بقلم - عماد الدين حسين
كنت أعتقد مثل كثيرين أن فيروس كورونا قد انتهى أو اختفى أو تلاشى، لكننى صدمت بأن معارف وأقارب وأصدقاء أعزاء وشخصيات عامة كثيرة أصيبوا به فى الأيام والأسابيع الأخيرة.
هذا على مستوى الملاحظة الشخصية، لكن وزارة الصحة حسمت الأمر بصورة رسمية، حينما أعلنت يوم الثالث من يوليو الجارى بأنها رصدت ارتفاعا فى نسبة الإصابات بالفيروس بنسبة ٦٫٩٪ خلال الأسبوع الأخير قبل الإعلان.
ومن الواضح والجلى أن فيروس كورونا لم ينته أو يختفى، لكنه تراجع بصورة كبيرة فى العالم كله، مقارنة بفترة توحشه لدى ظهوره الأول فى نهايات عام ٢٠١٩ وبدايات ٢٠٢٠، ولمدة استمرت حتى شهور قليلة مضت.
بالمشاهدة المباشرة فإن عدد المصابين بدأ يزيد فى مصر فعلا، مع اختلاف الأعراض، وبالطبع مع تراجع كبير ليس فقط فى عدد الإصابات، ولكن وهذا هو الأهم فى عدد الوفيات. وهو الأمر الذى جعل وزارة الصحة تتوقف منذ شهور عن إصدار البيان اليومى بعدد الإصابات والوفيات، وتكتفى ببيان أسبوعى لم يعد يثير شهية وسائل الإعلام كثيرا.
فى تقدير الدكتور أمجد الحداد استشارى الحساسية بهيئة المصل واللقاح، فإن كورونا سينتهى قريبا كجائحة، ولكنه سيظل فيروسا ضعيفا مثل الإنفلونزا، وأن أعراضه ضعفت كثيرا، بسبب تلقى اللقاحات.
أعراض كورونا الآن، تشبه إلى حد كبير أعراض الإنفلونزا وربما يفسر لنا ذلك كثرة من يقولون إنهم مصابون بالإنفلونزا هذه الأيام، وهناك احتمال كبير أنها كورونا ولكن بأعراض خفيفة جدا، تكون أحيانا أقل حتى من دور البرد الشديد. والسبب أن التحورات الأخيرة تصيب الجهاز التنفسى العلوى، ولا تمتد كثيرا إلى الرئتين مثلما كان الحال مع الفيروس فى بداية انتشاره أو حتى حينما تحور إلى «دلتا» وغالبية الخبراء يقولون بوضوح إن الأعراض الشائعة هى كورونا وليس «برد المروحة» كما يعتقد كثيرون.
الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية يرى أن ارتفاع أعداد الإصابات أخيرا يعود إلى تطورات طرأت على المتحور الأكثر انتشارا وهو «أوميكرون»، وأن معظم الحالات بسيطة ويتم التعامل معها من المنزل، دون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى، وحتى أول يوليو الجارى فلم يكن الدكتور تاج الدين يعتقد ــ كما صرح «للمصرى اليوم» ــ أن ما نحن بصدده ليس بالضرورة موجة وبائية جديدة، لكن وفى 17 يوليو الجارى قال للإعلامى خيرى رمضان على قناة القاهرة والناس إننا بدأنا الموجة السادسة للجائحة.
روشتة وزارة الصحة هى ضرورة تلقى اللقاح لمن لم يتلقاه، ومن تلقاه عليه بالجرعات التنشيطية كل ستة شهور، واستمرار اتباع الإجراءات الاحترازية خصوصا ارتداء الكمامة خلال التجمعات والأماكن المغلقة وكذلك استخدام الكحول والمطهرات.
على ذمة الدكتورة تاج الدين فإن ٦٠٪ من المصريين حصلوا على جرعتين من اللقاح، وبشكل عام وصلنا إلى ٩٠ مليون جرعة حصل عليها المواطنون، وهناك احتياطى استراتيجى من اللقاحات لمواجهة الفيروس.
أما روشتة الدكتور عادل خطاب عضو اللجنة العليا للفيروسات التنفسية، فهى مطالبة الناس بعدم الاستهانة بالفيروس، وقال قبل أيام لموقع «مصراوى»: «ممكن مناعتك كشخص تكون جيدة، وتصاب بكورونا خفيفة، لكن من الوارد أن تعدى أسرتك خصوصا إذا كان فيهم مرضى قلب أو سكر، وتحدث لهم مشاكل ومضاعفات خطيرة» والحل هو ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية وإجراء التحاليل اللازمة وتلقى العلاج.
الحمد لله كورونا تراجع كثيرا مقارنة بشراسته لدى بدايته، ولكن يفترض أن الدرس المهم الذى ينبغى أن نخرج به من درس العامين الماضيين هو عدم الاستهانة به، أو بأى فيروس مهما كان بسيطا.
علينا أن نحمد الله على تراجع الوباء، لكن أيضا علينا ألا ننسى الأيام السوداء التى مر بها العالم، حينما هاجمه الفيروس بكل ضراوة، وحكم على العالم أجمع بالإغلاق والشلل.
لكن المقلق فى الأمر فى الأيام الأخيرة أن الأعراض لم تعد كلها خفيفة، بل تحولت إلى أعراض صعبة بعضها لم يكن موجودا حتى فى الموجات الأولى.. فما هو السر يا ترى؟