العراق ما بعد استقالة عبدالمهدي

العراق.. ما بعد استقالة عبدالمهدي

العراق.. ما بعد استقالة عبدالمهدي

 العرب اليوم -

العراق ما بعد استقالة عبدالمهدي

د. ماجد السامرائي
د. ماجد السامرائي

 

انتصار إرادة الشباب على قوى الفساد والجريمة
استقبل المنتفضون المنتصرون خبر استقالة رئيس الحكومة العراقي عادل عبدالمهدي بنوع من الإيجابية وأشعلوا فوانيس الفرح لهذه الخطوة الاستسلامية وهم يودّعون مجموعة جديدة من قوافل شهدائهم الأبرار.

لكنهم لم يغادروا موقعهم الاستراتيجي الثابت القائم على أن هذه الاستقالة إن تحققت لا بد أن تكون خطوة أولى من خطوات خارطة الطريق التي رسمها رجال انتفاضة أكتوبر الذين فتحوا الطريق المخضّب بالدم لتغيير شامل ينقذ العراق من وضعه الحالي المظلم. رغم أن الأحزاب الفاسدة المسؤولة عن حمام الدم العراقي ما زالت تضع هذه الانتفاضة والثورة الشعبية في إطار حركة صبيانية يمكن إرضاء أصحابها ببعض الحلوى، متجاهلة أن هؤلاء الشباب يمثّلون عصرا جديدا يحدث في العراق.

آليات استقالة عبدالمهدي كانت مرسومة بدقة لعدم انفلات السلطة من يد الأحزاب من جانبين. الجانب الأول يتعلق بعادل عبدالمهدي نفسه الذي استجاب بعد ساعة لنداء مرجعيته الشيعية مؤكدا مذهبيته القاصرة في حين قدم المنتفضون أكثر من 400 شهيد وأكثر من خمسة عشر ألف جريح، ولم يذعن لمطالبهم باستقالته في تعبير صريح لعدم وطنيته، كما إنه يحاول تجنّب احتمالات تعرضه لمساءلة قانونية محتملة حول مسؤوليته عن قتل الشهداء بسلاح أجهزته الأمنية أو غيرها من القوى المسلحة الأخرى النافذة بالشارع.

لقد كان المنتفضون واضحين في المطالبة بالانتقال السلمي للسلطة وفق الدستور الحالي الذي تتعالى الآن التفسيرات حول آلياته؛ هل تذهب الاستقالة إلى رئيس الجمهورية أم إلى البرلمان، حيث عمد عبدالمهدي إلى توجيهها إليه متقصدا ذلك في تناغم مع مشروع الأحزاب الساعي إلى الحفاظ على هيمنتهم، ويؤكد المنتفضون الثوار أن الآلية الصحيحة هي قيام رئيس الجمهورية بترويج خطوات استقالة رئيس الوزراء ثم حل البرلمان وقيام حكومة مؤقتة تدعو إلى انتخابات مبكرة بإشراف أممي، ومثل هذه الخطوات لن تؤدي إلى الفوضى إلا إذا أرادتها الأحزاب والقوى العسكرية الموالية لطهران.

الأحزاب الحاكمة لن تستسلم عبر استقالة رئيس الوزراء الذي جاء للحكم بوصاية إيرانية وبتفاهم بين أكبر كتلتين في البرلمان، وقد تدخل مسألة استقالة عبدالمهدي في باب المناكفات داخل الأحزاب الشيعية وبينها وبين كتل وأحزاب السنة والأكراد لإلهاء الشارع العراقي عن مسار الانتفاضة.

هناك شوط طويل للمعركة الخاسرة التي تخوضها هذه الأحزاب ضد الانتفاضة، وهي تناور في هذه الخطوة خوفا من أن تشكّل مقدمة لانهيارات مقبلة، فقد تتوافق داخل البرلمان على تغييرعبدالمهدي بشخصية توافقية أخرى قد تكون أكثر تعبيرا عن المشروع الإيراني في العراق، وستكون أكثر تعنّتا وصلابة في عدم الاستسلام لخطوات مشروع الانتفاضة في التغيير.

هناك استعداد من قبل الأحزاب وميليشياتها لمواصلة حمام الدم بصور أكثر إجرامية ترجمة لشعار أحد قادتها، نوري المالكي، القائل “ما ننطيها”، في وقت تؤكد فيه طهران عزمها على قمع الانتفاضة العراقية بأدواتها، فقد طلب ممثل المرشد علي خامنئي، حسين شريعتمداري، السبت من فصائل الحشد الشعبي التابعة لهم “بالقصاص واقتلاع جذور الأوباش المأجورين” الذين أحرقوا قنصليتهم في النجف، وهذا ما يعبّر عن حماقة طهران بانتقاصها من سيادة العراق.

لا يريد أصحاب السلطان الطائفي الخاضع لإيران استيعاب المعادلة السياسية الجديدة التي أوجدتها انتفاضة أكتوبر رغم قائمة الشهداء الغاليين على أهلهم وشعبهم، وهي معادلة تتمثّل في أن عمر هذه العملية السياسية لستة عشر عاما قضتها بالنهب والاستبداد قد انتهى ولا بد من التسليم بحقائق عصر الثورات والانتفاضات الشبابية، وهناك شواهد حالية من بلدان العالم العربي تؤكد ذلك، حيث لا تعرقل طريقها قصة الديمقراطية التي لم تعد قادرة على الصمود في وجه الثوار، فقد سبق لهتلر أن فاز بالانتخابات الألمانية لكنه تحول إلى أكبر سفاح وقاتل في العصر الحديث. ولا يحتاج عادل عبدالمهدي بعد كل هذا القتل والدمار لاجتياح عسكري أميركي مثلما حصل مع صدام حسين ثم خطفت إيران العراق لصالحها.

الفرز أصبح واضحا اليوم ما بين قوى وأحزاب مذهبية لدى أغلبها صلات غير مبررة مع طهران وينبغي لها الولاء المذهبي لمرجعية العراق، وبين قوى شبابية ناهضة لديها القدرة على إدارة التغيير السلمي في العراق، وهي الكتلة الواعدة، ولذلك فإن وقائع الأحداث تشير إلى انتصار إرادة الشباب على قوى الفساد والجريمة التي تحاول الاستماتة من أجل البقاء، وهي تسعى خلال الفترة الحرجة الحالية إلى خلط الأوراق وتصعيد نظرية المؤامرة في الميدان عبر إثارة زوبعات أمنية وإعلامية يعرف المنتفضون الشباب أصحابها ومدبريها، لكن ذلك تبدد خصوصا في ما قدّمته مؤخرا عشائر الجنوب، حاضنة الشباب الأصيلة، من دعم حقيقي لانتفاضتهم وكشفت جزءا من تلك الألاعيب.

المؤشر الثوري الجديد في يوميات الانتفاضة هو عدم استمرار أهل المحافظات العربية السنية، في البقاء تحت دائرة الصمت خوفا بأن يوصفوا بالداعشية أو البعثية، إلا أنهم تجاوزوا هذه الفرية وأعلنوا انضمامهم إلى الثورة الشبابية ليمنحوها هويتها الوطنية العراقية، ولتأكيد حقيقة أن شباب الانتفاضة رغم انتماءاتهم التقليدية الطائفية فإنهم لا يخضعون لقوانينها المقيتة التي زرعت وروجت للفتنة والاحتراب الأهلي، وهم يعلنون شعارهم الراقي “نريد وطن” الذي يعلو على الهويات الفرعية.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق ما بعد استقالة عبدالمهدي العراق ما بعد استقالة عبدالمهدي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab