لا إغضاب ولا غضب

لا إغضاب... ولا غضب

لا إغضاب... ولا غضب

 العرب اليوم -

لا إغضاب ولا غضب

بقلم - فـــؤاد مطـــر

ها هي صيغة الوفاق السعودي - الإيراني تصبح أمثولة بعد خطوات دبلوماسية متأنية، ووفْق رؤية واقعية رسمت معالمها القيادتان في كل من الرياض وطهران، وعين صينية ساهرة تقابلها عين بايدينية جاحظة. وهذه الصيغة إياها تأخذ في الاعتبار أن الحُكم المستقر هو في الحاكم المتطلع إلى نهوض للدولة في معظم المجالات، وعلاقة متوازنة مع دول العالم وبشكل خاص مع دول الجوار والإقليم عموماً. وبمعنى أكثر وضوحاً أن يتفادى هذا الحاكم غضب الآخر بتفادي إغضابه بتدخلات مستترة وعلى الملأ السياسي والحزبي أحياناً.

وبقدْر ما نتمناه للأمثولة أن تتكرس ويأخذ بها الذين أخذت الخلافات والأزمات المستحكمة من واجبات أهل الحكم تجاه الوطن والشعب، فإننا نتمنى أن يكون لدى الرئاسة الإيرانية الكثير من التأمل بواقعية للأجواء الناشئة عن ذلك الوفاق الذي تتواصل خطواته، فلا يرمي مسؤول إيراني من هنا وآخر من هناك في ساحة التوافق المستجد الرحب ألغاماً كلامية على نحو ما فعل ذلك وزير العمل الإيراني سيد صولت مرتضوي، الذي قال في تصريح: «إن لبنان جزء من الأمة الإسلامية والدفاع عنه بمثابة الدفاع عنها...»... وتلك نظرة تتجاوز واقع الصيغة اللبنانية الطوائفية الإسلامية - المسيحية المسلَّم بها من الدول العربية والإسلامية بما في ذلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. كما نتمنى ألا تُحوِّل مسألة الحقل البحري الغني بالغاز والمسمى حقل «الدرَّة» إلى أزمة في حال عدم الإقرار بأحقية كويتية - سعودية لهذا الحقل، والتمسك بتصريحات تتسم بالتلويح أكثر من الجزم من جانب مسؤول إيراني سمَّى الحقل بالفارسية (أرش) بدل التسمية العربية (الدرَّة) بمعناها الذي أشبه بالجوهرة. وهذه الخطوة التي هي بمثابة التأهب لموقف أكثر تشدداً تجعلنا أمام حالة عالقة، مضافة إلى حالة الجُزر الإماراتية الثلاث التي تتمسك الجمهورية الإيرانية باحتلالها رغم كثرة التمني المتعدد الأصوات عليها بالجلاء عنها وترْكها لأصحاب الحق فيها.

ربما الذي يغري إيران في موضوع هذا الحقل ثروة الغاز التي تُحقق للدولة عوائد تخفف من وطأة الالتزامات الثورية المتعددة الأذرع، وربما ترى في عوائد «الدرَّة» ورقة في جولات الأخذ والرد غير المحسومة في الشأن النووي، بمعنى أن تخفف الدول الأوروبية مسايرتها للإدارة الأميركية في موضوع العقوبات والأرصدة المحتجزة.

لكن أياً كانت الاعتبارات، فإن عدم انتهاج المرونة من جانب أهل الحكم الإيراني في موضوع حقل «الدرَّة» الذي ما زال في بداية المخاوف، من شأنه التأثير السلبي على أجواء وفاق خليجي - إيراني ما زال طري العود.

