دولة فلسطينية الآن وإلا

دولة فلسطينية الآن... وإلا!

دولة فلسطينية الآن... وإلا!

 العرب اليوم -

دولة فلسطينية الآن وإلا

بقلم - نديم قطيش

 

وضعت حرب غزة الشرق الأوسط والعالم أمام حقيقة مُلحة لا يمكن إنكارها: إنشاء دولة فلسطينية على وجه السرعة.

ينطوي هذا الأمر، في حال حصوله أو عدم حصوله، على نتائج تتجاوز الحدود الإقليمية، يمكنها أن تعيد رسم المشهد السياسي العالمي برمته. من حيث لم يحتسب أحد، ألقى هذا الملف بثقله مباشرة على مسار الاستقرار الإقليمي، والعلاقات الدولية، وديناميكيات القيادة العالمية وشرعيتها بطرق لم نتصورها بعد.

لطالما اجتذبت جولات العنف المتكررة في غزة اهتماماً وتدخلاً دوليين، بيد أن الحرب الراهنة باتت تجسيداً رمزياً لكل مآلات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودفعت، على نحو غير مسبوق، إلى التفكير في حل جذري له، نتيجة قدراته الكامنة على ابتلاع كل مداميك الاستقرار في الشرق الأوسط برمته. عليه، لو تيسر للعقلاء في المنطقة وفي إسرائيل، الخروج من هذه المحنة الدامية باتفاق واضح وسريع التنفيذ على إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، فإن 3 نتائج مباشرة ستتحقق.

أولاً، سيؤدي قيام دولة فلسطينية لفتح الباب أمام حقبة جديدة في العلاقات العربية الإسرائيلية، تبني على التفاهمات وعلى مسار السلام. لقد ظهر جلياً أن كل التفوق العسكري الإسرائيلي لا يغني عن حقيقة أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، وحده ما يمكنه أن يضمن الأمن والأمان لكل اللاعبين، ويعيد تعريف التحالفات الإقليمية، ويعزز مناخ التعاون. ولا يقتصر هذا التحول النموذجي على الاعتراف الدبلوماسي فحسب، بل يشمل إعادة تنظيم أعمق للمصالح، وتعزيز العقلانية السياسية في الشرق الأوسط، بما يخدم استقراراً مستداماً ومنتجاً.

ثانياً، إن حل أزمة غزة من خلال القنوات الدبلوماسية، وتحديداً عبر القيادة الأميركية النزيهة، من شأنه أن يعيد الاعتبار لسمعة ومكانة النفوذ الغربي، خصوصاً الأميركي، في الشؤون الدولية. التدخل الناجح والعادل في غزة، والذي يؤدي إلى تشكيل دولة فلسطينية، من شأنه أن يعزز القناعة بمكانة الغرب بوصفه حارساً جديراً بالثقة لقيادة النظام العالمي.

في ضوء الأهوال التي يتابعها العالم في غزة، من قتل غير مسبوق للمدنيين، تتآكل السلطة الأخلاقية لمنظومة القيم الغربية، بشكل دراماتيكي وخطير، يهدد سلامة القانون الدولي والمؤسسات الدولية، ويجعل كل ثوابت النظام العالمي مجرد معايير مزدوجة خالية من أي مضامين.

ثالثاً، إن التوصل إلى حل في غزة، يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، من شأنه أن يجرد طهران من هذه الذريعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار نفوذها الإقليمي. ليس خافياً أن إيران استفادت كثيراً ولفترة طويلة من القضية الفلسطينية لتعزيز أجندتها الإقليمية، مبررة بها دعمها للميليشيات والجماعات السياسية التي تتبنى خطها السياسي. سيكون على إيران تالياً أن تبحث عن أجندة خارجية أخرى تستخدمها لصرف الانتباه عن فشلها الداخلي، أو يكون هذا التطور حافزاً لتصعيد قوى معتدلة وعاقلة داخل النظام الإيراني، ممن لا يريدون الغرق في أثمان المغامرات الخارجية على حساب النهوض بالدولة الإيرانية ومصالح شعبها.

وفي هذا السياق، كان لافتاً أن حرب غزة أعادت هذه السجالات إلى الواجهة، لا سيما عبر تصريحات مثيرة لوزير الخارجية الإيرانية السابق محمد جواد ظريف انتقد فيها بحدة جهات إيرانية تريد دفع البلاد للدخول في الحرب.

إن التقاعس عن العمل أو الفشل في اغتنام هذه اللحظة، لاستيلاد دولة فلسطينية طال انتظارها، يمكن أن يكون له تداعيات معاكسة وخطيرة. الفشل في استيلاد الدولة الفلسطينية سيؤدي حتماً إلى تآكل معسكر السلام بما يعنيه من مخاطر على إسرائيل والمنطقة، والمزيد من تدهور السلطة الأخلاقية الغربية بما يعنيه من تحرر القوى المارقة من ضوابط النظام الدولي، وازدياد جرأة الموقف الإيراني الرفضي، المزعزع لأمن الشرق الأوسط. إن مثل هذا السيناريو لن يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة فحسب، بل يهدد أيضاً قواعد الاستقرار في النظام العالمي.

والحال، أن فرصة المعالجة الجذرية للمسألة الفلسطينية الإسرائيلية، ينبغي أن تكون دافعاً لولادة قيادة جريئة ومختلفة في كل من إسرائيل وفلسطين. ظهور حكومة إسرائيلية في مرحلة ما بعد بنيامين نتنياهو، والتي من المحتمل أن تقدم له وسيلة للخروج من مآزقه القانونية، كي لا يستمر في الاستثمار في الحرب المجنونة لأسبابه الشخصية، يمكن أن يوفر البيئة السياسية اللازمة لإحراز التقدم. أما على الجبهة الفلسطينية، فإن تشكيل حكومة تكنوقراط بقيادة فلسطينية حديثة، تعرف كيف يعمل العالم، وتكون قادرة على تجاوز الانقسام الحالي بين مجموعتي رام الله وغزة، من شأنه أن يمهد الطريق لمسار قابل للحياة إلى إقامة الدولة، عبر إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني. يمكن للأزمة الحالية في غزة أن تكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة الصراع طويل الأمد، ويمكن تحويلها إلى منعطف حاسم ينطوي على إمكانية تغيير المشهديْن الإقليمي والعالمي، من بوابة إنشاء دولة فلسطينية.

آن الأوان لأن نكف عن النظر إلى السؤال الفلسطيني بوصفه سؤالاً أخلاقياً أو عاطفياً، وإبرازه الآن بوصفه نقطة محورية استراتيجية لأمن المنطقة والعالم. إنها فرصة تحمل وعوداً بإعادة تعريف نظام الشرق الأوسط وركائز الاستقرار والأمن فيه ومعاني الكرامة لأهله، كما يمكن عبرها إعادة التأكيد على القيم التي ينبغي لها أن تحكم العلاقات الدولية.

إنها فرصة لا يستطيع العالم أن يتجاهلها.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة فلسطينية الآن وإلا دولة فلسطينية الآن وإلا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab