بقلم عماد الدين حسين
ما الذى قد يجعل دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعى الثانى لمجلس النواب ومعه مجلس الشيوخ مهما ومختلفا.
قد يسارع البعض للإجابة ويقول لا شىء لأن البرلمان يوافق تقريبا على كل ما ترسله الحكومة من مشروعات قوانين، وأنه لا يستخدم الأدوات الرقابية الممنوحة له بحكم الدستور فى مساءلة الحكومة ومراقبة أعمالها.
لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن دور الانعقاد الجديد الذى بدأ بمجلس النواب يومى السبت والأحد الماضيين ثم مجلس الشيوخ المفترض أن ينعقد اليوم الثلاثاء سيكون بالفعل مختلفا حسب الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب الذى وصف هذه الدورة بأنها ستكون أهم وأخطر الدورات، والسبب من وجهة نظره هو: أولا انعقاد جلسات الحوار الوطنى وبالتالى ينتظر ترجمة القضايا والملفات المدرجة عليه إلى تشريعات يقرها مجلس النواب.
والسبب الثانى يرتبط بالمؤتمر الاقتصادى الذى سينعقد نهاية هذا الشهر، وبالتالى قد يقود أيضا إلى تشريعات ورؤى وأفكار اقتصادية. والسبب الثالث هو انعقاد قمة المناخ الدولية «كوب ٢٧» فى شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل وهو حدث دولى بامتياز ينتظره العالم أجمع لمواجهة التغيرات المناخية وبالتالى فإن المجلس قد يصدر تشريعات لتعزيز هذا التوجه فى مصر.
وأضيف من عندى أن التطورات الدولية المتلاحقة سوف تفرض تحديات مختلفة ومتنوعة على جدول أعمال البرلمان بمجلسيه خصوصا تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيراتها فى مصر.
نعلم أن مصر دفعت ثمنا كبيرا لهذه الأزمة العالمية بحكم أنها تستورد معظم احتياجاتها من الحبوب والبترول والعديد من السلع الأساسية ناهيك عن الدواء والسلاح وبالتالى نحن نواجه نقصا فى العملات الصعبة، واضطررنا إلى تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار والنتيجة التى وصلت لغالبية الناس أن العديد من السلع الأساسية وغير الأساسية قد ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة، وبالتالى فالمنتظر هو كيفية تعامل البرلمان بمجلسيه مع هذه القضية، وهل لديه خيارات أساسا أو دور للمساعدة فى وضع حلول عملية لهذه الأزمة التى تعد مؤثرة على غالبية المصريين بدرجات متفاوتة.
إضافة إلى كل ما سبق فهناك تشريعات كان البعض يتوقع حسمها هذه الدورة مثل قانون الأحوال الشخصية، والبعض يقول إن التأنى فى إصدار هذا القانون أفضل كثيرا حتى لا يثير مشاكل أكثر مما يحل من أزمات.
قانون آخر كان البعض يتمنى حسمه وهو العلاقة بين المالك والمستأجر فى الوحدات السكنية، وإن كانت هناك وجهة نظر موضوعية تقول إن الظروف الحالية قد لا تكون الأفضل لتمرير مثل هذا القانون باعتباره سيواجه اعتراضات من كل المتضررين من تمريره.
ورغم ذلك فإن القوانين التى أحالتها الحكومة إلى مجلس النواب فى أول أيام انعقاد الفصل التشريعى الجديد، ليست بالهينة، خصوصا قوانين تعديلات قانون الأحوال المدنية والاتصالات، ونظام هيئة قناة السويس والأسلحة والذخائر وتقنين أوضاع المنشآت الصناعية وإنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وإعادة تنظيم الأزهر وهيئاته وتعديلات فى قانون الجنسية، هذا بخلاف بعض القوانين التى سبق للحكومة أن تقدمت بها فى دور الانعقاد السابق ولم يتم إنجازها لكن هناك أيضا توقعات بمناقشة قانونى الإدارة المحلية والتصالح فى مخالفات البناء، وإذا حدث ذلك فسيكون لهما دور فاعل على المستويين السياسى والجماهيرى.
أتوقع بالفعل أن يكون هذا الفصل التشريعى ثريا وغنيا بالقوانين، لكن من المهم أن يصل للرأى العام إحساس حقيقى بأن البرلمان يناقش كل القوانين بجدية بحيث تصل رسالة واضحة بأنه فاعل حقيقى وليس مجرد متلقٍ للقوانين من الحكومة ويمررها بصورة آلية، وأن يناقش الأزمة الاقتصادية وتداعياتها لعله يصل إلى تشريعات تخفف من عبء هذه الأزمة على ملايين المصريين