تحديات الذكاء الصناعي عالم جديد

تحديات الذكاء الصناعي... عالم جديد!

تحديات الذكاء الصناعي... عالم جديد!

 العرب اليوم -

تحديات الذكاء الصناعي عالم جديد

حسين شبكشي
بقلم : حسين شبكشي

علامات ومشاهد زيادة حضور وتأثير الذكاء الصناعي في مختلف أوجه حياة البشر باتت مسألة لا يمكن إنكارها، ولا التشكيك في زيادة أثره وقوته. وللكاتب الإسرائيلي المعروف يوفال نوح هراري، الذي كتب مجموعة مهمة جداً من الكتب التي تحدثت عن ماضي البشرية ومستقبلها، مقولات بالغة الدلالة والأهمية يحذر فيها وبشدة من السماح بطغيان الذكاء الصناعي على القرار البشري، ويستشهد بتفسير أدق وأعمق بتوضيح ما يقصد، فيضيف أن الذكاء الصناعي هو نتيجة برمجة مجموعة هائلة من البيانات الكبرى، ولكن إذا لم تكن البرمجة بريئة وموضوعية ومستقلة فإن مخرجاتها بالتالي ستكون موجهة ومتحيزة.
وهناك العديد من الأمثلة المؤيدة لذلك، منها البحث «النفسي» في قرار شراء السلع والخدمات المقدمة على المنصات الإلكترونية اليوم؛ هل هو قرار مستقل أم موجه من قبل أدوات الذكاء الصناعي؟ الإجابة بطبيعة الحال ترجح أن القرار هو بتأثير من قبل الذكاء الصناعي، سواء أكان ذلك بصورة فجة مباشرة، أو بطريقة أقل وضوحاً ومستترة.
ويضيف أحد أهم الكتاب المتخصصين في التقنية وعلاقتها بمستقبل الإنسان، تحديداً فيما يتعلق بالبيئة والنقل والغذاء، وهو الكاتب الكندي من أصول تشيكية فاسلاف سميل، الذي وصفه رجل الأعمال الأميركي المعروف بيل غيتس، بأنه «أهم كتاب ومفكري العالم اليوم، وأنه لا يفوت له أي إصدار»، يقول سميل إن الذكاء الصناعي سيكون المهيمن على قرارات واختيارات الإنسان في مجال النقل والغذاء، بمعنى أن الإنسان سيقاد في وسائل النقل بدلاً من أن يقود بنفسه، وسيتم الاختيار له الطرق والمتاجر والمطاعم في طريقه، وكذلك الأمر بالنسبة لخياراته الترفيهية والغذائية في طريقه.
وهذه التحذيرات هي مجرد مقدمات لما يمكن انتظاره وتوقعه في المستقبل غير البعيد.
ومعروف التأثير المتوقع للذكاء الصناعي على مجالات التصنيع والتخزين، واستبدال القدرات البشرية بنماذج دقيقة وشديدة الفاعلية من الإنسان الآلي المبرمج.
ولكن القادم من الأيام يشير إلى هيمنة متعاظمة لأثر وتأثير الذكاء الصناعي على مجالات التعليم والترفيه والاقتصاد، خصوصاً في ظل الحديث المستمر عن تطورات والقفزات النوعية في مجالات التقنية الحديثة التي تخدم تطوير الذكاء الصناعي.
لا يمكن اعتبار المعلومات التي تصلك على جوالك أو الإعلانات التي تقفز أمامك على شاشة هاتفك المحمول أو الموجزات الإخبارية التي تتردد على الهاتف بين يديك عشوائية وغير موجهة ومقصودة. بل هي جزء ممنهج من القدرات المتعاظمة للذكاء الصناعي في التأثير والتوجيه، فهذه القدرات ستكون لديها القوة على تغيير مذاقك وهواياتك واهتماماتك وآرائك وميولك وذوقك مع مرور الوقت والخوف من تعاظم هذا التأثير في تأثيره على القناعات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والعقائدية.
وفي هذا السياق، تأتي كلمات المؤلف الأميركي المتخصص في شؤون التقنية جاكوب وورد، في كتابه المهم «الدائرة: كيف تستحدث التقنية عالماً بلا اختيارات وكيف يمكن مقاومة ذلك»، فهو يتوقع أن يكون العالم الجديد عبارة عن فقاعة متعة مليئة بالسلاسة والانسيابية، ولكنها خالية من الخيارات ومعبأة بالانقسامات والتحيزات والتعصبات.
ولا يجب الإبحار بعيداً بالخيال لمعرفة ما هو قادم، فالأفكار المعلنة والمشاريع المصرح بها من قبل عمالقة شركات التقنية الكبرى من أمثال «غوغل» و«تيسلا» و«ميتا» و«أمازون» و«آبل»، على سبيل المثال لا الحصر، تشير وبوضوح تام إلى أننا مقبلون على عالم جديد تماماً... عالم مبني على التعرف بالأنماط والتأثير بالبرمجة المسبقة، وأن قرارات الإنسان المستقبلية مهما بدت في ظاهرها مستقلة وموضوعية هي غير ذلك تماماً.
ومع تطور وتعدد خيارات التواصل مع الذكاء الصناعي بالنسبة للإنسان، وعدم حصرها في جهاز الهاتف المحمول، وفتحها لوسائل أخرى من القطع التي يرتديها مثل النظارة والسماعة والساعة والقلم والخاتم والحذاء والملابس سيكون الإنسان محاصراً تماماً بالتأثير غير البريء لقوى الذكاء الصناعي على قراراته واختياراته، وسيتخطى وقتها القرار المقصود بشراء كوب من القهوة بنكهة معينة في فرع ما لشركة ما، ليصل الأمر إلى التأثير على أي مرشح يتم التصويت له، أو في أي وعاء استثماري من الممكن أن تضع مدخراتك فيها، وغير ذلك من القرارات والاختيارات التي كان الإنسان يملكها وحده ليجد نفسه مسلوباً منها.
مقبلون على عالم متغير وجديد ومختلف، البقاء فيه ليس للأقوى ولا الأذكى، لكن لكل من لديه الوعي والقدرة على إيجاد الأدوات للتعامل مع المتغيرات.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات الذكاء الصناعي عالم جديد تحديات الذكاء الصناعي عالم جديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab