بقلم عماد الدين حسين
العنوان أعلاه اختاره «منتدى مصر للإعلام»، ليكون شعاره فى مؤتمره الأول، وأظن أن العنوان كان شديد التوفيق، لأنه يعبر فعلا عن واقع الإعلام ليس فقط المصرى، ولكن العربى، وربما العالمى أيضا. والسبب أنه ومنذ سنوات فإن غالبية وسائل الإعلام التقليدية تسأل نفسها سؤالا أساسيا: من هو جمهورى الحالى حتى أستطيع أن أصمم رسالتى الإعلامية بأكبر قدر من الدقة؟!
هل هو الجمهور التقليدى، الذى كان ينزل الشارع ليشترى الصحيفة، أو حتى يتلقاها فى منزله إذا كان مشتركا، أم أنه المشاهد الذى يجلس أمام التليفزيون ليسمع نشرة الأخبار أو البرامج الحوارية والمنوعة، أو حتى المستمع الذى يجلس فى سيارته، أو ربة المنزل اللذان يستمعان للراديو، أم أن تعريف الجمهور اختلف تماما ولم يعد هو الجمهور الذى نعرفه؟!.
ظنى أننا فى كل أنواع وسائل الإعلام التى نعمل فيها سواء كانت ورقية أو إلكترونية، مسموعة أو مرئية، مطالبون بالسعى الجاد لمعرفة من هو جمهورنا.
نعرف يقينا أن الصحف الورقية تراجع توزيعها إلى معدلات قياسية مقارنة ليس فقط بسنوات طويلة مضت، بل بعدد السكان أيضا. لكن وفى المقابل من المهم الإدراك بأن عدد المتابعين للمواقع الصحفية ارتفع إلى أرقام قياسية بالملايين.
يقول المتابعون وخبراء الإعلام إن الجيل الجديد خصوصا من هم تحت سن العشرين ويمثلون نسبة كبيرة فى المجتمع، من المؤكد أنم لا يقرأون الصحف الورقية، بل إن معظمهم لم يعد يتابع المواقع الإلكترونية التقليدية، ويتابعون فقط وسائل التواصل الاجتماعى التابعة للصحف ومواقعها أو السوشيال ميديا العادية، وربما أشكال جديدة من الوسائط الاجتماعية مثل الصفحات المتخصصة.
هذه التطورات المتلاحقة فى طبيعة ونوعية وتفضيلات الجمهور، ينبغى أن تخضع لدراسات معمقة وجادة، حتى نعرف نحن الصحفيين والإعلاميين، لمن نتوجه ونخاطب ونتحدث ونكتب، وحتى لا نتفاجأ بأننا نخاطب أنفسنا و«نبشر فى المؤمنين»!!!.
القائمون على أمر المنتدى كانوا موفقين أيضا حينما وضعوا عبارة «جائحة التغيير»، الكلمة تم اقتباسها بالطبع من «الجائحة» التى ضربت العالم أجمع أى جائحة أو فيروس كورونا، و«التغيير» لأنه أمر واقع يحدث فى كل مكان.
قد لا يحبذ البعض ربط تطورات وتغييرات الإعلام، بمصطلح «الجائحة» المقبض والمثير لمشاعر سلبية عن الإصابات والوفيات والإغلاقات، لكن ظنى أن ما أحدثته ثورة الوسائط الاجتماعية والرقمية الجديدة فى عالم الإعلام، لا يقل قوة وتأثيرا عما أحدثته «الجائحة» فى العالم مع اختلاف نوعية التأثير بالطبع.
وحينما نعرف نوعية وطبيعة واهتمامات هذا الجمهور، يفترض أن نصمم رسالتنا الإعلامية بما يتناسب مع هذا الجمهور أولا، وثانيا محاولة فهمه إذا أردنا أن ننقل إليه رسائل إعلامية معينة. لكن فى كل الأحوال فمن المهم أن نعرف أولا ما هو هذا الجمهور وبعدها يمكن أن نتحدث فى التفاصيل أو بقية البنود.
الجلسة الرئيسية الأولى فى المنتدى كان عنوانها: «الجمهور الجديد.. هذا ما نعرفه حتى الآن»، وتحدث فيها علاء الغطريفى وعمرو العراقى وخالد البرماوى، وأدارت الجلسة الإعلامية المتميزة بقناة «الحدث» ضحى الزهيرى. وتعبير «حتى الآن» فى عنوان الجلسة يوحى بوضوح أننا لا نعرف كل شىء عن هذا الجمهور الجديد.
وفى جلسة ثانية مهمة كان عنوانها «الجمهور المتمرد.. لماذا يصعب على وسائل الإعلام فهمه؟» تحدث فيها جعفر عبدالكريم مقدم برنامج «جعفر توك» على قناة «دويتشه فيله»، وصانعة المحتوى آية شعيب وسلين جوهانسين وأدارتها سارة حازم.
وهى جلسة مهمة جدا لأنها تدعو وسائل الإعلام إلى فهم هذا الجيل الجديد الذى يراه الكبار متمردا، لكنه يرى نفسه جمهورا عاديا يتفاعل مع عصره ويرفض الانصياع للصيغ التقليدية والأوامر التى تأتيه من الأجيال الأكبر.
كان هناك جلسات وورش عمل كثيرة ومتحدثون متميزون. وظنى أن المنتدى حقق هدفه الأساسى وألقى حجرا كبيرا فى بحيرة الإعلام المصرية، وأرجو أن أعود إلى بعض تفاصيله لاحقا إن شاء الله