من المستفيد من الأزمة الاقتصادية

من المستفيد من الأزمة الاقتصادية؟

من المستفيد من الأزمة الاقتصادية؟

 العرب اليوم -

من المستفيد من الأزمة الاقتصادية

بقلم: حسين شبكشي

لم يعد خافياً على أحد أن العالم يمر اليوم بأزمة اقتصادية خانقة يعيد الخبراء أسبابها إلى الآثار الكبيرة الناتجة جراء تفشي جائحة «كوفيد – 19» في العالم، وما تسببته في إغلاق للأسواق التجارية وأزمة غير مسبوقة فيما يخص سلاسل الإمداد للسلع حول العالم، وكذلك أيضاً النتائج السلبية جداً الذي أسفرت عن الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وهي الحرب المدمرة التي لا تزال مفتوحة من دون نهاية لها في الأفق حتى الآن، وأدى كل ذلك إلى حدوث حالة تضخم كبرى ساهمت بشكل أساسي في الرفع المهول لأسعار السلع الأولية والخدمات بشتى أنواعها في مختلف دول العالم، وبات هناك دول تواجه خطر الإفلاس التام الذي حصل في سيريلانكا ويواجه لبنان.

ويعود الاقتصاد بقوة إلى واجهة المشهد السياسي ليؤكد مقولة جيمس كارفيل، المستشار السياسي للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي قال «إنه الاقتصاد يا غبي»، وتحولت بعدها هذه الكلمات إلى ما يشبه مكالمة إيقاظ لتنبيه الناس لأهمية التركيز على الجوانب الاقتصادية حين قراءة أي مشهد سياسي معقد.
وعليه، يبدو بديهياً ضرورة التمعن في قراءة وتحليل المشهد الاقتصادي الحالي ومعرفة حقيقة من لديه الأدوات والوسائل، وبالتالي الخيارات الواسعة التي تتيح له سعة التصرف والتأثير. عندما بدأت الجائحة قامت الولايات المتحدة بطباعة ما يزيد على سبعة تريليونات من الدولارات في فترة قصيرة حتى شكل إجمالي ما تم طبعه ما يفوق على 40 في المائة من إجمالي النقد الدولاري في العالم، وقد قامت أميركا بذلك لتعزيز السلاح الأعظم في ترسانتها وهو الدولار، بحيث يصبح متاحاً بشكل أكبر وفوري لكل دول العالم ويزيد من حصته في سوق التجارة ورأس المال العالمي.
واليوم يراقب العالم كل تصريحات محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي بدقة وتمعن واهتمام، ويترقبون القرارات الصادرة منه.
واليوم مع التوجه الصريح من هذه المؤسسة باتجاه الرفع المتواصل لنسبة الفائدة على الدولار لدواعي مواجهة كابوس التضخم المؤذي، وهي مسألة يتفق عليها أغلب خبراء الاقتصاد، إلا أنه توجد مكاسب جانبية تحصل لمصلحة الاقتصاد الأميركي لا يمكن الإقلال من أهميتها ولا الاستهانة بها. لعل أبرزها هي القوة الإضافية التي حصل عليها الدولار الأميركي بعد قرار رفع الفائدة، وهي لجوء الكثيرين من المستثمرين حول العالم إلى استخدامه كملاذ آمن؛ مما رفع من قيمته بشكل هائل مقابل العملات الأخرى، وهو الذي مكّن كل مشترٍ أو مستثمر بالعملة الأميركية من الحصول على أصول قيمة جداً بأسعار منافسة للغاية.
المواجهات السياسية بين الدول لا تنحصر في تقييم القدرات العسكرية لها فحسب، ولكن في الكم العددي والنوعي من الأدوات والوسائل التي توظف لأجل تقوية وضع الدول اقتصادياً وتوسيع فجوة المنافسة مع غيرها. واليوم نرى الولايات المتحدة وهي تستغل جزءاً مهماً جداً من أدواتها ووسائلها لتقوية عملتها وبالتالي جلب أكبر حجم ممكن من الاستثمارات العالمية بالدولار الأميركي.
الولايات المتحدة تدرك تماماً أن التهديد الحقيقي لها ليس بقوة عسكرية رادعة من الصين أو روسيا، ولكن التهديد الأكبر لها سيكون بوجود عملة عالمية قوية جداً ومعتمدة من خصومها وتحديداً من الصين، وهي المسألة التي تبدو حتى الآن بعيدة المنال وصعبة التحقيق، وأول من يدرك ذلك هي الصين نفسها لأنها لا تزال تعتمد وبشكل كبير للغاية على العملة الأميركية في تعاملاتها التجارية بحكم أنها دولة تعتمد على التصدير في المقام الأول، وكذلك الأمر فيما يخص استثماراتها.
الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها في التسخير الأمثل للأدوات والوسائل المتاحة أمامها للحفاظ على قوة الدولار والبقاء على هيمنته، وهي بذلك تملك ميزة تنافسية لا تملكها الصين حتى الآن. الحرب الباردة التي تزداد سخونة بالتدريج اندلعت بين الصين وأميركا، وموقعها ليس مضيق بحر تايوان ولا موانئ العالم التجارية، ولكن موقعها الحقيقي هو في أرصدة البنوك المركزية حول العالم وأرصدتهم من كل من العملة الأميركية الدولار والعملة الصينية اليوان، هذا هو المعيار الأدق والأهم والذي يستحق المراقبة والمتابعة ويبقى كل شيء من دون ذلك أقل أهمية وفي الكثير من الأوقات يكون للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.

arabstoday

GMT 04:44 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

بحر الكعبة

GMT 04:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 03:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ما تحمله الجائزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من المستفيد من الأزمة الاقتصادية من المستفيد من الأزمة الاقتصادية



 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي

GMT 07:46 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إصابة خطيرة لفارغا لاعب منتخب المجر في يورو 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab