مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة

مخالفات البناء.. من أوصلنا لهذه الحالة؟

مخالفات البناء.. من أوصلنا لهذه الحالة؟

 العرب اليوم -

مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة

عماد الدين حسين
بقلم عماد الدين حسين

الكاتب والمفكر السياسى القدير د. عبدالمنعم سعيد كان الوحيد تقريبا الذى تحدث علنًا فى مجلس الشيوخ، ظهر يوم الإثنين الماضى، رافضا الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة، ومن اثنين من أعضاء مجلس النواب هما إيهاب منصور وعمرو درويش بشأن التصالح فى مخالفات البناء، وهو القانون الذى أقره المجلس فى اليوم التالى مباشرة.
الدكتور سعيد قال كلاما منطقيا خلاصته أن «بناء الجمهورية الجديدة لا يستقيم مع التصالح مع أولئك الذين ارتكبوا المخالفات وخالفوا القانون، لأنها إشارة خاطئة تشير إلى أننا لا نزال نفكر بنفس منطق الجمهورية القديمة». هو أشار أيضا إلى «المفارقة المنطقية بين التقنين والمخالفات، والتى لا يمكن عبورها بالمصالحة التى لا تعنى إلا التسليم بالأمر الواقع، وتشبه أن تؤخذ الدية بعدما مات القتيل!!!. فى حين أن الدولة كانت حاسمة فى ملفات مشابهة مثل قراراتها فى منطقة ماسبيرو».
سعيد قال أيضا: «إن القوانين تبتعد عن الحداثة حينما تكون محمَّلة بأثقال اجتماعية أو أمنية، وكلاهما غير صحيح بجلاء الأمور وحكم التجربة وحكمة السياسة».
نظريا اتفق تماما مع رأى الدكتور عبدالمنعم سعيد، وكنت أتمنى أن تكون الدولة حاسمة وقادرة ومتمكنة فى فرض القانون وعدم مكافأة المخالفين، حتى لا ترسل إشارة خاطئة بأن المخالف لن يدفع الثمن فى النهاية، بل الذى سيدفعه فعليا هو الإنسان والمواطن الملتزم دائما.
لكن هناك وجهة نظر أخرى يقول أصحابها إن الواقع أصعب كثيرا مما نعتقد، وأنه لا يمكن أن نلوم المخالفين بمفردهم، بل نلوم سياسات الحكومات المتعاقبة، التى سمحت بأن يصل الوضع إلى ما وصل إليه الآن، للدرجة التى لم تتمكن فيه الحكومة من تطبيق قانونين متتاليين أصدرهما البرلمان هما ١٧ لسنة ٢٠١٩ و١ لسنة ٢٠٢٠ بشأن التصالح فى مخالفات البناء.
ليتنا نتمكن من تطبيق وجهة نظر الدكتور عبدالمنعم سعيد، ليس فقط فى قضية مخالفات البناء، ولكن فى معظم، إن لم يكن كل، القضايا الأساسية التى تواجه مجتمعنا منذ عقود طويلة.
لكن مرة أخرى فإن أصحاب المنطق الآخر يقولون إن فساد المحليات والتفكير العشوائى جلعنا «نلبس فى الحيط» فى العديد من المشاكل، ومنها مثلا «الدروس الخصوصية، التى تحاربها الحكومة منذ سنوات طويلة، لكنها أخفقت إخفاقا تاما، وتبحث الآن تقنين «السناتر» حتى تتمكن على الأقل من الحصول على الرسوم والضرائب من حيتان هذه الإمبراطورية مترامية الأطراف.
لا يمكن أن نلوم عهدا واحدا أو حكومة بعينها على فساد المحليات الذى أوصلنا إلى هذه الدرجةا وإن كنت شخصيا أرى أن المسئول الأكبر هو نظام الرئيس الأسبق حسنى مباركا وحينما تحكم لمدة ٣٠ عاما، ولا تتمكن من مواجهة فساد المحليات، فهناك مليون علامة استفهام، وحينما تترك العشوائيات تنتشر لتمثل حوالى ٥٠٪ تقريبا من الثروة العقارية فى مصر، فالمؤكد أن العهد بأكمله تبنى هذا المنهج العشوائى أو على الأقل سمح به وجعله ينمو ويترعرع ويزدهر حتى صار هو الأصل فى العديد من المناطق.
عشوائية العقود الكثيرة الماضية، والتى ربما بدأت منذ عهد الانفتاح عبر المخطط عام ١٩٧٤ أنتجت واقعا مأساويا يصعب مواجهته بالقانون فقط، أو المواجهة الأمنية فقط، أو القرارات فقط، بل يتطلب الأمر مزيجا من كل ذلك طبقا لكل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية المحيطة.
ونتذكر أن الحكومة كانت جادة جدا حينما قررت مواجهة مخالفات البناء، وبدأت حملات كثيرة لإزالة المخالفات وتقنينها وأصدرت القانون الأول رقم ١٧ لسنة ٢٠١٩، ظنا أن ذلك سوف ينهى المشكلة، لكنها اكتشفت لاحقا أن الواقع أصعب مما فكرت وتخيلت، وأن ثمنا اجتماعيا وأمنيا، ربما تدفعة الحكومة إذا سارت فى تطبيق القانون فقط.
النقطة الثانية أنه كان ينبغى دراسة القضية من كل جوانبها قبل إصدار أى قانون أو قرار، خصوصا أن التراجع فى القرارات والقوانين قد يرسل برسالة سلبية عن الأداء العام.
ثالثا ينبغى وقبل أن نلوم المخالفين أن نلوم كل من سهَّل لهم ذلك بحسن أو سوء نية.
لو أن السياسات الحكومية خلال العقود الماضية كانت سليمة، ولو تم تطبيق القانون على الجميع، ولو لم يفسد جهاز المحليات، ما كانت المخالفات قد وجدت أصلا، وتلك هى القضية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة مخالفات البناء من أوصلنا لهذه الحالة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab