اهتديت إليها

اهتديت إليها!

اهتديت إليها!

 العرب اليوم -

اهتديت إليها

بقلم : د.محمد الرميحى

 واذا كان القارئ يريد ان يعرف مباشرة ما هي، هي حكمة دعوة الأسد الى القمة العربية التي انقضت الجمعة الماضية! 
 
في اكثر من مكان وفي اكثر من تجمع، كان السؤال المحير ما هي الحكمة في دعوة الأسد الى القمة العربية في الرياض، وقد جرى ما جرى في سوريا في العشرية الفارطة مما يعرفه الجميع؟ كانت الإجابة صعبة، بل وربما مستحيلة أن تقدم رأياً متوازناً ومقنعاً، فقد اتحذ العرب القرار من دون الكثير من تفسيره! ولقد اهتديت الى الإجابة (ربما تكون صحيحة وربما لا تكون) وهي أنها محاولة جادة من الداعين وعلى رأسهم الدبلوماسية السعودية لمحاولة تخفيف الخسائر وربما تعظيم الأرباح إن وجدت، وهي معادلة ليست جديدة في العلاقات الدولية.
 
لم يكن النظام السوري حكيماً ولا بعيد النظر عندما قام الشعب بطلب الحريات في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، فقد تراكمت منه الكثير من الممارسات السلبية المعروفة، وكانت الاستجابة لتلك المطالب محفوفة بالمخاطر، ولكن تبين في نهاية الامر أن أعظم الأثمان الناتجة من الاستجابة للمطالب لا تقارن بالأثمان التي دفعتها سوريا بعد عقد من الزمان، إنها أثمان مخيفة مكتوبة على الجدران ومسطرة في تاريخ النظام .
 
وضع اقتصادي بالغ الهشاشة وسقوط معظم الشعب السوري تحت خط الفقر، هدمت مدن وقرى ومناطق كاملة، قتل عشرات الآلاف من المواطنين السوريين وشرد ملايين في فضاء الجوار أو العالم، وأكثر من ذلك احتلال سوريا على الأقل من أربع دول وعدد من المليشيات التابعة لتلك الدول. هذه التكلفة هي أضخم بكثير مما لو استجاب النظام  لمطالب شعبه، ولو حتى الجزء اليسير منها. لم تكن حسابات تقليل التكلفة واردة في حسابه، لقد خضع لإيديولوجية عمياء متناقضة، من جهة إصراره على رفع شعار المقاومة وحرمان شعبه من أبسط حقوق الانسان، ومن جهة أخرى تحرير أراضي غيره حيث شعب محروم من حقوقه وأراضيه محتلة و شعبه مشرد؟ تلك هي الصورة بلا قناع التي سادت العشرية الكئيبة في سوريا. 
 
لقد واجه المطالب السلمية بالعنف، فقامت بعض الجماعات السورية بمبادلة عنف النظام بالعنف، وهي معادلة معروفة. لقد دفع النظام ثمناً، رغم عدم اعترافه، و هو ثمن وطني بأن سلم بلده إلى قوى أخرى، فجاء الأميركيون والأتراك والإيرانيون و جماعات مسلحة منها "حزب الله" و "لواء فاطميون" وغيرهما من الجماعات ذات الأجندات الخاصة، وضاع في الوقت نفسه استقلال سوريا او قدرتها حتى على البقاء كدولة.
 
يقال في التاريخ القديم القديم أن متصرف الشام كان يعينه الامبراطور الساساني، وفي التاريخ الحديث، وان تغيرت المسميات، عين متصرف الشام نفسه تابعاً للإمبراطورية التي تحلم بان تكون جديدة، ومهما أدلج النظام ذلك الوضع، فان استقلال سوريا الذي ناضلت من أجله اجيال قد ذهب او اضمحل.
 
ما قامت به الدبلوماسية السعودية بالتوافق مع دول عربية أخرى أنها وضعت افتراض عنوانه "الحد من الخسائر"، الأكثر وضوحاً في الملف ما قاله الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط قبل القمة من ان "قرار عودة سوريا هو بدء مسار وليس نهاية"! لم يوضح على وجه الدقة ما يعني، كما أن لقاءات وزراء الخارجية في العاصمة الأردنية عمان وفي غيرها لم توضح للجمهور ما هي الخطوات التي اتفق عليها مع النظام السوري، ربما بعيداً عن الاحراج وربما لاكتشاف للنوايا.
 
لقد أصبح معروفا في السياسة، وبخاصة في العلاقات الدولية، ان الاعتماد على النوايا هو سذاجة سياسية على اقل تقدير، ولكن يبدو ان فكرة تقليل الخسائر إن أمكن في رأي البعض تستحق أن نظهر ساذجين لبعض الوقت.
 
ما أن أعلنت فكرة عودة سوريا الى الجامعة حتى وصل أولا وزير خارجية ايران الى المنطقة وتبعه رئيسه في زيارة دولة لسوريا شهد العالم نتائجها، وللبسيط ممن يعرف السياسة كانت تلك الزيارتان "للاطمئنان" إلى أن الوضع في العلاقات سوف يظل كما هو، امتيازات سياسية و اقتصادية و تسهيلات عسكرية! 
 
النظام السوري يريد علناً ان يخرج القوات الأجنبية من أراضيه، ولكن المعلن ليس كلها، فقط الأتراك والاميركيين ومن يساعدهم من السوريين، أما الروس والإيرانيون فذلك امر آخر، ربما لا يستطع النظام أن يطالب علناً بإخراجهم من الأرض السورية، فهل أعطى النظام تطمينات للعرب بأن ذلك سيكون في مرحلة لاحقة قريبة؟ من يقرأ نص البيان الختامي للقمة الرياض يستشف أن الفقرة السورية اصغر الفقرات (مساعدتها على الخروج من أزمتها وانهاء معاناة الشعب السوري) و خطاب الرئيس بشار الاسد في القمة ذهب الى القول بعدم التدخل في الشؤون الداخلية و"تغيير الحاضنة"! 
فقط الخطابان المصري والكويتي أشارا الى قرار مجلس الامن 2254 و هو قرار جامع من بين ما ذهب اليه إنشاء هيئة حكم انتقالية في سوريا، الامر الذي يرغب النظام السوري في تجاوزه!
 
كثير من المراقبين يرون أن قدرة النظام السوري  على اختيار الطريق الصعب محدودة، فقد ذهب بعيداً في تكبيل نفسه بقوى لا ترحم ان وجدت مصالحها مهددة، وهي هنا روسيا و ايران، يحتاج الامر الى معادلتها بقوى نظيرة وبخاصة دولية، والأخيرة كما بعض  العرب لها شروط بتوسيع قاعدة الحكم واشراك المعارضة السلمية وأيضا تدوير السلطة، وهي مطالب لا يستطيع النظام السوري حتى التفكير فيها. كل ما يروج له هو  التخويف من الاخوان، ولكن المعارضة السورية ليست كلها "اخوان"!
 
اذن، الوضع أمامنا ليس سهلاً او ميسوراً، هو في غاية التعقيد، إلا إذا كانت هناك اتفاقات خارج العلنية؟. 
 
على المدى القصير يمكن أن يقدم النظام السوري بعض التنازلات، كمثل التعاون في ضبط تهريب المخدرات، و هي أصبحت اليوم جريمة منظمة ولها آلياتها وتدر ملايين الدولارات على المشتغلين فيها، كما أن اطرافاً في المعادلة لا تعجبهم حتى التنازلات الشكلية، كمثل الإعلان عن اختراق هواتف الوفد اليمني من جانب الحوثي و"حزب الله" عشية انعقاد القمة (أعلن ذلك في الاعلام). وربما بمجرد انتهاء القمة تبدأ المناكفات المعروفة في الساحة العربية.
 
هل ما تقدم هو تشاؤم أكثر من اللازم، من كل قلبي أرجو ان يحدث العكس، ولكن لا بد من مخاطبة العقول قبل العواطف.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اهتديت إليها اهتديت إليها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab