حرب الاسترداد الثقافية
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "بنى تحتية عسكرية" قرب الحدود السورية اللبنانية فيضانات تايلاند تودي بحياة 9 أشخاص وتؤدي إلى نزوح أكثر من 13 ألف مواطن قصف إسرائيلي يستهدف سيارة تابعة لمنظمة «وورلد سنترال كيتشن» في خان يونس ويؤدي إلى مقتل أربعة أشخاص الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل
أخر الأخبار

حرب الاسترداد الثقافية

حرب الاسترداد الثقافية

 العرب اليوم -

حرب الاسترداد الثقافية

بقلم - محمد الرميحي

حولنا حروب إما ساخنة وإما باردة، إما بينية وإما أهلية وإما تهديد بحروب، إلا أن الأخطر والمسكوت عنها هي الحرب الثقافية. وهي حرب طويلة وبعضها خفيّ كما أن بعض المشاركين فيها، وهذا هو الأهم، يدخلونها من دون علمهم أنها حرب. هي من أشرس الحروب، ومردودها السلبي يقع على الشرائح الأكثر بُعداً عن ساحتها.
أمبرتو إيكو، المفكر الإيطالي، له رواية تُرجمت إلى العربية بعنوان «جزيرة اليوم السابق»، وهي رواية إيحائية يستطيع القارئ أن يفسرها بالطريقة التي يُفهم مقاصدها. تروي أن سفينة متعطلة على بُعد من جزيرة، يرغب مَن بالسفينة في الوصول إلى الجزيرة التي تظهر من بعيد، ولكنّ ذلك الوصول يصبح شبه مستحيل لأن السفينة معطّلة. وكلٌّ منا يبحث عن جزيرته.
في جزيرة أمبرتو إيكو محاولة لاستدعاء الماضي واعتباره جغرافيا ثابتة، مما يبقيه في عزلة دائمة. الجهل المطبق الذي يسود البنية الفكرية المنتجة للمتطرفين الجدد باسم الإسلام الذين يبحثون عن جزيرة رُسمت في أذهانهم أو رسمها قادتهم، أن هناك في مكان ما «عصراً ذهبياً» تجب العودة له، وهذه العودة يقف أمامها عدد من العقبات تبدأ بالجيران، ولا تنتهي بالدول «الكافرة»... وعليه، من الواجب شن حرب ضروس على كل الآخيرين.
عند دراسة آثار أبو الأعلى المودودي وسيد قطب مروراً بحسن البنا وعدد كبير من «الصحويين»، تجد أن البحث عن «جزيرة اليوم السابق» هي محور «الدعوة»، والطريق إليها يبدأ بالشكل (الملابس والمظهر)، ولا ينتهي بحمل السلاح ضد الآخر. تراكم عدد من العناصر ليس أقلها الجهل بالتاريخ الإسلامي، الذي هو تاريخ بشر فيه العديد من الإيجابيات كما فيه من السلبيات، مصحوباً بجهل واضح بمسار العلوم الاجتماعية والإنسانية، ويحمل تصوراً أسطورياً للماضي، الذي يجب أن يُكرَّر بحذافيره في المستقبل، وكل من لا يرى تلك الرؤية هم بالضرورة «خارج الملة». لهذا فإن رفض الآخر وتهميشه وتسهيل الاعتداء على حرمته وحتى روحه، من المباح، لأن هناك يقيناً ثابتاً ومصفوفة فكرية صلبة لا تقبل النقاش أو المزاحمة، على عكس المنهج الذي اعتمدته المدرسة العقلية لدى مفكرين إسلاميين سابقين والقائل «أعظم الناس يقيناً أكثرهم جهلاً».
الشحن الانفعالي الذي استمر في المناهج الدراسية والكتابات وحتى في الإعلام يشلّ وجود أي عقل ناقد خارج منظومة السائد من التفكير، ويجتهد أهل التطرف لعزل وحرب وربما قتل مَن يحمل فكراً مضاداً يشي بشيء من التنوير والاختلاف.
حتى العناوين الرمزية تم اختطافها: «حزب الله» و«الدولة الإسلامية»! تفكيك مقولات تلك المدرسة وإعادة النظر في مسلّماتها ومسمّياتها عمل ليس سهلاً، لأن طائفة كبيرة من الجمهور قد رسخ في ذهنها أن ما يقوله «شيوخ» تلك المجاميع هو الصحيح ولا صحيح خارجه. حتى مفهوم «الشيخ» تَحوّل في عصرنا ليُلصَق بمن يستحق من القلة ومن لا يستحق من الكثرة، إلى أن زاد الماء على الطين، كما يقول المثل.
ينصرف البعض إلى تعريف التطرف بالعنف، هو صحيح، ولكن التطرف لا يقتصر على العنف المادي أو الإيذاء البدني، فهناك تطرف معنوي وتطرف لفظي، كما أن هناك التطرف الظاهر والتطرف المبطن، وأخطر أشكال التطرف هو التطرف الثقافي، والتطرف الثقافي ينتج بسبب صرامة وجمود طرق التفكير في المجتمع وفرض منهج محدد في التفكير وتفسير الظواهر، ومن يخرج من «يقينية» ذلك التفكير يقع عليه الجرم الذي يقود إلى النفي المجتمعي أولاً، ومن ثم توقيع العقاب المادي.