ويحضرنا هنا للمناسبة ومن باب التذكير تلك الزيارة التي قام بها إلى إيران في مثل هذه الأيام، أول يونيو (حزيران)، من عام 2014 أمير الكويت (الراحل) الشيخ صباح الأحمد الصباح، وارتياح أهل الحكم الإيراني لهذه الزيارة، وقول الشيخ صباح للرئيس حسن روحاني تدليلاً لصدق النوايا: «إننا في الكويت نأمل بتعزيز الشراكة معكم». ولقد استقرت هذه الشراكة إلى أن عكَّر الصفو توتر دبلوماسي عابر حدث احتجاجاً على احتضان الكويت «مؤتمراً للمعارضة الأحوازية وتقديم درع مجسَّم لمجلس الأمة لرئيس الوفد المترئس مؤتمر المعارضة تلك، وهو الدرع الأول الذي يتم تقديمه من مجلس الأمة الكويتي المنتخَب منذ أيام. لكن بالحكمة والتفهم أمكن تجاوز الإشكال الذي لم يأتِ من الحكومة، وإنما من برلمان مشاكس بطبعه. لعل ذلك يصيب الأزمة المحتملة الحدوث... أزمة حقل الدرَّة».

في السياق نفسه، تأخذ الخطوات المتدرجة بين مصر السيسي وتركيا إردوغان المنحى المشابه لخطوات الوفاق السعودي - الإيراني. ومع أن التباعد الذي ساد العلاقة بين النظاميْن كان كثير التعقيد، فإن الأخذ بالتفهم من جهة وانحسار الجنوح الإردوغاني نحو أدوار تمس سيادات دول أُخرى أهمها مصر فسوريا والعراق، جعل أسباب التباعد تتراجع... إنما على قاعدة التأكد من نتائج اختبار النوايا. ثم جاءت ترويضات الجماعات الإخوانية التي بدت على مدى خمس سنوات إردوغانية استضافة ورعاية وإعاشة كما لو أنها «الجمهورية الإخوانية المستعادة» ﻟ«جمهورية مصر العربية»، تشجع على مقابلة خطوة من جانب الرئيس إردوغان بمثيلة لها من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي. وهكذا خطوة تلي خطوة، مع تأكيد للنوايا الطيبة استؤنفت العلاقات الدبلوماسية على مستوى سفير بعد قطيعة دامت عشر سنين، وربما يمهد تتويج حالة التوافق المستجدة لقمة مصرية - تركية تتبادلها العاصمتان القاهرة وأنقرة. وباتت أبواب الدولتيْن سياحياً وتجارياً مفتوحة أمام مواطني البلديْن... إنما لا يلغي ذلك بقاء الحذر المصري على درجة من اليقظة لأن تجربة التعامل مع «الإخوان» من مهجرهم التركي تتطلب على ما تؤكد الصدمات ذلك، التنبه في أقصى درجاته.

ولا ينحصر الأمر عند هذا الحد، ذلك أن انشغال البال المصري من الاندفاع التركي في ليبيا ما زال قائماً، وسيبقى في حالة التنبه إلى أن تتأكد مصر أن برنامج التعاطي الإردوغاني مع ليبيا قبل فوز الرئيس إردوغان بولاية رئاسية جديدة وأخيرة (إذا اقتنع) هو غيره ما بعد الفوز. بل من الجائز القول إن الهموم التركية الناشئة عن مضاعفات كارثة الزلزال من جهة، والضنك الذي يواصل إخفاضاً في سعر الليرة مقابل الدولار من جراء سياسات اقتصادية تستوجب التصحيح من جهة أخرى، باتت أو هي في الطريق تتقدم على اهتمامات ما قبل ذلك، يوم كانت تركيا الملاذ والمعين لأطياف حزبية تروم استعادة الحكم في مصر والإمساك بالإرادة السياسية في ليبيا. كما أن حالة صفاء مستجدة في العلاقة من جانب الإدارة الأميركية ودول الحلف الأطلسي تشكل اكتمال رسم اللوحة الجديدة لتركيا بطبعتها الإردوغانية.

خلاصة القول، إن العالم العربي بقطبيْه المصري والخليجي أمام حالتيْن غير محسومتيْن، وبحيث تسود الطمأنينةُ النفوسَ فلا يعكر الصفو أي تعكير متعمد من جانب معكِّرين. وأما الحسم فمن خلال إثراء قاعدة لا إغضاب... ولا غضب، واعتمادها خطاً ثابتاً للتعامل. مع الأخذ بالمثل السائد: القناعة كنز لا يفنى... في المال والسُّلطة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا إغضاب ولا غضب لا إغضاب ولا غضب



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab