بقلم - عماد الدين حسين
لماذا فاز الزمالك بالدورى العام لكرة القدم قبل نهاية الموسم الكروى بثلاثة أسابيع، ومتقدما على فريق بيراميدز صاحب المركز الثانى بعشر نقاط، وعلى الأهلى صاحب المركز الثالث بـ١١ نقطة، وهى المرة الأولى للأهلى فى هذا المركز منذ عام ١٩٨٢؟!
لا أطرح هذا السؤال كى أقدم إجابة فنية، لأننى لست ناقدا رياضيا، لكن سأحاول تقديم إجابة عن الجوانب غير الكروية، والتى يمكن تعميمها على مجالات أخرى.
كرة القدم لم تعد «لعب العيال» التى تلهيهم عن المذاكرة والاجتهاد كما كان يقول آباؤنا وأجدادنا، بل صارت صناعة متكاملة، تدر أرباحا هائلة، والأهم أيضا أنها أصبحت أحد أهم عوامل القوة الناعمة للدول، ويتابعها مليارات البشر بشغف.
فاز الزمالك بالدورى هذا العام لأنه تخلص من بعض السلبيات التى كان يعانى منها طوال السنوات الماضية وجعلته لا يخسر فقط العديد من الألقاب ولكن يغرق فى مشاكل عبثية.
العامل الأساسى الأول فى الفوز أن إدارة النادى توقفت عن التدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى النادى وفى فريق الكرة، كنا نسمع الكثير من الأعاجيب عن التدخل الذى وصل إلى أن مجلس الإدارة يضع تشكيل الفريق، وخطة اللعب.
إذن الهدوء والاستقرار والتخطيط السليم وإعطاء العيش لخبازه هو الذى يحقق البطولات وليس الصراخ والشتائم والعنترية.
العامل الثانى هو وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب وأتحدث هنا تحديدا عن الكوتش أو المدير الفنى. أو المدرب البرتغالى فيريرا. هو مدرب كفء فنيا، ومتحدث لبق ليس فقط فى الشئون الفنية، ولكن فى الكثير من المجالات، ويشبه إلى حد كبير طريقة حديث مدرب ليفربول يورجن كلوب.
هو احتوى اللاعبين، وغير مراكز لعبهم وعرف كيف يستخرج منهم أفضل ما لديهم، ورفع ثقتهم فى أنفسهم فأبدعوا.
هم نفس العناصر تقريبا التى أخفقت بصورة كبيرة فى بدايات دورى أبطال أفريقيا، لكنه تمكن من تضميد الجراح بسرعة رغم كل المعوقات والتحديات، خصوصا وقف القيد لمدة عامين.
الملاحظة المهمة هنا أن فيريرا نفسه أخفق قبل ذلك رغم كل مواهبه، والسبب هو تدخل الإدارة بصورة سافرة وبالتالى فلا يكفى أن يكون لديك أفضل مدير طالما أنه بلا صلاحيات.
العامل الثالث هو أن الأولوية للفريق والكيان والمؤسسة وليس للفرد والشلة والنجم. نفس اللاعبين فشلوا فى العديد من المسابقات، لكنهم نجحوا حينما استطاعت الإدارة والمدير الفنى، إعلاء قيمة الجماعة على حساب الفرد، دون إغفال أهمية الفرد وموهبته، لكن فى إطار يفيد الجماعة والفريق كله. بعض النجوم هربوا أو تكاسلوا أو قرروا عدم التجديد بحثا عن فرص أخرى، وكان المتوقع أن ينهار الفريق، لكن حدث العكس تماما، وتمكن المدير الفنى وخلفه الإدارة من الرهان على الفريق ككل وليس على لاعب بعينه مهما كان اسمه أو حجمه. وللمرة الأولى منذ زمن فى الزمالك تنجح فكرة الفريق البطل على حساب النجم البطل.
العامل الرابع هو الرهان على الناشئين، ورغم أن الأمر كان أقرب إلى المجازفة، لكنه نجح بامتياز هذا العام، ويعطى رسالة بأن المستقبل للشباب، ودور الإدارة أن تشجعهم وتعطيهم الثقة وتمهد لهم كل السبل حتى ينجحوا. ومع أهمية المحترفين والكبار، لكن هذا الرهان أعطى درسا مهما وهو أنه مع رؤية فنية جيدة وإدارة ذكية يمكن للفريق أن يراهن على لاعبين ناشئين أبناء النادى مما يوفر ملايين الجنيهات.
العامل الخامس: هو الثقة التى اكتسبها الفريق بفعل كفاءة المدرب وعدم تدخل الإدارة. أظن أن أحد أهم أسباب فوز الزمالك للعام الثانى على التوالى أنه نجح إلى حد كبير فى التخلص من عقدة الأهلى المستمرة منذ الهزيمة الثقيلة ٦/١ قبل عشرين سنة فى مايو ٢٠٠٢. وصار الفريق يهاجم الأهلى من أول دقيقة، ولا يهتز لمجرد دخول هدف فى مرماه، وهو تطور مهم يلحظه كل من يتابع حالة الزمالك منذ سنوات طويلة.
العامل السادس والأخير هو الجمهور الذى أراه ربما أهم عامل، ورغم كل الضربات والهزائم والنكبات التى واجهت الفريق الكروى طوال السنوات العجاف الماضية، إلا أن تشجيع الجمهور ووفاءه ومساندته للفريق كانت حاسمة فى منع انهيار الفريق.
ربما تكون هناك عوامل أخرى، لكن هذه العوامل الستة أراها أساسية فى فوز الزمالك، وبالمناسبة هى عناصر لو تم تطبيقها فى أى هيئة أو مؤسسة أو مصلحة أو وزارة، فسوف تكون كفيلة بتحقيق النجاح.
مبروك للزمالك وإدارته وجمهوره وحظ أفضل للكرة المصرية.