إذن نحن أمام معركة تتخطى الحديث عن «جزّ رقاب» مَن يعدهم البعض مخالفين، وأكبر من إطلاق الرصاص أو قتل المارة في الشوارع... معركة تخليص الفكر العربي المعاصر من البحث عن «جزيرة اليوم السابق» والحديث الجاد عن الوصول إلى «جزيرة اليوم اللاحق». لم يعد المتطرفون عبئاً على أنفسهم، فقد أضافوا القتامة على حَمَلة دين كامل وفرضوا أجندتهم بأفعالهم المتطرفة، وجرَّوا ردود فعل من آخرين مليئة بالشكوك، وتصاعدت ردّات الفعل من ضعيفي الوعي حتى تكاد تشعل الحروب بين الشعوب والأقوام.
معركة الاسترداد الثقافي هي في الأساس معركة وعي، والوعي هو أول طريق الخلاص من التطرف وما يتبعه من إرهاب، ولعلّنا مطالبون جميعاً بوضع حدود بين العقائد والعبادات وبين المصالح المرسلة والمعاملات.
والبدء بفهم تاريخنا العربي والإسلامي كما هو من دون زيف أو انتقاء. لقد مضى علينا وقت طويل في تأكيد الانتقاء وإخفاء العوامل الإنسانية والمصلحية بل حتى الظرفية في معظم أحداث تاريخنا، وخصوصاً ما يقال لطلابنا في المدارس، حيث يشبّون على أن لديهم الحقيقة المطلقة فيما تلقوه ولا حقيقة خارجه. ومع الأسف تم الضغط السياسي للاستفادة من هكذا فضاء لفترة ليست قصيرة. لا أدعي أن مسألة إعادة الوعي إلى الجمهور العام سهلة أو ميسّرة، ولكن المطالبة بأن نبدأ بمنهجية واضحة تقود في النهاية إلى وعي جديد، إلى جزيرة مستقبلية وليست ماضوية، إلى معرفة بالعالم الذي نعيش فيه، وبالصيرورة التاريخية وتبدل الظروف عندنا وعند الآخر. ولعل أولى أدواتنا في كل ذلك هي الشجاعة الفكرية. فليس الأهم أن نتحدث في إعلامنا ومنتدياتنا وندواتنا عن «التطرف والعنف» ولكن الأهم أن نكشف بصراحة الأدوات والمناهج التي تؤسس للعنف وأن دواء البؤساء هو برامج تنمية وليس أغنية أو ابتهالاً، وأن الوعي بأشكاله وتنوعاته المختلفة هو الطريق الأصح لمواجهة ما نراه من عوار في مجتمعاتنا، وأن تصاب نُخبنا بأرق الفلاسفة لا بانتهازية السياسيين!
الطريق ليس سهلاً في محاربة التطرف، ولن يعبّد هذا الطريق تصريح هنا وندوة فكرية هناك... التعبيد هو بالاتجاه إلى إحلال التفكير العقلي في مناهجنا ولدى مدرّسينا على كل المستويات، وفي تقديم برامج تنموية لها أهداف تستعين بأثمن ما لدينا من رأس مال وهو البشر.
والقوى المضادة ليست سهلة العريكة؛ فهناك مال يُستثمر في استمرار الفكر المتطرف، وهناك دول لها أجندات في الاستفادة من ذلك التطرف، وهناك فيما بيننا أشخاص ومدارس تتكسب من هذا الفكر، بعضها يسعى للاستفادة وبعضها مع الأسف كخراف القطيع. لعل أول ما يتوجب أن نسترده هي إعادة العمل بالتفكير العقلي الذي له جذور في ثقافتنا علينا الاستعداد لخوض حرب إحيائها.
آخر الكلام:
التفكير القطبي «الأحادي» الناتج من الإرث الاجتماعي والتعليمي يخلِّف تشوهات في السلوك، مما يشيع وباء الكراهية وينتهي بالعنف.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الاسترداد الثقافية حرب الاسترداد الثقافية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 17:07 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا وياسمين عبد العزيز يجتمعان في رمضان 2025

GMT 22:12 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنا شيحة تكرر تعاونها مع محمد هنيدي في رمضان 2025

GMT 09:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات حادة لمسلسل صبا مبارك "وتر حساس"

GMT 09:20 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد

GMT 00:07 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل وحزب الله تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار

GMT 13:41 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab