مواجهة عسكرية مع الروس؟ ومن أي نوع؟ وهل يصل المشهد حد المواجهة النووية؟
الجواب معقد ومركب معاً، والروس في تصريحاتهم جعلوا المشهد محملاً بالغموض، فقد صرح ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئاسة الروسية، بأن الردود الروسية سوف تعتمد على كيفية حدوث هذا الانضمام، وإلى أي مدى ستتحرك البنية التحتية العسكرية لـ«الناتو»، باتجاه حدود روسيا.
ترتبط هلسنكي مع موسكو باتفاقية وُقعت عام 1992، وتنص على عدم السماح باستخدام أراضي الدولتين لشن عدوان عسكري على أي منهما.
هنا التساؤل: ماذا لو سمحت فنلندا –وغالباً ستفعل– بنشر قوات «الأطلسي» على أراضيها؟
السؤال على هذا النحو قاصر، فهناك أسلحة تقليدية قد تغمض روسيا عنها الطرف، غير أنه من المستحيل أن تقبل بقواعد نووية تكتيكية أو استراتيجية، على بعد كيلومترات منها، الأمر الذي يعني أن هناك تطوراً خطيراً يجري بالفعل.
فنلندا عضو في «الناتو»، يعني 1340 كيلومتراً من الحدود مع العدو في المنظار الروسي، وتطويق للمواني على بحر البلطيق... هل روح روسيا في أزمة؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا وفنلندا الماضي لا يموت روسيا وفنلندا الماضي لا يموت



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab