عالم يركض كما نراه هل نلحق به

عالم يركض كما نراه... هل نلحق به؟

عالم يركض كما نراه... هل نلحق به؟

 العرب اليوم -

عالم يركض كما نراه هل نلحق به

بقلم : عبد الرحمن شلقم

العقد الثاني من هذا القرن، رسم صورة الزمن الجديد الذي نعيشه، والآتي القريب في الأفق الإنساني، بكل ما فيه. القرن العشرون كان زمن الحروب العالمية والآيديولوجيا، والعلم والحداثة وما بعدها. أوروبا هي القائد في كل شيء، بشرقها وغربها، والولايات المتحدة الأميركية، بوصلة القوة العسكرية والمالية. الصين الجديدة بلا ماو تسي تونغ، ألقت رداء الآيديولوجيا الحمراء الحالمة، ودخلت الزمن الجديد، بحواس وعضلات أخرى. دخلت بيوت الدنيا بما كبر وما صغر من المنتجات، وأبدعت ترمومترها الخاص لقياس المناخ السياسي والعسكري والاقتصادي الدولي. أميركا اللاتينية من أحلام سيمون بوليفار بتوحيد القارة، وتحويلها ولاياتٍ متحدةً لاتينية، إلى لحيتي غيفارا وكاسترو الثوريتين، وخليفة السابقين هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي الراحل، الذي أبدع في سياسة تحويل، أغنى بلد في القارة اللاتينية، دولةً يفرّ سكانها بحثاً عن كسرة خبز. ذاك زمن الأحلام الرمادية القاتلة. انهار الكيان الشيوعي، ومعه آيديولوجيته الاشتراكية الديكتاتورية، وسادت الرأسمالية برأسيها الأميركي والأوروبي. القارة الأفريقية تحررت من الاستعمار، ومن الهيمنة العنصرية في جنوبها، ولكن آفة الانقلابات العسكرية التي أصابت الكثير من دولها، ولم تغب عنها الحروب الأهلية، ظلَّت أرض الأطماع الاستعمارية الجديدة. دخلت اليوم في دوامة الصراع الروسي - الغربي والتركي والصيني. الفقر والجفاف وفرار شبابها إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، ومنهم من انخرط في المنظمات الإرهابية المتطرفة التي يتوسع وجودها بقوة في مختلف أنحاء القارة.

ماذا عن منطقتنا، التي صار اسمها يترجرج مع حركة الزمن؟ هناك من يسميها، العالم العربي، أو المنطقة العربية، أو البلدان الناطقة بالعربية، أو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بُعيد بداية سنوات الاستقلال في المنطقة، بدأت أسئلة تطرق رؤوس النخب السياسية والمثقفة، وبعد استيلاء حركة الضباط الأحرار على السلطة في مصر، وبروز الرئيس جمال عبد الناصر زعيماً عربياً، اندفع وراء زعامته، قطاع واسع من الجيل العربي الجديد، وكانت الوحدة المصرية - السورية، تعبيراً عملياً عن إمكانية تجسيد الحلم القومي العربي في الوحدة. انهارت الوحدة بعد سنوات قليلة. صوتان جديدان جمعا بين الآيديولوجيا والحلم السياسي، عبّر عنهما اللسان الإعلامي الجديد، الراديو. التقدمية والرجعية خطّا الطول والعرض في تصنيف الدول العربية من المحيط إلى الخليج. بعد هزيمة يونيو (حزيران) الكارثية، تكسرت الأحلام ومعها الكلام، وتمزقت خرائط رسمها زمن رمادي كان حطبه الخطاب والشعار والنشيد والهتاف.

بعد هزيمة يونيو، تلاشى الحلم القومي الوحدوي، وهبّت ريح المد السياسي الديني. لكن بقايا الآيديولوجيا القومية، اجترحت صيغاً أكثر اعتدالاً في مشروعاتها الوحدوية. اتحاد الجمهوريات العربية الذي ضم كلاً من ليبيا وسوريا ومصر، لكنه غَـرُب بسرعة، والاتحاد العربي الذي ضم كلاً من اليمن ومصر والأردن والعراق. لكنه كان مجرد عنوان لقصيدة شعر سياسية حالمة، تبخرت مع أول صباح. توحّد اليمنان شمالاً وجنوباً، لكن الحرب كانت أسرع وأقوى، وانفصل الشقيقان. العراق وسوريا اللذان حكمهما حزب واحد، اعتنق مبدأ الوحدة، تحوّلا ألد عدوين في المنطقة. اتحاد المغرب العربي، ضم دولاً لا يجمعها شيء، سوى الجغرافيا. الجمهورية الإسلامية الموريتانية، المملكة المغربية، الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، الجمهورية التونسية، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى. والوحدة الليبية - المغربية الثنائية.

هذا الاستعراض التاريخي المسهب، يكشف حالة القلق السياسي الذي ساد المنطقة في زمن يتحرك فيه العالم. القضية الفلسطينية، كانت القدّاحة التي تشعل ضمير ومشاعر عامة الشعوب العربية، لكن مع مرور السنوات، كانت تزداد تعقيداً، وكل التيارات السياسية، جعلت منها عنواناً سياسياً شعاراتياً انتهازياً، من القوميين إلى الإسلاميين. المشروع الوحيد الذي نجح وعاش، وحقق سلاماً وتعاوناً واستقراراً، كان مجلس التعاون الخليجي. لماذا نجح، ولم يغرُب؟ لم يتأسس هذا الكيان على شعارات قومية أو اندماجية، بل على تعاون بين دول لها هوياتها الوطنية، وسيادتها وأسلوب حكمها وإدارتها، والهدف هو التعاون الثنائي والجماعي. هناك مشتركات اجتماعية وثقافية وتاريخية بين هذه الدول، وفّرت له حمولة تعاون موضوعية، من دون سقف متخيل يتجاوز الممكن الواقعي.

اليوم، تشتعل نيران الحروب الأهلية، في أكثر من بلد عربي، وكلها نتاج إدارات سياسية، لم تعرف طبيعة العالم الذي نعيشه اليوم. العلم والبحث العلمي، مراكز البحوث، والتصنيع وتطوير الاقتصاد، والعلاقات الدولية المتوازنة المبنية على المصالح المتبادلة، هي أعمدة الكيانات الوطنية. أوروبا لم تؤسس اتحادها الكونفدرالي، بشعار القومية الأوروبية، أو بآيديولجيا يمينية أو يسارية أو دينية. الاتحاد الأوروبي يضم دولاً بروتستانتية وكاثوليكية وأرثودوكسية. لقد تعلّم الأوروبيون من مآسيهم الدموية من الحروب الطويلة، التي أشعلها التطرف الوطني والديني. اندمجوا في عصر خلقوه وخلقهم.

 

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم يركض كما نراه هل نلحق به عالم يركض كما نراه هل نلحق به



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab