سقوط الشعارات

سقوط الشعارات

سقوط الشعارات

 العرب اليوم -

سقوط الشعارات

محمد الرميحى
بقلم - محمد الرميحى

يجب بداية أن يُبارك للشعب اللبناني توقيع الاتفاق الأخير على ترسيم الحدود البحرية اللبنانية - الإسرائيلية، وقد عانى الشعب اللبناني في أغلبه عدداً من الجوائح الكبرى في السنوات الأخيرة، منها إفلاس الدولة والانهيار المالي وانتشار الفقر والتراجع الشديد في مستوى الحياة العامة، إلى جانب العتمة وتلوث المياه واختطاف أموال المودعين في البنوك وتردي الخدمات، والأمراض المستوطنة، وعدد ضخم من المشكلات التي وقعت على كاهل المواطن اللبناني. وربما في الاتفاق الأخير بصيص أمل لبداية طريق، كما أن المباركة واجبة بانتهاء العهد "القوي" والذي كانت له اليد الطولى في وصول لبنان إلى ما وصل إليه.

بعد الترسيم وانتهاء العهد ثمة نسمة من التفاؤل، ولكنه أيضاً تفاؤل يجب أن يكون حذراً، فقد تسطو المافيات السياسية المتعددة على الثروة الآتية، ويجري من جديد حرمان المجتمع اللبناني من ثمارها وينصب رئيس يختلف بالإسم، ولكن ليس بالممارسة، وتبقى الحال على ما هي عليه!

انطلق بعد الترسيم عدد من التجاذبات أساسها الإجابة عن سؤال: من قام بالجهد الأوفى في الوصول إلى تلك النتيجة؟ هل هو العهد المغادر، أم "حزب الله" الباقي؟ وهل ذلك تطبيع مع إسرائيل، أم هو فقط اتفاق جنتلمان لا علاقة له بالسياسة؟ إلى آخر ما تعودت النخبة اللبنانية على الخوض فيه في أي ملف يطرح، وهو خلاف على المصطلحات والتفاصيل والتفسيرات.

إلا أن حقائق الاتفاق للمراقب واضحة، فهناك اتفاق مع إسرائيل، يعني اعترافاً بأن هناك جارة للبنان اسمها إسرائيل، وبأن ذلك الاتفاق مضمون من كل من الولايات المتحدة وفرنسا وممهور بختم الأمم المتحدة، بما يعني أن أي نشاط عسكري لأي طرف "هو عدوان واجب الشجب من الضامنين ومن المجتمع الدولي". بمعنى آخر أن مشاريع التحرير والمقاومة وما يتبعها من مصطلحات توضع على الرف مهما بلغت لغة المروجين لها من بلاغة، وحتى يؤكد أن "حزب الله" هو الذي كان خلف الاتفاق والاعتراف، إذ قال أمينه العام بإنهاء كل التدابير العسكرية التي أعلنتها المقاومة ضد إسرائيل! أي أن المعركة انتهت، كل ذلك يستدعي منطقياً وضع سلاح "حزب الله" على طاولة النقاش المستعجل، من زاوية أنه إذا انتفى موضوع المقاومة فلم يعد لسلاح خارج الدولة وظيفة إلا اختطاف الدولة نفسها، فالحجة اللفظية والسياسية لم تعد قائمة بأن يحتفظ فصيل سياسي بسلاح في دولة أنهت الصراع، إلا إذا بقي استخدام سلاح "حزب الله" بندقية للإيجار في سوريا واليمن وتدريب الخارجين على القانون في بلدان أخرى ضد بلدانهم، وهو عمل يدخل في تصنيف الإرهاب المدان دولياً، والتدخل في شؤون الغير، إلى جانب الاستمرار في تعطيل الدولة اللبنانية، وبالتالي انتفاء الحصول على مكاسب من الثروة الموعودة.

من جانب آخر، فإن المشروع السياسي الذي يصطف معه "حزب الله" في الإقليم، وهو مشروع "نظام الملالي"، يعاني صعوبات ضخمة في مقره الدائم، مر الآن أكثر من شهر على قيام التظاهرات، ومسيرات الرفض في إيران دليل على بداية نهاية المشروع، ويستجيب ذلك المشروع بقتل الأطفال والنساء، حيث بلغ عدد القتلى من المواطنين الإيرانيين حتى آخر الأسبوع الماضي 248، بينهم 34 طفلاً (بحسب الرقم الرسمي المعلن) وتقديم العشرات إلى محاكمات ميدانية، وقد انتشرت أخيراً ظاهرة مقاومة جديدة في شوارع المدن الإيرانية وهي "إلقاء عمائم المعممين من على رؤوسهم" تعبيراً عن أن مشروع الحكم الديني ليس له مكان في القرن الحادي والعشرين كما يرى الإيرانيون، كما أن المساعدات المالية الآتية من إيران إلى "حزب الله" وتبلغ في المتوسط 800 مليون دولار سنوياً، وضعها الشعب الإيراني تحت المساءلة، مع كل النزيف من أمواله التي تذهب هباءً للآخرين!

يناقش بعض الموالين لذلك المشروع من اللبنانيين في حال حشر منطقهم على وسائل الإعلام بالقول: تطالبون بنزع سلاح "حزب الله"! هل تريدون حرباً أهلية؟ واضح من ذلك المنطق وضع الآخرين في زاوية إما قبول سلاح خارج الدولة، أو حرب أهلية؟ وهو منطق أعوج، بالطبع هناك طرق أخرى عديدة لاستعادة الدولة، فتلك مسؤولية المجاميع اللبنانية ذات الاهتمام بوطنها، فلو لم يجد "حزب الله" مناصرين له من المجاميع الأخرى الذين يترك لهم بعض الهوامش في نهب الدولة، لما استطاع أن يقنع غالبية اللبنانيين بشرعية سلاحه، لذلك فإن خلق وعي كاف يرى في أن السلاح خارج الدولة معطل لها، وجالب لكل تلك النكبات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن تدخله في شؤون الدول الأخرى معطل للدولة اللبنانية ويزيد من أزماتها، ذاك الوعي كفيل بخلق تيار واسع للرفض، فحتى البندقية لا تستطيع أن تجابه كل صدور الشعب، كما ثبت في تجارب عديدة أخرى.

لا جدال في أن مقاومة تغول "حزب الله" هي الشغل الشاغل للعديد من اللبنانيين، بعضهم جهراً وبعضهم سراً، إلا أن الاتفاق الأخير مع إسرائيل يعني أن كل الذرائع التي كان يشيعها في الجو العام قد استنفدت، وهذا هو الوسيط الأميركي ومن بيروت يقول: "هذا الاتفاق سيوفر الاستقرار على جانبي الحدود"! وكان إلى جانبه ممثل الجانب اللبناني الياس بو صعب ولم يعارض ذلك التصريح.

نعم انتفت حجج "حزب الله"، ولم يعد عاقل يشترى قصة المقاومة والتحرير، إلا قلة مستفيدة ومتنفذة وتفتقد بعد التوقيع حتى المنطق العقلاني.

في نهاية الأمر خطآن لا يساويان صواباً، فإما العداء والتحرير، وإما الكف عن أخذ المجتمع اللبناني رهينة شعارات فضفاضة، فلم يعد هناك مكان لبيع فكرة المقاومة، ولم يعد هناك مكان لبيع فكرة مشروع الحكم الديني وقتل المواطنين في وضح النهار باسم المقاومة، من رفيق الحريري إلى لقمان سليم والعدد الكبير من النشطاء، تلك أعمال غير قابلة للاستمرار. قيامة لبنان تكمن في نزع سلاح "حزب الله" وإخضاعه لآليات الدولة كفصيل سياسي غير مسلح مثله مثل المجاميع السياسية، هنا وليس في مكان آخر تكون قيامة لبنان!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط الشعارات سقوط الشعارات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab