المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد؟

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد؟

 العرب اليوم -

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد

بقلم : د.محمد الرميحى

تعددت وجهات نظر المراقبين في الكويت في قراءة نتائج الانتخابات التي أجريت يوم 4 نيسان (أبريل). قيّم بعضهم هذا المجلس الجديد (القديم) تقييماً متفائلاً، وبعضهم متشائم، وقد يكون كلا التقييمين يحملان بعض الصحة.

امتنع، لأسباب مختلفة، جزء غير يسير ممن يحق لهم التصويت عن المشاركة، وتنقسم هذه الشريحة الكبيرة (أكثر من الثلث بقليل ممن يحق لهم الاقتراع) إلى شرائح داخلية متعددة، وكل له أسبابه المختلفة، فقد كان الإقبال على التصويت بنسبة 61% من حجم الناخبين، وهذا يعني أن ثلث المواطنين لم يشاركوا!

عاد من المجلس السابق (مجلس عام 2023) 39 نائباً بمن فيهم السيدة الوحيدة التي كانت في المجلس السابق واحتفظت بمقعدها في الحالي، وأيضاً عاد ثلاثة من النواب السابقين لانتخابات عام 2023، أي هناك أغلبية من أعضاء المجالس المنحلة في السابق وصلوا إلى المجلس الجديد الذي من المتوقع أن تعقد أولى جلساته في 17 الجاري، ما يؤشر إلى أن الأجندات ربما تعود كما هي في السابق أو على الأكثر معظمها. أما الوجوه الجديدة كلياً فهي ثمانية أعضاء متعددي المشارب السياسية، أي أن التغيير الحقيقي أقل من عشرة في المئة. والظاهرة التي لازمت معظم الانتخابات منذ قانون الصوت الواحد الذي حصنته المحكمة الدستورية قبل حوالي عشر سنوات (في 16 حزيران/يونيو 2013) وهي ظاهرة الفرق الواسع بين عدد أصوات الأول في الدائرة الواحدة، وعدد أصوات الأخير حيث لا تشكل أصوات الأخير في مجموعها ربع أصوات الأول، ما يؤشر إلى عوار في التمثيل. أما إذا قسنا النسبة إلى عدد الأصوات في الدائرة الواحدة، فإن نصف الناجحين (على الأقل) في الدائرة الواحدة، لا يمثلون إلا أقلية في دائرتهم.

أما المرأة الكويتية فهي مهضومة الحقوق على المستوى الاجتماعي، ومن الغريب أن تكون هي الأغلبية في عدد من يحق لهم التصويت، ومع ذلك لا تمثل إلا في النادر، من هنا وجب العمل على وضع كوتا للمرأة لتمكينها من المشاركة، وهي فكرة لن تجد لها مناصرين كثراً في هذا المجلس!

وكما كان في السابق، لعب المال السياسي والتحشيد القبلي والطائفي والفئوي والعائلي دوراً مؤثراً في الانتخابات، كما لعبت المشاعر الشعبوية والدينية دوراً مماثلاً في شد العصب الانتخابي، وفي هذه الانتخابات تدخلت بعض قرارات البيروقراطية في فتح الفرص للخطاب المتشدد السياسي الذي ألهب مشاعر قطاع من الجمهور ودفعه إلى تفضيل بعض المرشحين على غيرهم، إلى درجة حصول تراجع في المراكز لبعض القامات السياسية القديمة والتاريخية، ليحل محلها في الأولوية مرشحون آخرون.

ذلك لا يعني أن المجلس الجديد يخلو من الطاقات التي أعلنت برامجها التنموية التي تشمل التوجه إلى الخير العام، إلا أن تلك الأصوات قليلة في التركيبة الحديدة، وأيضاً غير متجانسة لتشكل رافعة تنموية أو كتلة متماسكة يعتمد عليها وتُعنى بتجويد التعليم والتدريب والسير في طريق الفرص الاقتصادية الجديدة، للتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، أو إعادة تفعيل القوة الناعمة الكويتية التي يمكن أن تغير من ثقافة المجتمع، وتصبح أيضاً قيمة اقتصادية مضافة، وتطوير الخدمات والتحول إلى الرقمنة، أي باختصار، المجموعة التنموية قليلة في المجلس، وغير منسجمة.

أما المجوعة الأكبر فهي في الغالب تقدم السياسي على التنموي، وتعلي من أهمية التوزيع على الإنتاج، لذلك هي تضع العربة أمام الحصان، أي السياسة قبل الاقتصاد، ما يعوق تطور المجتمع، كما يحمل بعضها ثارات قديمة أو جديدة، وبعضها شخصي، تُلبس خطاباته في الغالب لباس المصلحة الوطنية، ولكن هي أبعد ما تكون عن ذلك.

لهذا من المرجح أن يفلت عقال النقاش في المجلس الجديد من العام إلى الخاص ومن التنموي إلى الشخصي، ويطلق عنان السباق على الشعبوية في توزيع المغانم، ما يذيب هوامش التوافق ويزيد الثارات، وأيضاً يتراجع المجتمع المدني الذي بدأ يتآكل في السنوات الأخيرة، وتضعف وشائج الوحدة الوطنية.

من غير المتوقع أن يطرح مثلاً إصلاح الآلية الانتخابية التي ثبت عوارها بما لا يدع مجالاً للشك، ومن غير المتوقع أن يهتم بمرفق التعليم، إلا من زاوية التساهل والتسيب، لا من زاوية التجويد والضبط، ولا من زاوية تقليل البيروقراطية التي عطلت وتعطل العمل العام وتثقل كاهله بغير المتخصصين.

لذلك من المتوقع أن يحدث الخلاف مبكراً في هذا المجلس، إلّا، وهي شرط مسبق، أن ينتبه الجميع أو أكثرية وازنة إلى المخاطر التي تحدق بالوطن، من جهة، وبعملية المشاركة الشعبية، من جهة أخرى، وما تسببه المحاباة السياسية أو القرابية من ضرر، والتفرغ للتصدي للمشكلات التنموية الملحة التي توجه الوطن وينتظرها المواطن، وبخاصة العمل على الحفاظ على الوحدة الوطنية، لأنها من صلب الحفاظ على الوطن.

ومن جهة أخرى، فحسن اختيار رجال التشكيل الوزاري القادم ونسائه، والمطلوب دستورياً الموصوفون بالكفاءة وأصحاب الأجندة التنموية المتناغمون في ما بينهم، قد يسهل عملية الإقلاع المرادة.

المخاطر أن لا يلتفت كثيرون إلى نمو وعي المواطن الكويتي، وبخاصة قطاع الشباب، فهم جيل مختلف عن سابق، له مطالب مختلفة، ومتجاوز الكثير من التحيزات التقليدية، بدليل وصول بعض النواب الذين فهموا ذلك التطور، وخاطبوه في برامجهم، وهو العابر لكل التحيزات الاجتماعية، ذلك الوعي يحتاج أن يفهمه النادي السياسي القائم بشقيه التشريعي والتنفيذي، ليس بالتمنيات والحدس، ولكن بالفهم الصحيح والقائم على دراسات علمية رصينة، تفتقدها المؤسسة التشريعية حتى الساعة وربما المؤسسات التنفيذية.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد المجلس النّيابي في الكويت قديم أم جديد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab