بقلم - عماد الدين حسين
العالم كله تقريبا يتحدث الآن ولمدة أسبوعين عن قمة المناخ فى شرم الشيخ، والتى ستبدأ اليوم الأحد وتنتهى فى ١٨ من هذا الشهر، فما هى قصة هذا المؤتمر الذى يقول الجميع إنه شديد الأهمية؟
المعلومات فى هذا المقال ليست من تأليفى ولكن استقيتها من العديد من المصادر خصوصا الموقع الرسمى للأمم المتحدة، ومن المهم أن تكون واضحة أمام القراء جميعا حتى يمكنهم تقدير أهمية هذا المؤتمر.
فى عام ١٩٩٢ نظمت الأمم المتحدة قمة الأرض فى ريو دى جانيرو بالبرازيل، وهذه القمة «اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، ونتج عنها تأسيس الوكالة التنسيقية، أو ما يعرف الآن باسم أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ. الأطراف التى وقعت على هذه الاتفاقية وصل عددها حتى الآن إلى ١٩٧ طرفا مختلفا حيث وافقت على «تثبيت استقرار غازات الاحتباس الحرارى فى الغلاف الجوى لمنع التدخل الخطير من النشاط البشرى فى نظام المناخ».
بعد عامين من قمة الأرض أى عام ١٩٩٤، دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، وبالتالى قررت الأمم المتحدة عقد مؤتمر سنوى يضم غالبية بلدان العالم تقريبا لحضور مؤتمرات القمة العالمية للمناخ باسم COP والتى تعنى مؤتمر الأطراف، والقمة هذا العام تحمل الرقم ٢٧.
الأطراف المختلفة فى هذه الاتفاقية يتفاوضون لوضع ملحقات مختلفة للمعاهدة الأصلية بهدف وضع حدود ملزمة قانونا للانبعاثات. وفى بروتوكول كيوتو باليابان عام ١٩٩٧، والذى أكده اتفاق باريس عام ٢٠١٥، وافقت جميع الدول على تكثيف الجهود للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى ١٫٥ درجة مئوية فوق درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية عام ١٨٥٠ وتعزيز تمويل العمل المناخى، وهذان الهدفان يواجهان انقساما حادا جدا بين غالبية دول العالم خصوصا بين الدول الأكثر تسببا فى أزمة المناخ والدول الأكثر تضررا من الظاهرة.
فى المؤتمر الماضى فى جلاسجو بإسكتلندا ــ أى «كوب ٢٦» ــ اتفقت دول العالم على تقديم التزامات أقوى، لكن ٢٣ دولة فقط من بين ١٩٣ دولة هى من قدمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى يوم ٢ نوفمبر الجارى.
إلى جانب الحكومات الرسمية فهناك أكثر من ٤ آلاف إعلامى مصرى وأجنبى وحوالى ٣٠ ألفا من ممثلى الشركات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدنى سوف يشاركون فى المؤتمر، وهناك كتل داخل هذا المؤتمر تتفاوض أحيانا بشكل جماعى مثل مجموعة الـ ٧٧ والصين، والمجموعة الأفريقية، والبلدان النامية، والأقل نموا، والمنتدى الشامل والدول الجزرية الصغيرة النامية، والتحالف المستقل لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى. وهناك أيضا المراقبون الذين لا يحملون صفة رسمية لكنهم يتدخلون ويساعدون فى الحفاظ على الشفافية فى النقاشات والمفاوضات، ومن بين هؤلاء الوكالات الأممية والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية.
وخلافا لما يعتقده كثيرون فإن المفاوضات والنقاشات داخل المؤتمر ليست رسمية فقط بين الحكومات والدول، ولكن هناك العديد من غرف الاجتماعات والأجنحة حيث ستعقد آلاف الأحداث الجانبية خلال أيام المؤتمر.
وفى هذه الاجتماعات سوف يتم مناقشة موضوعات كثيرة مثل التمويل والعلوم والشباب والأجيال القادمة وإزالة الكربون والتكيف والزراعة والجنس والمياه والمجتمع المدنى والطاقة والتنوع البيولوجى.
طبقا للأمم المتحدة أيضا فإن المؤتمر سيعقد فى منطقتين متقابلتين، الأولى هى المنطقة الزرقاء وتديرها الأمم المتحدة حيث ستدور المفاوضات وفى هذه المنطقة هناك ١٦٥ جناحا أى ضعف ما كان موجودا فى المؤتمر السابق فى جلاسجو والدخول اليها بتراخيص من الأمم المتحدة. أما المنطقة الخضراء فتديرها الحكومة المصرية وهى مفتوحة للجمهور المسجل، وسوف تشمل أحداثا ومعارض وورش عمل لتعزيز الحوار والوعى والتعليم والالتزام بالعمل المناخى.
وفى هذه المنطقة الخضراء منصة للشباب والمجتمع المدنى والأوساط الأكاديمية والفنانين ومجتمعات الأزياء من مختلف أنحاء العالم إضافة إلى منطقة احتجاج خاصة، والتى شهدت بالفعل مظاهرة احتجاجية يوم الجمعة الماضى ضد دور الدول الغنية فى زيادة ظاهرة الاحتباس الحرارى.
هذه هى المعلومات الأساسية عن المؤتمر لكن هناك أسئلة كبرى لم يفلح العالم فى الإجابة عنها طوال السنوات الماضية، مثل: كيف يمكن إقناع الدول الأكثر تلويثا للبيئة بخفض الانبعاثات ومساعدة الدول المتضررة فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة؟
كل التمنيات الطيبة أن يتمكن مؤتمر شرم الشيخ من التقدم خطوة للأمام فى مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية التى تهدد العالم أجمع.