بقلم : محمد أمين
هل أصبح قطاع كبير منّا مهووسًا بالثراء السريع؟.. هل أُصيب المجتمع بحالة جنون؟.. لقد كنا نأكل لقمة وقطعة جبن ونشكر الله ونذهب للصلاة وننام مرتاحين.. ما الذى جرى لنا؟، كيف أصبحنا ضعاف النفوس إلى هذا الحد؟.. كانت جدتى تأكل العيش والملح وتشرب من القلة وتبوس يدها وِشّ وضَهر، وكنا نقلدها ونفعل مثلها، رغم أنها كانت من أصحاب الأملاك.. ولكنها كانت راضية!.
ما الذى جعل الناس لا ترضى وتتطلع لما فى يد غيرها؟.. لماذا هذا الهوس بالمال؟.. هل ما جرى فى الساحل جعل الناس يشعرون بالجنون: لماذا نحن لا نملك الفلل؟.. لماذا لا نملك الشاليهات ولا الملايين؟.. مؤخرًا، ظهرت عصابات تسرق الآثار.. وتحفر الأرض فى الأقصر وإسنا، ونجح رجال الآثار وشرطة السياحة فى ضبط عصابات التنقيب عن الآثار، وإحباط أربع محاولات للتنقيب داخل منازل قريبة من معبد إسنا، وتم ضبط أصحاب المنازل وأفراد العصابات وأدوات الحفر!.
لا عذر لأحد على الإطلاق.. صحيح ربما هؤلاء فقراء، ولكن ما عذر الأثرياء الذين تم ضبطهم منذ شهور، وهم رجال أعمال عندهم المصانع والجامعات والفضائيات والقصور؟.. إنه الهوس والجنون والتوحش!.
هؤلاء وهؤلاء يحلمون باقتناء التماثيل والمساخيط الذهبية وبيعها بالملايين.. عملية واحدة لو نجحت ستوفر لهم حياة مختلفة، ولكن عيون الدولة لا تنام، ولا يمكن أن يحققوا أحلامهم الآثمة ببيع تراث مصر.. أكبر من هؤلاء سقطوا فى بئر الخيانة والحرام!.
السؤال: لماذا يبحثون عن المال الحرام والثراء السريع؟.. هل هى الرغبة فى الانتقال من طبقة اجتماعية إلى طبقة اجتماعية أخرى؟.. لماذا لا ينتقلون من طبقة إلى أخرى بالتعليم؟.. لماذا أصبح المال هو المحدد لطبيعة الطبقة الاجتماعية؟.. لقد كان الناس يدركون أن التعليم وليس غيره هو الذى ينقل الناس من طبقة اجتماعية إلى طبقة أعلى!.
للأسف، انقلبت المعايير والمقاييس.. أصبحنا نرى فئات اجتماعية غريبة تحضر الاحتفالات فى الساحل بعشرات الآلاف، وتشترى الفلل والشاليهات بالملايين، ولم يعد المعيار هو الأخلاق ولا التعليم.. أصبح المعيار هو الفلوس.. وراح البعض يتساءل: ما الأعمال التى تجعلهم يكسبون بهذه الطريقة؟.. وكانت الإجابة إما المخدرات وإما الآثار.. لذلك ذهب البعض إلى الآثار مباشرة للكسب السريع واختصار الوقت والجهد!.
كان لابد أن تُظهر الدولة العين الحمراء، وتؤكد أنه لن يُفلت أحد يفكر فى سرقة الآثار أو التجارة فى الممنوع.. وكانت الضبطيات الأخيرة خير دليل على ذلك.. وأطالب أيضًا بزيادة الضرائب على هؤلاء الناس، وبالمناسبة، فهم لن يتأثروا مهما ارتفعت الضرائب ومهما زادت الأسعار لأنهم لم يجنوا ثرواتهم من مرتبات شهرية، ولكن من أعمال ممنوعة!.
لا يعنى هذا أن كل الأثرياء حققوا ثرواتهم من مال حرام، ولكن بعض هؤلاء سقطوا فى بئر الحرام، بعضهم كان ينقب عن الآثار، وأفلت.. وبعضهم تاجر فى الحرام وعرق الغلابة