فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

 العرب اليوم -

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها

بقلم - فـــؤاد مطـــر

بات لفلسطين عبَّاسان... عبَّاس محمود الذي يترأس سُلطتها المأمول تحوُّلها إلى دولة، ويتخذ من رام الله مقراً لرئاسته التي أتعب خدها الأيمن اللطم من جانب الممسكين بزمام الأمور في غزة، وكدَّم خدها الأيسر الرهان الحمساوي (بمرجعيته الإيرانية) على انتزاع الريادة فالسُلطة، وعبَّاس منصور الذي سجل مفاجأة لم تكن في الحسبان وهي أن «الحركة الإسلامية» التي يترأسها ساهمت في إسقاط نتنياهو. وعندما يصبح لهذه الحركة موقع في الحكومة اختير له منصور عبَّاس ليكون نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة ويتخصص في شؤون العرب، فهذا معناه أن ملفات عرب 1948 بما تحويه من وثائق الولادات والممتلكات والانتهاكات لن تبقى حصراً في عهدة الإسرائيلي الذي تلاعب بما في الكفاية في هذه الملفات في غفلة عين فلسطينية مسؤولة، ثم يحل منصور عبَّاس في المنصب الحساس الذي أُسند إليه، وبذلك يكون الشاهد على حقائق مخفية، وبالذات بالنسبة لألوف العقارات التي جرى الاستيلاء عليها وباتت ليهود الشتات والسُلطات الإسرائيلية.
ما نريد قوله هو أن توطيد العلاقة من جانب عبَّاس السُلطة الوطنية مع عبَّاس المشارك في الحكومة الإسرائيلية الحديثة، كفيل بتحقيق فوائد مرجوة. والذي يسهِّل حدوث هذا التوطيد أن قنوات الاتصال والتنسيق في بعض المسائل قائمة بين السُلطة والحكومة الإسرائيلية وليست بمثل الجفوة التي هي عليها العلاقة بين السُلطة الوطنية و«حماس». فهذه الأخيرة تعتبر نفسها مشروع دولة منقلبة على السُلطة الوطنية في حين تطلعات «الحركة الإسلامية» التي يمثِّلها منصور عبَّاس هي الاهتمام بالفلسطينيين الذين صمدوا وتناسلوا ودرسوا في مدارس وجامعات إسرائيلية وهو واحد من هؤلاء. ومعنى ذلك أن ما يمثِّله عبَّاس «الحركة الإسلامية» يختلف من حيث المشروع السياسي وبما يرتاح إلى ذلك عبَّاس السُلطة الوطنية.
إلى ذلك، إن عبَّاس منصور طبيب الأسنان القريب من فلسطينيي أجيال ما بعد 1948 سجَّل بما اختاره كشريك في عملية انتخابية بالغة الأهمية من حيث التحدي، إمكانية نمو «لوبي» عربي شبيه بـ«اللوبي» اليهودي في أكثر من ولاية أميركية. ومع الوقت من المتيسر في حال لقي منصور عبَّاس عدم الحذر منه، بل وتشجيعه أن يؤسس داخل دولة إسرائيل لمثل ذلك «اللوبي» الذي نشير إليه ويحقق بالتالي خطوات على طريق الإقرار بقيام دولة فلسطين عاصمتها القدس الشرقية، وهذا أقدس الحقوق التي لا تطبيع حولها وإن طال الزمن. وعندما يقول نفتالي بنيت المقتدر مالياً مما أفاده في خطْف الرئاسة بصوت واحد، إنه يتعهد بفتح صفحة جديدة مع فلسطينيي 1948، فإن تحويل القول إلى فِعْل وبتعاون صادق ومُساند من جانب أميركا بايدن، لا يعود مستعصياً.
وإلى ذلك، إن عبَّاس الشريك في الحكومة الإسرائيلية سيشجع بخطواته التي خطاها آخرون، خصوصاً أنه لم يحقق مكسب التطوير بفعل صواريخ أطلقها أو هدد بإطلاقها وإنما بفعل حَراك شعبي وخدمات أداها للناس وعدم حذر تجاهه من جانب قطبي الحكومة الجديدة التي أرست التناوب صيغة استقرار للحُكم جديدة من نوعها، وربما تصلح نموذجاً لمن يواجهون عسراً وتعقيداً في تشكيل الحكومة على نحو ما هو حاصل في لبنان، حيث هنالك تشابه جزئي لجهة الأحزاب والقوى والإرادة المخطوفة بين الحاصل في لبنان ويُستعصى حله وبين الذي كان حاصلاً في إسرائيل وأمكن فك طلاسمه وبحيث بات التوافق يستوجب تقاسم رئاسة الحكومة. وما نعنيه بالصيغة الحكومية الجديدة، حكومة التناوب بحيث يرتضي الحليفان الصيغة بكامل الرضى، يضاف إلى ذلك أنها تقطع الطريق على البقاء الطويل وإلى درجة أن ترؤس الحكومة يتحول إلى مستوطنة على نحو ما حصل مع نتنياهو الذي من طول بقائه رئيساً للحكومة لم يعد يتحمل فقدان المنصب بعد خمس عشرة سنة قضاها مترئساً، وأن صحوة سياسية حدثت وقضت بأن يشارك طرفان الحكومة ويشرِّعان أبواب النوايا غير الشريرة أمام طيف عربي شاءت الظروف أن يكون في الوقت نفسه من التيار الإسلامي.
لقد طُويت صفحة نتنياهو على نحو طي صفحة الرئيس دونالد ترمب. وبطي هاتيْن الصفحتيْن تتراجع بعض الشيء التعقيدات فيما يخص الموضوع الفلسطيني العاثر الحظ، وهذا هو المأمول من رئاسة بايدن ومن رئاسة التناوب في إسرائيل. وعندما لم يوجه الرئيس بايدن الدعوة إثر فوزه إلى نتنياهو لزيارة واشنطن بينما سارع إلى احتضان بنيت عندما اتصل به على الفور بعد أداء اليمين (الأحد 13 يونيو/ حزيران 2021)، فهذه كانت إشارة إلى ذوي الألباب الإسرائيليين كما العرب بأنه يتمنى ضمناً انصراف نتنياهو وعلى نحو انصراف عهد خلَفَه من قبل، دونالد ترمب. ومثل هذه المشاعر يمكن قراءتها بين سطور كلام قاله مايك بومبيو وزير خارجية السنوات المؤذية للعرب من جانب الحقبة الترمبية. فهو في خطوة سبقت حسم مصير نتنياهو تصرَّف هو الآخر على أساس أن نتنياهو لا بد سيبقى في موقعه رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وأن بقاءه سيشكل عنصر إقلاق لإدارة الرئيس بايدن؛ الأمر الذي يساعد في جانب من ذلك ترمب الذي لم يقطع الأمل في خوض معركة الرئاسة بعد أربع سنوات أو أقل لدواعٍ ليست في الحسبان. أما الذي قاله بومبيو ولصحيفة «يديعوت أحرونوت» بالذات لتعميم الكلام على يهود إسرائيل (الخميس 10 يونيو 2021)، قبل ثلاثة أيام من التصويت على إسقاط عهد نتنياهو، فكان التالي: «خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة لم يكن موقف بايدن صارماً ومطلقاً. إن إدارة الرئيس ترمب كانت ستفعل بشكل مختلف. كنا سنوضح فوراً دعمنا لإسرائيل من دون تحفُّظ». كلام لمصلحة إسرائيل نتنياهو وليس لإسرائيل ذات رئاسة التناوب التي هنالك بعض التفاؤل في ضوء إشراك منصور عبَّاس الإسلاموي واثنيْن معه فيها، في أن تسجل إدارة بايدن خطوة تصحيح لما خطاه ترمب. والاتخاذ المأمول لخطوة التصحيح تلك يحتاج إلى تعاون عبَّاس رام الله مع عبَّاس فلسطين 1948، ودعوة الاثنيْن فلسطين التائهة الشاردة في غزة إلى الصراط المستقيم. وبذلك تكون الخطوة المتكاملة بمثابة التجربة الأكثر جدوى من سائر تجارب مضت في مسيرة النضال الفلسطيني. والله المعين.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها فلسطين الشاردة بين عبَّاسيْها



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
 العرب اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab