الغنوشي وتحدي الدولة

الغنوشي وتحدي الدولة

الغنوشي وتحدي الدولة

 العرب اليوم -

الغنوشي وتحدي الدولة

جبريل العبيدي
بقلم - جبريل العبيدي

موجة غضب في البرلمان التونسي على الغنوشي زعيم حركة «النهضة» الإخوانية، طالته بالاتهامات بالتبعية للخارج، وانتهاك السيادة الوطنية، مهددة بسحب الثقة وإسقاط رئاسته للبرلمان التونسي؛ «الحزب الدستوري الحر» جمع 73 توقيعاً لسحب الثقة، وقال الأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» غازي الشواشي، «إن زيارة الغنوشي إلى تركيا بصفته الرسمية رئيس مجلس نواب دون المرور عبر القنوات الرسمية هو ضرب للسيادة الوطنية»، ووصف الزيارة بـ«الدبلوماسية الموازية»، التي من شأنها أن تسلب صلاحيات رئيس البلاد، الأمر الذي يعتبر خرقاً دستورياً فظيعاً قام به راشد الغنوشي.
الغنوشي، الذي لم يستطع التخلص من كونه رئيس جماعة أو حركة ليندمج في منصبه الجديد رئيساً لبرلمان تونسي لكل التونسيين، لم يستفد من أخطاء مرسي العياط، في التخابر مع الخارج، فرئيس برلمان لا يمكن له أن يقابل أي شخصية قيادية أجنبية إلا بعلم البرلمان، ومشفوعاً بوجود بعض أعضاء البرلمان معه، أما أن يتحول إلى رئيس حركة وهو رئيس البرلمان، فالذنب والخطأ أكبر فداحة، فتبرير الغنوشي كان فادحاً حين برر سفرته المفاجئة لمقابلة إردوغان؛ زيارة مفاجأة وعاجلة إلى تركيا بعد ساعات من سقوط حكومة الحبيب الجملي، رغم تبرير الغنوشي لها بالقول إنه قابله بصفته الحزبية، لا كرئيس للبرلمان، يجعل منه في مأزق آخر، هو أنه ليس رئيساً لبرلمان كل التونسيين، بل هو رئيس جماعته، كما كان مرسي العياط في قصر الاتحادية رئيساً لجماعته، لا رئيساً لجميع المصريين.
سقطة الغنوشي كارثية بجميع المقاييس، ولا يضاهيها ويتفوق عليها سوى مقابلات وسفريات خالد المشري، رئيس ما يسمى «مجلس الدولة» في ليبيا، الذي أقام جسراً جوياً بينه وبين إردوغان والغنوشي وقطر، ممثلاً لجماعته جماعة «الإخوان المسلمين»، دون أن يستشير أحداً سوى جماعته.
التجارب المحدودة لجماعات الإسلام السياسي في السلطة تؤكد أن الولاء لديهم للجماعة، وأنهم لن يستطيعوا تمثيل أمة أو شعب، لأنهم اعتادوا على تمثيل جماعة وتنظيم يجمعهم، وأفقدهم الإحساس بالسيادة الوطنية والانتماء الجغرافي للوطن ضمن حدود جغرافية محددة، وذلك مرده لكونهم ينتمون لتنظيم وجماعة عابرة للحدود وللقارات، ولا تمثل الجغرافيا والحدود لها أي معنى، ما ينسحب بذلك على انتهاك للسيادة الوطنية.
الأزمات تحاصر الغنوشي وحركة «النهضة»، منذ استقالة أمينها العام زياد العذاري؛ تصدع وانشقاق وانقسامات في بيتها الداخلي بين جيل شيوخ «النهضة» وشبانها الجدد. صراع أجيال داخل حركة «النهضة»، التي تواجه أزمة ثقة داخلياً وخارجياً، بسبب أزمات كثيرة، ليس آخرها الاتهام بجود جهاز سري مسؤول عن الاغتيالات، رغم نفي الحركة المتكرر لوجود هذا الجهاز.
تمجيد الغنوشي للحقبة العثمانية، سنان باشا، الذي وصفه بمحرر تونس، وتناسي أن العثمانيين كانوا مستعمرين لبلاد العرب في ثوب إسلامي، جعله في مأزق آخر أمام الشارع والبرلمان التونسي، الذي يرفض خطاب الغنوشي المشبع بالغرام التركي الذي لا يمكن تفسيره بمعزل عن التقاء حركة «النهضة» بحزب «العدالة والتنمية» التركي، وكلاهما «إخواني» الهوى والمعتقد والفكر.
اجتماع الغنوشي بإردوغان كان سقطة كبيرة للغنوشي، جعلته في ورطة، وفتح الملف أمام حجم التدخل التركي في الشأن التونسي، خصوصاً في ظل الزيارة المفاجئة التي قام بها إردوغان لتونس، التي لم يعلن عنها إلا قبيل ساعات من حدوثها، والتي رتب لها الغنوشي، وكانت لأجل طلب إردوغان موطئ قدم أو قاعدة أو تسهيل عبور قواته وجنوده، وحتى مرتزقته إلى ليبيا، بعد أن كان إردوغان جاهراً بالتدخل العسكري واحتلال ليبيا.
رغم نفي الرئاسة التونسية لوجود أي اتفاق، ولو سري، مع تركيا إردوغان بشأن منح موطأ قدم لجنود إردوغان للتمركز في طريقهم نحو غزو ليبيا، إلا أن ملف الزيارة كان من بين الملفات التي قد تتسبب في سحب الثقة من الغنوشي بسبب لعنة إردوغان.

arabstoday

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

GMT 01:23 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغنوشي وتحدي الدولة الغنوشي وتحدي الدولة



نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 09:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
 العرب اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف
 العرب اليوم - أعشاب تساعد على خفض الكوليسترول خلال فصل الصيف

GMT 10:25 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة
 العرب اليوم - انقطاع شبه كامل لخدمات الإنترنت عن شمال غزة

GMT 01:15 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل... رسائل النار والأسئلة

GMT 23:23 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

الاحتلال الإسرائيلي يقتحم جنوب نابلس

GMT 21:10 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

وفاة المخرجة إليانور كوبولا عن عمر 87 عاماً

GMT 07:47 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

مصرع 12 شخصاً وفقدان آخرين جراء أمطار سلطنة عمان

GMT 10:18 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

الخطوط الجوية الهندية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب

GMT 16:34 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

سيمون تكشف عن نصيحة ذهبية من فاتن حمامة

GMT 08:04 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إصابة 17 مشجعاً إثر حادث تصادم جماعي في بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab