النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

 العرب اليوم -

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي

بقلم - عماد الدين حسين

كيف ندرب أنفسنا كمصريين وعرب على الانشغال بالمستقبل أكثر من الغرق فى قضايا الماضى؟!
سؤال أتذكره كثيرا حينما تأتى ذكرى مناسبات تاريخية مهمة من أول ثورة ١٩١٩ نهاية بثورة يناير ٢٠١١ مرورا بثورة يوليو ١٩٥٢؟
وحتى لا يختلط الأمر على البعض أسارع فأقول إن الانشغال بالمستقبل لا يعنى إهمال أو عدم الاستفادة من كل تجارب الماضى، لكن من دون التوقف عند هذا الماضى وعبادته وتقديسه، وبالتالى الإصابة بالتحجر والخروج من المستقبل بل وربما الحاضر نفسه.
من المهم أن تكون هناك دراسات تاريخية متنوعة عن القضايا الكبرى فى الماضى مثل الثورات حتى تكون نبراسا لنا فى المستقبل ودروسا نستفيد منها حتى لا تتكرر الأخطاء، وليس عيبا أن يرى كل شخص أو فريق أن هذه الثورة أو تلك هى الأحسن والأفضل، لكن المشكلة تبدأ حينما لا يريد هؤلاء مغادرة الماضى، والتعامل مع الحاضر ناهيك عن المستقبل.
سيقول البعض معترضا: لكن الجدل مثلا بشأن ثورة يوليو يعنى الجدل حول مفاهيم وأسئلة كبرى مثل العدالة الاجتماعية والتحرر الوطنى، وأن الجدل بشأن ثورة يناير يعنى نقاشات مهمة بشأن الحريات والديمقراطية؟.
وما سبق اعتراضات منطقية، لكن السؤال هو كيف يمكن أن نحول هذا الجدل إلى قوة دافعة للمضى قدما فى المستقبل بدلا من الإصرار على المناكفات بين فريقين تشبه ما يحدث بين جمهور الدرجة الثالثة لكرة القدم؟!!.
من يتابع غالبية النقاشات حول المناسبات الكبرى التى مرت بمصر طوال المائة عام الماضية سيكتشف بسهولة أنها غارقة تماما فى جدل عقيم لا يُغنى ولا يُسمن من جوع. كل طرف يبدأ النقاش ويختمه بأنه هو الأصح وخصمه هو المخطئ، وهو نفس تفكير بعض المتطرفين دينيا، الذين لا يكتفون بالاعتقاد أنهم الأصح، ولكنهم يكفرون كل من يخالفهم الرأى أحيانا.
هذا الأمر ليس قاصرا فقط على مصر ولكنه مرض منتشر عربيا بصورة لا تخطئها عين، خصوصا فى المشرق العربى أيضا.
الغارقون فى الماضى لا يريدون النظر إلى ما حدث ويحدث فى العالم أجمع، خصوصا المتقدم فمعظم الجدل هناك لم يعد يدور حول مصطلحات مثل الاشتراكية والرأسمالية، لأن الثورة التكنولوجية وتجلياتها خصوصا فى وسائل التواصل الاجتماعى والذكاء الاصطناعى وثورة الاتصالات غيرت وهمشت العديد من المصطلحات والمفاهيم.
صحيح أن الصراعات الطبقية سوف تستمر بصورة أو بأخرى لكن الآليات والتطبيقات اختلفت بصورة جذرية.
الأسس التى بنى عليها التقدم التكنولوجى وتجلياته وتطبيقاته نسفت العديد من الفرضيات التى قامت عليها التقسيمات القديمة ما بين اليمين واليسار.
من لا يصدق عليه أن يتأمل النموذج الصينى. هى دولة كبيرة جدا يحكمها الحزب الشيوعى منذ عام ١٩٤٩ بزعامة ماوتسى تونج، وكان لديهم تجربة مهمة هى «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية»، تمييزا عن النموذج السوفييتى. وحتى عندما رحل ماو فى منتصف السبعينيات فإن خليفته وبانى نهضة الصين العظيمة دينيج هسياو بنج اختار صيغة مختلفة تماما تقوم على الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج، وحينما هاجمه الرفاق المتشددون فى الحزب الشيوعى بأنه انحرف عن المبادئ الماركسية، قال لهم قولته المشهورة: «لا يهمنى ما هو لون القطة طالما أنها قادرة على اصطياد الفأر». الآن ومنذ عقود نرى أن التجربة الصينية صارت ملهمة للعديد من دول العالم اقتصاديا وليس سياسيا.
هناك حزب شيوعى وحيد لكنه يطبق التعددية فعليا داخله، وهناك اقتصاد حر وسوق مفتوحة استطاعت جذب استثمارات أجنبية كبيرة جدا.
وحتى هذه اللحظة فإن هذه التجربة تحرص على التعاون مع الغرب الرأسمالى خصوصا فى أسواقه الواسعة أو البحث عن تقنياته المتقدمة.
الفيصل الأساسى فى أى أيديولوجية هو قدرتها على إسعاد مواطنيها وأن ينعموا بحياة كريمة ويعيشوا فى مناخ من الحريات والإنسانية، ووقتها يمكن أن نطلق عليها ما نشاء من مسميات. المهم أن تسعد البشر وترتقى بإنسانيتهم وتخاطب المستقبل ولا تغرق فى جدل الماضى العقيم.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي النظر للمستقبل وعدم الغرق في الماضي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab