عن الجرذان في الغرف المحصنة

عن الجرذان في الغرف المحصنة!

عن الجرذان في الغرف المحصنة!

 العرب اليوم -

عن الجرذان في الغرف المحصنة

بقلم : عماد الدين حسين

قبل أسابيع أطلقت إيران نحو 200 صاروخ ضد إسرائيل، انتقاما من اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية فى قلب طهران نهاية يوليو الماضى، وكذلك للعديد من قادة الحرس الثورى الإيرانى خصوصا فى لبنان وسوريا.

السلطات الإسرائيلية دعت مواطنيها قبل وفى أثناء وصول الصواريخ إلى ضرورة النزول إلى الملاجئ والغرف المحصنة حماية لهم من الصواريخ الإيرانية، وكذلك صواريخ حزب الله التى تم إطلاقها فى نفس التوقيت.

بعض وسائل الإعلام العربية وبعض المواطنين العرب على وسائل التواصل الاجتماعى اعتبروا نزول الإسرائيليين إلى الملاجئ والغرف المحصنة انتصارا عربيا باهرا واستراتيجيا وكتبوا تعليقات كثيرة منها مثلا: «الجرذان يفرون إلى الغرف المحصنة».

واحتفوا بهذه الصور بصورة لافتة للنظر.. هؤلاء العرب أيضا قاموا بمشاركة صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وهو يهرول ومعه مجموعة من المسئولين الإسرائيليين، وكتبوا تعليقا يقول نتنياهو الجبان يهرب إلى الملجأ.

وقبل أن نناقش هذا المنطق علينا أن نؤكد ونكرر أن إسرائيل دولة عنصرية، تمارس سياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى واللبنانى وتستبيح السيادة السورية ليل نهار، ورغم ذلك علينا أن نفكر فى أفضل طريقة لمواجهتها بدلا من الشعارات الجوفاء والتصورات الوهمية الخاطئة.

وأعتقد أنه من المهم والضرورى جدا مناقشة العرب أصحاب المنهج الذى يرى أن لجوء الإسرائيليين ونزولهم إلى الملاجئ هو هزيمة إسرائيلية وانتصار عربى.

إن صورة نتنياهو لم تكن خاصة بالحدث الأخير، بل تعود إلى محاولته اللحاق بجلسة تصويت فى الكنيست قبل شهور طويلة.

الإخوة العرب أصحاب منطق أن الإسرائيليين الذين يلجأون إلى الملاجئ هم جرذان، عليهم أن يعيدوا النظر فى تفكيرهم، لأنهم باختصار يعتقدون أن العربى الذى لا يلجأ إلى الملاجئ ويعرض نفسه للقتل على يد الصواريخ الإسرائيلية هو إنسان شجاع يستحق الإشادة، فى حين أن الإسرائيلى الذى يلجأ للملجأ حفاظا على حياته هو مواطن جبان يستحق الاحتقار!

ورغم كل النقد الذى يمكن أن نوجهه لدولة الاحتلال وعنصريتها وإجرامها، فهى رغم ذلك بنت ملاجئ لمواطنيها لحمايتهم وقت الخطر، فى حين أن  معظم الدول والتنظيمات التى تحارب وتواجه إسرائيل، لم تفكر مطلقا فى حماية مواطنيها من الخطر المحتمل للأسلحة الإسرائيلية.

للأسف الشديد أحد مواطن الضعف فى تفكيرنا العربى الحالى أننا نعتبر مقتل أو استشهاد مائة أو 500 عربى فى فلسطين أو لبنان فى يوم واحد خبرا عاديا، وكأن المواطن العربى بلا قيمة، فى حين أن نفس التفكير يعتبر ان إصابة عشرة إسرائيليين إصابات طفيفة وأحيانا مجرد الهلع، انتصار باهر لهذا التنظيم أو ذلك.

 يقول أنصار هذا التيار إن الإسرائيليين جبناء لأنهم يقدسون الحياة ويخافون الموت.

 أن تحافظ على حياتك فهذا ليس جبنا، وأن تموت فهذه ليست شجاعة. الأفضل أن تتخذ كل الإجراءات والتدابير التى تجعلك تدافع عن حقوقك ومبادئك ووطنك وتعيش وتنتصر أو تموت فى سبيل مبادئك بعد أن تستنفد كل الوسائل للحياة.

هذا «الاسترخاص» هو الذى جعل قيمة المواطن العربى رخيصة لدى الآخرين. وبالتالى فحينما تقتل إسرائيل 200 أو 500 فردا فى غارة واحدة على غزة أو لبنان، بحثا عن هدف واحد، فهذا يتحول إلى خبر عادى لدى وسائل الإعلام الدولية.

فى المقابل فإن إصابة مستوطن أو جندى إسرائيلى أمر تهتز له الدنيا وإعلام الغرب، بل وتنتج أفلاما تمجد بطولته.

مرة أخرى إسرائيل دولة احتلال عنصرى، لكنها تبنى ملاجئ لتحافظ  على مواطنيها، فى حين أننا نحن العرب أصحاب الحق لا  نعرف كيف ندافع عن حقوقنا أو نروج لروايتنا.

نعم حينما ينزل الإسرائيليون إلى الملاجئ فهذا دليل من أحد النواحى على قوة المقاومة ضد إسرائيل، لكنه فى نفس الوقت يحمى المواطنين الإسرائيليين من الخطر الذى قد يتعرضون له، خصوصا أنهم يخرجون إلى بيوتهم بمجرد توقف صفارات الإنذار. فى حين أن العديد من المواطنين العرب يتعرضون للقتل المجانى لأن دولهم او تنظيماتهم لم تبن لهم ملاجئ تحميهم!

علينا أن نتحلى بالواقعية والمنطق وأن نحتفى بالجوانب الحقيقية للمقاومة وما أكثرها، وعلينا أن نبحث عن نقاط الضعف فى الجانب الإسرائيلى وما أكثرها أيضا، بدلا من الجرى وراء الأوهام والتمنيات والانتصارات الزائفة، والتى تعطى الإسرائيليين المبررات للاستمرار فى دمغ العرب بالغوغائية والسطحية.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الجرذان في الغرف المحصنة عن الجرذان في الغرف المحصنة



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab