مبادرة التمني على أمل التبني

مبادرة التمني على أمل التبني

مبادرة التمني على أمل التبني

 العرب اليوم -

مبادرة التمني على أمل التبني

بقلم - فـــؤاد مطـــر

باستثناء عظات وتمنيات تصدر من معظم رجال الدين في لبنان من أجْل إخراج «يوسف» من البئر التي رماه فيها رموز العمل الحزبي والحركي والتياري، ومعهم لاحقاً رموز التمثيل الشعبي النسبي، باعتبار أن نواب البرلمان يمثلون فقط مَن انتخبهم وليسوا ممثلي الشعب كما التعريف، فإن هذا الرمز الذي يمعن أولئك الحاسدون العابثون في إهانة كبريائه قابع في البئر في انتظار مَن ينتشله.
زيادة في التوضيح إن هذا ا«يوسف» هو لبنان الذي يتعاطف الأغراب مع الذي أصابه أكثر بكثير من اهتمام القيادات والزعامات السياسية والحزبية. وأحدث هؤلاء الأغراب الدبلوماسي العريق أحمد أبو الغيط، صديق محب للبنان ومتعاطف معه يوم كان وزيراً للخارجية ثم بعدما هو يشغل منصب الأمين العام للجامعة العربية. وهذا التعاطف الجزئي يندرج ضمن التعاطف الأشمل من جانب مصر التي على مدى رئاستها الجمهورية، وقبل ذلك في عهد الملك فاروق وقمته العربية الأولى في أنشاص (28 - 29 مايو/ أيار 1946) وما كان يرويه لنا الرئيس اللبناني الشيخ بشارة الخوري بعدما كان، بات من السابقين بادئاً التحبير في سرد مذكراته عن التعاطف الملكي الذي لقيه خلال مشاركته في القمة الفاروقية، هو الدليل على ما نقول.
في الوقت الذي كان أكثر قارعي جرس التنبيه والنصح، وأحياناً التحذير في أبعد مدى، البطريرك الماروني بشارة الراعي، يقول في عظة الميلاد «إن الكبرياء تمنع السياسيين من التلاقي والتحاور من أجْل الخروج من أزمة انتخاب رئيس فيما أنين الشعب الجائع والمقهور لا يبلغ آذان قلوبهم وضمائرهم، أين هم من وجه الرحمة الذي انكشف لنا في الميلاد»... في الوقت نفسه كان الكلام الطيِّب الذي صدر عن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ما زال حاضراً في المشهد اللبناني المتزايد تعاسة. وكانت هنالك تمنيات بأن تتم ترجمة إعلان الأمين العام استعداد الجامعة العربية لتسهل الحوار بين مفتعلي الأزمة والتهاون إلى درجة الاستهانة بانتخاب رئيس تزامناً مع تشكيل حكومة تدير شؤون البلاد ومصالح العباد.
ومن جانبه وضع الأمين العام أحمد أبو الغيط الحريص وبما يمثل، وكذلك بما هي مشاعره، ما يشبه موجبات الحوار يتم في رحاب الجامعة، وذلك من خلال كلمات من نوع ما قلّ ودلّ وهو في بيروت على مقربة أمتار جنوبية، حيث مقر الأمين العام الآخر، ومثلها شرقية وشمالية حيث شأن الزعامتيْن المارونيتيْن أهم لجهة التعطيل من شأن الزعامة الراعية الروحية الساعية لإنقاذ لبنان بالتفاهم على ما يرضي الله ويترجم قول السيد المسيح «مَن احترم أباه طالت أيامه فإن بركة الأبوة توطد بيوت البنين» (الأب هنا هو الوطن لبنان). وموجبات الحوار، كما أوجزها أبو الغيط هي: أن الظرْف الدولي المضطرب يفرض على مختلف القيادات السياسية اللبنانية تجاوز كل الانقسامات واحتواءها. كما أن الحفاظ على السلم الأهلي واجب على كل لبناني في هذه الظروف الدقيقة. ويتعين أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة ومباشرة بين جميع القوى والتيارات السياسية مع استعداد الجامعة أتم الاستعداد للقيام بما يطلب منها في هذا الصدد....
حتى إذا كانت المبادرة الكلامية إلى إشعار آخر من جانب الأمين العام للجامعة العربية موقفاً شخصياً، فإن مصلحة أطراف التعطيل التقاط هذه اللحظة قبل أن تتطاير في سماء العلاقات العربية المتأزمة وعلى نحو ما هو حاصل في تونس التي لا يتقي المعارضون الله ويتم تسهيل الأمور أمام رئيس يريد إصلاح الحال، وكذلك على ما هو حاصل في السودان حيث تحولت الأزمة إلى ما يجوز تشبيهه بالمشهد الكارتوني المتمثل «مطاردة توم وجيري» مع حفظ مقامات أهل الحكم العسكريين وأهل المعارضة (المدنيين)، وعلى ما هي لا تتوقف محاولة تعطيل لكل تصحيح في التوجه السياسي في العراق لجهة إضفاء المزيد من الملمح العربي على العلاقة مع الدول العربية وبما لا يجعل كفة موقف الميليشيات الإيرانية الهوى والعقيدة والتسلح هي الأعلى. حدث هذا مع رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي فكان تعطيل سعيه، وهذه في المشهد محاولة مماثلة لوقف توجه رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني نحو تعزيز الانفتاح على الأشقاء العرب ومحاولة ترويض الموقف الأميركي من العراق، عطفاً على إعادة إحياء محاولة ترطيب الأجواء السعودية - الإيرانية، وهذا حدث سعي في شأنه خلال «مؤتمر بغداد 2 للتعاون والشراكة» بنسخته الثانية (الثلاثاء 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022) بمشاركة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والذي استضافه الأردن وتم فيه تأكيد دعْم العراق في مواجهة جميع التحديات، فضلاً على تمنيات فرنسية على العراق للابتعاد عن التدخلات الإيرانية.
ولكَم كان مدعاة للأسى أن سوريا البشارية المحاددة أكثر من غيرها من دول المنطقة للأردن مغيَّبة عن المؤتمر. وهذا التغييب بمثابة لفت انتباه للرئيس السوري بأنه قد آن الأوان لكي يخطو على الأقل كما الخطو العراقي في موضوع العلاقة مع إيران وبما يجعل الأشقاء العرب يساعدون على إعادة سوريا بالتدرج إلى سابق عهدها أو بعض هذا العهد، بحيث لا تعود سياستها رهن إرادة إيرانية أودت بسوريا الرقم الفاعل في النهج العروبي إلى سوريا غير المرحب بالتعامل معها. وفي هذا الصدد لا بد أن المواطن السوري الذي اصطفّ بؤساً إلى جانب المواطن اللبناني يتساءل في لحظات الاكتئاب: لماذا يمكن لرئيس حكومة العراق اكتساب ثقة الدول العربية، وبالذات دول الخليج، ويعبِّر عن ذلك بمواقف لا تريدها إيران، فيما لا يفعل ذلك الرئيس بشَّار، الذي لو هو فعل لكان اصطفّ في مؤتمر «بغداد 2» في عمان إلى جانب الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس ماكرون وولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبد الله وممثلي قادة دول الخليج، ولكان حضوره سيبدو بمثابة تأشيرة للعودة إلى الخيمة العربية يؤدي في جلسات مؤتمراتها وفي زيارات متبادلة ما يعيد سوريا إلى سابق رونقها.
هنا يجوز القول إن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في مبادرته لمساعدة لبنان على استضافة رموز تعطيل أحواله، ومنها انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة، إنما يرى أيضاً حاجة سوريا إلى حوار بين أطراف قواها التي جعلت الوطن الواحد أوطاناً متناثرة، فشلت جولات المحادثات في جنيف في حسْمها، ربما لأن الذين يشرفون على الحوار لا يريدون نهاية ترضي الجميع.
وكما يجوز القول، فإنه يجوز التمني بتحويل مبادرة الأمين العام للجامعة لمساعدة الأطراف اللبنانية على الحوار إلى التبني من مجلس الجامعة وبتوجيه من الملوك والرؤساء والشيوخ، وبذلك تأخذ المنحى الرسمي، كما بذلك تطوى صفحة من كتاب الأزمات المستعصية وتستقيم الأحوال ربما في العام 2023 بعدما لم ننعم بهذه الاستقامة في العام 2022. وعلى الله الاتكال لتيسير الأمور.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة التمني على أمل التبني مبادرة التمني على أمل التبني



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:58 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب
 العرب اليوم - نانسي عجرم تكشف تطورات فيلمها الجديد مع عمرو دياب

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab