السير على الحبل المشدود

السير على الحبل المشدود

السير على الحبل المشدود

 العرب اليوم -

السير على الحبل المشدود

بقلم - رضوان السيد

الذي يسير على الحبل المشدود أو لا يسير هو أمن العالم واستقراره، وهناك أربعة أنواعٍ من التهديدات لأمن العالم في وقتنا الحالي. النوع الأول حربَا أوكرانيا وقطاع غزة، وإن اختلف شكل التهديد بين الحربين.. فالحرب الأولى تقع في قلب أوروبا، وفيها روسيا الدولة الكبرى، وينخرط الغرب الأطلسي كله في الدفاع عن أوكرانيا وفي حصار روسيا. وفضلاً عن صراعات البر والبحر والجو في هذه الحرب، هناك تلويح بالتهديد النووي التكتيكي!

أما الحرب الإسرائيلية في غزة فتكلف آلاف الأرواح معظمها من الأطفال والنساء، وتهدد بتوسيع النزاع ليشمل الشرق الأوسط أو رقعة واسعة منه. أما النوع الثاني من التهديدات لأمن العالم فيحدث في شرق آسيا وبحر الصين، ويدور حول جزيرة تايوان التي تريد الصين إعادة ضمها إلى البر الأم.

والطرف الآخر في الصراع، وهذا وجه الخطورة فيه، هو الولايات المتحدة الأميركية التي تناطح الصين على الجزيرة كما تنافسها، اقتصادياً واستراتيجياً. وهناك أيضاً يحدث استقطاب، حيث تنحاز قوى لأميركا وقوى أخرى للصين، ويظل خطر الصدام في البحر والجو حاصلاً. ويستبعده بعضهم قريباً، لأنه يعني التورط في صراعٍ قد يصل إلى النووي أيضاً، ولا يَبقى قاصراً على تايوان.أما النوع الثالث من أنواع الصراع التي تهدد الأمن العالمي، فيحدث ويوشك أن يحدث في أفريقيا. فهناك الحرب في السودان، وعودة التوترات الداخلية في إثيوبيا، والاضطراب الذي أحدثته الانقلابات في غرب أفريقيا، وحلول الروس محلّ الفرنسيين والأميركيين، وتعاظم التهديد الإرهابي في منطقة الساحل الأفريقي مجدداً.

ولننظر أخيراً في النوع الرابع التهديدات، وهو مرةً أخرى في أوروبا، فاليمين المتشدد الذي تزداد شعبيته يريد حاضراً ومصيراً آخر لأوروبا. هذه الأحزاب الجديدة لا تَهوى الاتحاد الأوروبي، وتريد العودةَ إلى صراعات الهوية، وتتصدى للهجرة، وتتحدى الإدارات المتعبة لأحزاب الوسط واليمين المعتدل التي سادت بعد الحرب الثانية وصنعت أوروبا المزدهرة بمساعدة وضمان الولايات المتحدة. تتعدد الأزمات إذن، ويصعب ضبطها أو الخروج منها. ذلك أنه في مثل هذه الأوقات الخطرة إما أن تكون هناك محادثات ثنائية أو ثلاثية (أي عبر وسيط)، أو يجري اللجوء إلى مجلس الأمن. وقد صار اللجوء لمجلس الأمن شبه متعذر بسبب التوتر بين الأعضاء الكبار لجهة أوكرانيا ولجهة تايوان. وما دامت الحلول من خلال مجلس الأمن متعذرة، فإنّ الوساطات التي ينبغي اللجوء إليها غير متوافرة بكثرة. كان الجميع يعلقون آمالهم فيما يتعلق بحرب أوكرانيا على الوساطة الصينية. أما سيد الوساطات حتى الآن خارج مجلس الأمن، فهو الولايات المتحدة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ولا شك في انحياز أميركا لإسرائيل، لكن اللجوء إليها يأتي باعتبارها الطرف الوحيد الذي يستطيع التأثير على إسرائيل لشدة اعتمادها عليها، عسكرياً واقتصادياً واستراتيجياً. وتملك الولايات المتحدة قدرات على الاستطلاع والمبادرة لا تتفق دائماً مع التقديرات الإسرائيلية، وبخاصةٍ أنها لا تريد حرباً واسعةً في الشرق الأوسط قد تنعكس سلباً على الأمن الإسرائيلي نفسه.

وعلى أي حال، فقد بلغ من هول حرب غزة أن القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن لوقف النار كان بناءً على طلب أميركي، وما اعترض عليها الطرفان اللذان كانا يعترضان في العادة! السير على الحبل المشدود إذن هو وضعٌ خطير، حيث تظلُّ سائر الأطراف معرضةً للسقوط في الهاوية. ولا شكّ في أن كل طرف يظل حريصاً على نفسه لكيلا يخسر كل شيء، لكن لا ضمان لأي شيء وسط خطر الظروف والأخطاء الممكنة التي قد يدفع إليها الاغترار أو سوء التقدير.

*أستاذ الدراسات الإسلامية -جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 07:43 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

حرب الخطة أم حرب التداعيات؟

GMT 07:41 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

GMT 07:40 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

زيارة إلى وادي السيليكون الفرنسي

GMT 07:38 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

المُنية في مزايا الكُنية!

GMT 07:37 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة

GMT 07:35 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الطرح المخاتل لمشكلة الهجرة غير النظاميّة

GMT 07:24 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

المعرفة القاتلة والحرب المحتملة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السير على الحبل المشدود السير على الحبل المشدود



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 05:53 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

استشهاد شقيق الصحفي إسماعيل الغول في مدينة غزة

GMT 13:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

"المركزي" التركي يثبت معدلات الفائدة عند 50%

GMT 09:44 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

إجراء عاجل من الجيش اللبناني بشأن أجهزة بيجر

GMT 10:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab