ما لقيصر لقيصر

ما لقيصر لقيصر

ما لقيصر لقيصر

 العرب اليوم -

ما لقيصر لقيصر

بقلم : أمينة خيري

مع كامل الاحترام والتبجيل والتقدير للأطباء والمهندسين والمحاسبين والمدرسين والصحفيين والنجارين والسباكين والحدادين وغيرهم من أصحاب الحرف والمهن الحيوية وغير الحيوية، أقول إنه مهما بلغ هؤلاء من دقة وشطارة وحذاقة فى أعمالهم، فإن هذا لا يخول لهم حق الإفتاء فى الدين أو خلط الحِدادة بالأحاديث أو النِّجارة بأحكام الشرع أو عمليات القلب المفتوح بالقلوب العامرة بالإيمان أو الخاوية منه.

لا يخلو مجتمع من قواعد وقيم قائمة على المعتقدات الدينية والثقافية والاستعانة بها بشكل أو بآخر فى تفاصيل الحياة اليومية. لكن المجتمعات المدركة لأهمية مبدأ «إدى العيش لخبازه» أو تلك التى تعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله لا تسمح لنفسها بالانجراف فى حياة «سمك لبن تمر هندى».

هذه الخلطة لا تقتصر على مجال دون غيره، بل يمكن القول إنها جاءت ضمن حزمة الإسلام السياسى التى هبّت علينا فى سبعينيات القرن الماضى. وتجذرت وتوغلت واستفحلت حتى أصبحت مظهرًا عاديًّا وطبيعيًّا ومستحسنًا من قِبَل أغلب فئات المجتمع. جارنا أُحيل إلى التقاعد فأصبح يفتى الناس فى أمور دينهم. طبيب العائلة قرأ كتابين فى الدين فأصبح نبراس الطب النبوى.

«عم محمد» السباك سافر إلى دولة خليجية عشر سنوات فعاد «الشيخ محمد» الذى يستفتيه الطبيب والمهندس والنجار فى أمور دينهم. خبير التنمية البشرية (لو كان هناك شىء بهذا الاسم) اكتشف أن دورات «كيف تدير الوقت بكفاءة؟» و«تطوير الذات فى خمس خطوات» و«فن الثقة بالنفس» لو تم تلوينها بألوان ذات طابع دينى من شأنها أن تحقق ضعف الأرباح وأضعاف المشاهدة والمتابعة وبالطبع الرزق الوفير.

وأعرف شخصين على الأقل يحاضران فى قواعد التربية والعلاقات الأسرية ويعتمدان على ترجمة حرفية منقولة نقل مسطرة من مصادر إنجليزية بمساعدة «جوجل ترانسليت» ثم غمسها فى خلطة قوامها آيات وأحاديث لتبدو وكأنها نتاج علم دينى رفيع مع تمكن من قواعد علمى الاجتماع والنفس وبالطبع التسويق الضامن للربح.

سيربح الجميع لو توقفنا، سواء بوازع الضمير المؤمن بالتخصص، أو بحكم القانون الحامى من المعلومات الخاطئة والهيمنة على الأدمغة ممّن خلطوا السمك باللبن بالتمر هندى، حتى لو اقترفوا ذلك بحسن نية، فالنوايا الطيبة لا تعفى من الآثار الكارثية، وكفانا ما نحن فيه من كارثة ثقافية تتستر بالدين.

وقد بات فى حكم المؤكد أن هناك مَن سيقرأ هذه السطور ثم يصرخ ألمًا ويبكى كمدًا لأن الكلمات السابقة تهاجم الدين وتعادى المتدينين. وما هذا الصراخ والبكاء إلا نتيجة طبيعية لخلط النِّجارة بالطب بالحِدادة بالمحاسبة بالتنمية البشرية بالسباكة بعلوم الذرة والعلاج بالأعشاب.

بيننا مَن استقوا الثقافة من محال العطارة، ونهلوا الأخبار من مقاطع «تيك توك»، واستمدوا علوم الطب والصيدلة من أسطوات الأعشاب ودجّالى السحر والشعوذة، وأخذوا جرعات الدين من أساتذة الطب والهندسة والنِّجارة والحِدادة. سمعنا عن الفنان الشامل، أما العالِم الشامل فجديدة وفريدة

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لقيصر لقيصر ما لقيصر لقيصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab