بقلم : محمد أمين
أكتب هذا المقال بمناسبة موسم الحج، والأعداد المليونية التى تؤدى فريضة الحج هذا العام.. وأطرح السؤال: هل تفكر السعودية من الآن فى التوسعة الأكبر للحرمين الشريفين؟!
وهذه فرصة لأكتب عن مهندس معمارى مصرى، رحمه الله، من أبرز أعماله توسيع المسجد الحرام والمسجد النبوى، استدعاه الملك فهد لتنفيذ هذا العمل الضخم، بعد أن اطلع على مؤلفه بعنوان موسوعة مساجد مصر.. وأوكل إليه الملك فهد مهمة إعداد التصميمات الخاصة بمشروع توسعة الحرم النبوى الشريف، والإشراف على عمليات التنفيذ. وكانت هذه أكبر عملية توسعة للحرم منذ قرون عديدة!
ولد المهندس كمال فى 15 سبتمبر 1908 بمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، ودرس فى مدارس المدينة الابتدائية، بعدها انتقلت أسرته إلى مدينة الإسكندرية، وهناك أنهى تعليمه الثانوى فى مدرسة العباسية، ليتوجه بعدها إلى القاهرة للالتحاق بـ«جامعة فؤاد الأول»، ودراسة الهندسة بها، فكان واحدًا من بين أفراد دفعته التى لم يتعد عددها سبعة دارسين، وعلى الرغم من أنه تتلمذ على يد أساتذة من إنجلترا وسويسرا درسوا له فى الجامعة فنون العمارة العالمية إلا أنه تأثر بشدة بفن العمارة الإسلامية ليبدع فيه عقب التخرج ويكون ملهمه لعمل دراسة شاملة عن المساجد المصرية!
كان أصغر من حصل على الثانوية فى تاريخ مصر، وأصغر من دخل مدرسة الهندسة الملكية الأولى، وأصغر من تخرج فيها، وأصغر من تم ابتعاثه إلى أوروبا للحصول على شهادة الدكتوراه فى العمارة، كما كان أول مهندس مصرى يحل محل المهندسين الأجانب فى مصر، وكان أيضا أصغر من حصل على وشاح النيل ورتبة البكوية من الملك فاروق
بعد حصوله على بكالوريوس الهندسة من جامعة فؤاد الأول فى ثلاثينيات القرن الماضى، سافر إلى فرنسا للحصول على الدكتوراه التى حصل عليها للمرة الأولى فى العمارة من مدرسة بوزال عام 1933، ليكون بذلك أصغر من يحمل لقب دكتور فى الهندسة، تلاها بعدها بسنوات قليلة بدرجة دكتوراه أخرى فى الإنشاءات وليعود إلى مصر ويلتحق بالعمل فى مصلحة المبانى الأميرية التى شغل منصب مديرها فى العام 1948، كانت المصلحة وقتها تشرف على بناء وصيانة جميع المبانى والمصالح الحكومية، لتصمم يداه العديد من الهيئات ومنها دار القضاء العالى، مصلحة التليفونات، مجمع المصالح الحكومية الشهير بمجمع التحرير الذى أنشئ عام 1951 بتكلفة 200 ألف جنيه.
المهم أن توسعة الحرم النبوى زادت مساحته بمعدل زيادة سبعة أضعاف، من 14 ألف متر إلى 104 آلاف متر مربع، والحرم المكى من 265 ألف متر إلى 315 ألف متر مربع، وهى التوسعة التى نفذها وأشرف عليها المهندس كمال إسماعيل، ورفض الحصول على أجر مقابل ذلك، وهو صاحب فكرة الرخام الأبيض، الذى يغطى أرض الحرمين، وهو لا يتأثر بالبرودة ولا الحرارة، وبلغ إجمالى تكلفة الأعمال 18 مليار دولار.. فهل تبدأ السعودية من الآن التوسعة الكبرى أم تتجه لتقليص أعداد الحجاج بشكل سنوى؟!