في هجاء الريسوني

في هجاء الريسوني

في هجاء الريسوني

 العرب اليوم -

في هجاء الريسوني

بقلم - نور الدين مفتاح

"… ولقد رأينا مؤخرا بعض النسوة الخاسرات يرفعن لافتات تصرح بأنهن يمارسن الجنس الحرام ويرتكبن الإجهاض الحرام. هكذا لقنوهن. مع أن الظاهر من سوء حالهن أنهن لن يجدن إلى الجنس سبيلا، لا حلاله ولا حرامه".

اسمحوا لي على تكرار هذه الكلمات الخاسرة رغم أن في تكرارها تكراراً للضرر، ولكن يجب أن تبقى هذه الفقرة محفورة على جبين قائلها إلى الأبد، من هولها، ومن بشاعتها، ومن صفة قائلها، ومن رائحة عفونتها.

لابد من تكرارها ليستيقظ الموتى من الذهول والسيد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يقول للعالم إن الإسلام يبيح أن يعير الإنسان بشكله وإن فقيها متضلعا في موقع القيادة يحكم على نساء خالفنه الرأي بأنهن دون البشر، وأنهن حثالة بلا أنوثة ولا إثارة، وأن الزنى في نظره كحرام أسمى من وضاعتهن.

اسمحوا لي مرة أخرى على هذه الترجمة لكلمات السيد أحمد الريسوني التي تبدو أعنف من كلماته، ولكن الحقيقة هي أن لا شيء يمكن أن يترجم القبح الذي تضمنته معاني ما خطّه العالم المقاصدي المفترض. لقد ارتكب جريمة تعبير لا إنسانية وعليه على الأقل أن يخضع لمحاكمة الرأي العام.

ولنفهم خطورة الجرم الذي ارتكبه السيد الريسوني، لابد أن نربطه بسيرته، فغير المتعلم قد يعذر بابتدائيته ولكن صاحبنا حاصل على الدكتوراه ورئيس سابق لرابطة المستقبل الإسلامي ورئيس سابق لحركة التوحيد والإصلاح، وأشرف على أكثر من خمسين أطروحة جامعية، وناقش أكثر من مائة أطروحة، وكتب عشرات المؤلفات ويرأس اليوم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين خلفا للشيخ القرضاوي.

 

هذه هي سيرته كما يخطها هو على صفحته الفايسبوكية وتحتها نجد مقال: "أنا مع الحريات الفردية" الذي دس فيه تصوره البدائي للمرأة وللحق في الاختلاف وتصوره المريض لعلاقة الإنسان بالجنس وعلاقة الجنس بالدين وعلاقة الشهوة بالإثارة وعلاقة الإثارة بالشكل، وكل هذه الأمور ملتبسة ومعقدة ومتقيحة في نفوس جزء من أبناء الحركة الإسلامية والتي تعميهم بأشكال مختلفة ولكنها كلها متخلفة.

 

هناك من حرم الشباب باسم إسلامه لا باسم إسلام رب العالمين من مجرد التواجد في قسم دراسي واحد يجمع الذكور بالإناث، وهناك من ظل يمارس ما يشبه دور "المطاوعة" في السعودية لتحريم السلام باليد بين الرجال والنساء وفي النهاية وجدناه شيخا حمّادا مع شيخة فاطمة يمارسان الجنس الحرام بمفهوم أحمد الريسوني في سيارة في الشارع العام في السادسة صباحا بالمحمدية! فماذا قال الفقيه المقاصدي ومن والاه؟ إنه استهداف من المخابرات للحركة والحزب الذي يقود الحكومة!! لماذا لم يتكلم الريسوني عن شكل حمّاد/براد بيت حركة التوحيد والإصلاح أو فاطمة /أنجلينا جولي الدعوة والتقوى؟

لماذا لم يتكلم الريسوني عن شكل محمد يتيم أو عن حال مدلكته أو عن صورة المؤخرة الأسطورية المشمسة لفاتنة سقطت سهوا في حساب وزير التشغيل السابق وهو يوقظ بها الشبق الجنسي المتأخر؟

عيبٌ السيد أحمد الريسوني وخايب أن تبصق على وجوه نساء مغربيات تواقات للحرية بطريقتهن وهن لم يرفعن التحدي أمام القانون إلا من أجل بنت أخيك هاجر ومن خلالها من أجل حياة انعتاق مستحقة لمغربيات يردن كسر قيود بعض مهربي الدين. وتحية لهاجر التي تبرأت مما قلته وأدانت كلماتك، لأنك بتلك الكلمات حشرت نفسك في زمرة السفهاء، وهم، حسب القاموس، الجهلاء الطائشين.

نعم، ها نحن نرى رئيس أكبر تجمع لعلماء المسلمين يبيض قبحاً، لذلك فالجهل لا يمحى بشهادات العلماء والرئاسات، بل لا يمحو الجهل إلى التنوير ثم التنوير فالتنوير.

 

في بلادي فسيفساء معقدة من المنسوجات الاجتماعية والتنوع في الروافد الهوياتية والتعدد المبهر في القناعات والتوجهات، ولكن في هذا الغنى يندس الكثير من الغباء المقدس والتصورات القروسطية للتمييز بين الناس بسبب العرق أو الدين أو الجنس، أما وأن يصل الأمر إلى التمييز بينهم بناء على أشكالهم وربطها بحقهم في أجسادهم وتصنيفهم على أساس أنهم أقل من حثالة لا يرضى بوطئها -وهذه تعبيراتكم- إنسان، فهذه لم يسبقكم إليها السيد الريسوني لا إنس ولا جان. إنها مس جسيم بالكرامة الإنسانية، ومعاداة للمساواة، وخرق ليس للقيم الكونية ولكن لتعاليم كل الديانات، وعلى رأسها الإسلام: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا" صدق الله العظيم. و"لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى" صدق نبي الله الكريم.

 

كيف تتنكر السيد الريسوني لهذه المبادئ الفضلى التي هي رأسمالك المهني زعما وتستكثر على نساء يخالفنك الرأي حتى الجنس الحلال لأنهن خاسرات وسيئات الحال؟!

 

اسمح لي السيد الريسوني أن أصارحك بحقيقتك بسبب هذا الرأي الأرعن، إنك سيء الحال، رث الفكر، وضيع المقاربة، عنصري متخلف عن العصر.

 

اسمح لي باسم المغربيات جميعهن اللواتي مسستهن بطلقاتك الحقيرة أن أتطاول عليك كما تطاولت على مقدس الكرامة، وأن أقول لك إنك مدان كفقيه ومدان كرئيس ومدان كإنسان يحتقر الإنسان، وإنه لو كنت في واقع آخر بعيد عن الفهلوة الدينية لما استمرت عزتك بالإثم ولما استمرت صفحتك بعد الفضيحة في نشر "سلسلة القواعد الفقهية" ولا في "الفنون والتكييف الفقهي" مرفقة بصفة العلامة. أنت السيد الريسوني باسم ما اقترفت وباسم تشبثك بما اقترفت لست فقيها علامة ولكن علامة من علامات الساعة، فيا رئيس علماء المسلمين اعتذر أو لا تعتذر فقد وقع الفأس في الرأس، وأستسمح النساء الحرات والنحريرات اللواتي يدافعن عن قناعاتهن بكل شرف وجرأة إن لم أستطع أن أتجاوز هذا القدر في الرد لأن الريسوني رفع السقف عاليا، ولا أعتقد أننا جميعا يمكن أن نصل إلى صاعه ولا إلى قاعه.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في هجاء الريسوني في هجاء الريسوني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab