بقلم : محمد أمين
الشجاعة التي أظهرها أهل غزة بدت أثناء الحرب، كما أنها بدت أيضًا في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم، أمس، في أول يوم للهدنة دون خوف أو شعور بالقلق.. كانت الكاميرات تصور النزوح الجماعى للعودة كما صورت نزوحهم للجنوب تحت الضرب والقصف.. هذه الشجاعة أعطتنى الحماسة لأقول إن مخطط التهجير لن ينجح أمام هؤلاء الجبارين!.{
هؤلاء لم يرهبهم شىء، ولم ينتظروا سيارات أو ناقلات ولكنهم عادوا سيرًا على الأقدام وبعضهم استقل عربات الكارو.. مشهد لا يفعله إلا الغزاويون.. ومعناه أنهم لا يقبلون الضغوط بالتهجير، ولا الإغراءات للتهجير، وأن الأرض التي نشأوا عليها هي أرضهم التي سيموتون فيها وعليها، مهما كان العالم ضدهم!.
رسميًّا لا تهجير وشعبيًّا لا تهجير.. وبالتالى لا بد من وجود حل عادل لأن التاريخ سيظل يكرر نفسه، ولا بد من احترام حق البقاء والعودة حتى يعيش الكل في سلام، فهذا الشعب لن يستسلم بسهولة، وهو يقاتل عن أرضه حتى آخر فرد، ورغم أن الخسائر البشرية طالت الجميع، فهو شعب لا يهتز ولا يفر ولا يهرب، لكنه عاد رغم التحذيرات ورغم القصف في أول يوم للهدنة!.
لقد تم اختبار أهل غزة على مدى عقود، فلم يهربوا رغم القصف ولم يتركوا بيوتهم وديارهم.. ولم تتناقص أعدادهم.. وإنما زادوا وكبروا وضاق بهم القطاع ولم ينزحوا منه ولم يشكوا الضيق، بينما في المقابل نزح الإسرائيليون من أثر الحرب وهرب نصف مليون في أسابيع، بشكل يهدد بقاء إسرائيل!.
معناه أن الفلسطينيين لن يقدموا تنازلات، مهما كانت الحرب ومهما كانت الإغراءات، وإسرائيل هي التي عليها تقديم التنازلات لأصحاب الأرض حتى تعيش في سلام، والمشهد يمكن أن يقدم البرهان لكل الأطراف بداية من أمريكا إلى أوروبا إلى الأمم المتحدة!.
وأظن أنه بعد انقضاء الهدنة لن يبقى فلسطينى واحد خارج القطاع، بشماله وجنوبه.. فهذا هو مكانهم وأرضهم، ولم تسجل المنافذ والمطارات نزوحًا فلسطينيًّا إلى بلاد الله، كما نزح الإسرائيليون، والأرقام موجودة في المطارات والموانى!.
لم يبقوا لأن المساعدات عادت لتدخل، ولم يخرجوا لأن المساعدات تراجعت.. وليس لديهم سلاح للبقاء ولو اقتضت الظروف يمكن أن يحاربوا بأظافرهم وأسنانهم.. فليس لديهم ما يفقدونه!.القاعدة تقول إياك أن تحارب شعبًا ليس لديه ما يخسره.. هذا درس للعالم قدمه أهل غزة في الحرب والهدنة والنزوح للعودة.. فالقصة ليست أن لديه سلاحًا أم لا.. وكذلك لا يهم إن كانوا يتفاوضون باسمه على دولة منزوعة السلاح أو لديها تسليح خفيف، فقد هزموا بسلاح خفيف الجيش الذي ادعى أنه لا يُقهر، وأجبروه على التفاوض!.