بقلم : محمد أمين
خذ الحكمة من فم السائق والحلاق.. فهما يتحدثان مع الناس طوال الوقت، ويجيدان الكلام واستخلاص الأفكار، وإعادة تدويرها فى أحاديث أخرى.. وقد ركبت مع سائق تاكسى يحب الكلام.. قال: والله يا أستاذ إحنا فى نعمة، لكن أكثر الناس لا يعلمون، كنت بكلم بنتى فى فرنسا على الإنترنت منذ أيام وفاجأتنى حين قالت يا بابا: إحنا هنا لا نجد زجاجات الزيت على أرفف المحلات.. وقد أصبحت مشغولا على ابنتى التى تعيش فى أوروبا.. مع أن ولدا واحدا كان يسافر يستطيع أن يغير مسار عائلة من الفقر إلى الثراء!.
يتساءل: لم أعد أدرى هل أحمل إليها الزيت من مصر؟، أم أنتظرها حتى تعود؟.. فقلت أنا وهو فى وقت واحد: الحمد لله مصر بخير.. كل شىء موجود بأى كمية.. وزدت عليه فقلت: العيشة فى مصر سهلة وبأقل تكاليف، المهم الناس تشكر!.. عشرة جنيهات فول وطعمية ممكن تأكل أسرة فى الصباح!.
أحببت أن أنقل إليكم كلام سائق التاكسى لأنه يأتى فى موعده.. نحن هنا بأقل شىء نستطيع أن نعيش.. وسائق التاكسى لا يقبل يده غالبا ولا يشكر فى الحكومة فهو كثيرا ما يختلق مشكلات ومتاعب، كى تزيد له فى الأجرة.. فهو كثيرا ما يتحدث عن عملية جراحية لأمه وغيرها لزوجته ليستدر عطف الراكب، خاصة إذا رأى أنه من فئة أعلى، أو قادم من سفر، وحبذا لو كان الراكب من الخليج!.
وأخذنى التفكير بعيدا فقلت إن الحكومة المصرية هى المعنية وحدها تقريبا بالمخزون الاستراتيجى، منذ أيام الحرب، ولذلك مرت علينا ظروف الكورونا وظروف حرب روسيا وأوكرانيا، دون أن نتأثر، وكانت الحكومة تؤمن الاحتياطى الاستراتيجى!.
أما أوروبا فهى لا تنشغل بالمخزون ولا الاحتياطى لأنها تملك القدرة على استيراد ما ينقصها من الغذاء، وتملك النقد الأجنبى، ثم إنها نسيت زمن الحرب فوقعت فى الفخ!.
فهل تتخيل أن أرفف المحال فى بريطانيا وفرنسا خالية من الخضار، ومن زيت الطعام، بينما هذه الأصناف موجودة فى مصر، سواء ما ننتجه، أو ما تستورده!.. وبالمناسبة فقد قامت وزارة التموين بتأمين مخزون استراتيجى من كافة السلع الغذائية لمدة ستة أشهر، كما قال وزير التموين على المصيلحى!.
صحيح الناس أصبحت تعبانة لكن تبقى الحياة هنا أسهل، ولو كنا نعيش بمرتبات عادية، لكن هناك حزمة إجراءات للحماية الاجتماعية، وهناك نوع من الدعم وكل شىء متاح.. زيت الطعام متاح، بينما فى أوروبا مسموح لكل أسرة بزجاجة زيت، مهما كانت قدرتها على الشراء!.
وأخيرا، لا أقارن لأننا أفضل، قطعا لسنا الأفضل، لكن خدمتنا ظروف الحروب التى عشناها، ووضعنا سياسات جعلتنا نراقب مؤشرات المخزون الاستراتيجى، وهذا هو الفرق بين من لا يفعلون ذلك فى الظروف العادية