مستنهِض الضاد

... مستنهِض الضاد

... مستنهِض الضاد

 العرب اليوم -

 مستنهِض الضاد

بقلم : فـــؤاد مطـــر

 

هذا الاستنهاض للضاد المتمثل بـ«مجمع الملك سلمان للغة العربية» زادنا أملاً بالحق يسود ضد الباطل ونحن نودّع سنةً لا أعاد الله على الأمتين ويلاتها؛ لأنها كانت سنة التدمير والتجويع والإبادة في غزة ولبنان من جانب إسرائيل نتنياهو والذين شدوا من أزره ولم يضعوا حداً لهمجيته. ومن أحدث إنجازات الاستنهاض إطلاق قناة تعليمية باسم «العربية للعالم للأطفال». وهذا يذكِّرنا بأفكار واقتراحات للدكتور حسن الشافعي، رئيس «مجمع اللغة العربية»، باستعمال اللغة العربية في جميع وجوه النشاط الرسمي للوزارات والمصالح اليومية.

ومثل هذه المطالبة جديرة بالاهتمام بكل دولة عضو في الجامعة العربية المأمول منها استحداث إدارة ينحصر اهتمامها باللغة العربية، بل ولعله جدير بالاهتمام إذا عقد وزراء الثقافة والتعليم في الحكومات العربية دورة لهم مثل سائر الدورات، ويناقش هؤلاء الظواهر المتصلة باللغة العربية. وفي الزمن الذي اختلط اللفظ بالعربية إلى جانب لغات أجنبية وتحديداً الإنجليزية والفرنسية؛ فإنه بات التنبه مطلوباً لحماية اللغة العربية. وهذا هو المأمول من مبادرات تصدر عن مقامات عربية ذات الشأن حول اللغة العربية على نحو «مجمع الملك سلمان للغة العربية» الذي نفترض أنه استحضر من الزمن العربي التألق المبهر للضاد في الزمن الأندلسي الغابر وكيف أن باباوات الفاتيكان كانوا يقصدون الأندلس لتعلُّم العربية، وأن مفكراً بريطانياً (روجر بيكون) نُقل عنه قوله: «إن من يتعلم العِلم يجب أن يتعلم اللغة العربية». كما نفترض أن اهتمام أمير الشارقة الشيخ سلطان القاسمي يعزز شأن لغة الضاد. ومن مبادرات الشيخ سلطان في هذا الشأن استكمال إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية.

ثمة قضايا ملحّة يتطلب الاهتمام بها ونفترض أن «مجمع الملك سلمان للغة العربية» سيعيرها من الاهتمام القدر الذي يرى فيه حماية اللغة من حماية الوطن. وما دامت الضاد هي اللغة التي نزلت آياتها على الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم - وثمة محاولات من أطراف إسلامية لكي تختلط أبجديتها بأبجدية لغة القرآن الكريم، فإن الاهتمام لا يعود مجرد حالة من جملة الحالات في هذا المجتمع العربي أو ذاك، وإنما هو واجب بل وأمانة، خصوصاً في عهدة أولياء الأمر.

وكوني أحد كتَّاب الرأي في «الشرق الأوسط» فإنني منذ بدء الانتساب إلى صحيفة العرب الدولية أبعث بمقالتي التي يأخذ التشكيل ضمة أو كسرة أو فتحة أو سكون طريقه إلى بعض الكلمات، وبالذات التي تحمل معنى غير المقصود وروده؛ وذلك لتفادي قراءة هذه الكلمة على نحو ما يحدُث مراراً مع قارئي نشرات الأخبار في الفضائيات وتصريحات يدلي بها مسؤولون. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ثمة كلماتٍ ذات معنييْن ومن الأفضل في هذه الحال اعتماد تشكيل الكلمة لتفادي الخطأ في المعنى المقصود. ومن هذه الكلمات «طبقاً» التي عند وضْع كسرة تحت الطاء وسكون فوق الباء فإن معناها يختلف تماماً عما إذا نحن وضعْنا فتحة فوق الطاء ومثيلتها فوق الباء. الطبق هنا صحن، أما بكسر الطاء فإن معناها الاستناد إلى أمر ما... إلخ.

لن نضيف المزيد من كلمات الضاد التي تحمل من دون التشكيل معنييْن فهي كثيرة، وهي في ذلك تتميز عن سائر لغات العالم على ما يجوز الافتراض. وقد نجد من يرى أن عدم التشكيل هو بمثابة تخفيف أثقال عن الكلمة. لكن عندما تحمل الكلمة معنييْن فهذا يعني أن التشكيل لبعض الكلمات التي تحمل معنييْن هو نوع من التجميل للضاد، أو إذا جاز القول هو «مكيجة» لبعض الكلمات. ومن جانبه، أضفى الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبد العزيز في فترة إمارته المدينة المنورة جمالية تراثية على كلمات مختارة من الضاد تجسدت في تحويلها من جانب خمسين خطاطاً لوحاتٍ فنية وبما يؤكد أهمية اللغة العربية حروفاً وتشكيلاً ونطقاً وجمالية.

ثمة الكثير من التأملات في هذا الذي نكتب حوله، لكن عندما تكون اللغة هي الهوية وهي «قضية أمن قومي» على حد توصيف الأمير تركي الفيصل لها، كما على حد قول صالح بلعيد، رئيس «المجلس الأعلى للغة العربية» في الجزائر، بأن العربية الفصحى بالتشكيل الذي نشير إليه «تستطيع مواجهة العولمة اللغوية»، يصبح من الطبيعي إعادة التأمل في واقعها الراهن خصوصاً أن سنوات من الاستعمار والانتداب عصفت بأحوال الأمة واستهدفت من جملة استهدافاتها اللغة العربية. ونستحضر هنا على سبيل المثال لا الحصر حملة التعريب التي لم تكتمل فصولاً في الجزائر وما أحدثتْه فرنسا على مدى قرن من الاستعمار لها، وبالذات في فرنسة اللسان العربي. حدث ذلك في زمن مضى وها هي اللغة العربية تأخذ مداها في المجتمع الجزائري، كما أن تعريب بعض الكلمات المتداولة وقد دخلت المجتمعات عصر الذكاء الاصطناعي مرشح لأن يكون حاضراً في مصطلحات كثيرة وعند استعمال كلمات مثل كلمة «إنترنت» بحيث تصبح «شابكة» وكلمة «كمبيوتر» بحيث تصبح «حاسوب».

وهكذا، فالأمة على موعد مع المزيد من الإضاءة للغة العربية بحيث تأخذ مداها في رحاب «مجمع الملك سلمان للغة العربية» وسائر المجامع العربية والإسلامية.

arabstoday

GMT 19:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 10:57 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 10:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 10:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 10:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 10:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 مستنهِض الضاد  مستنهِض الضاد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:16 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
 العرب اليوم - نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab