بقلم : محمد أمين
هذه الرسالة تتحدث عن ضرورة التمسك بالقانون، وتحافظ على حق الناس أكثر مما تنتقدهم.. تلقيتها من الدكتور محمد شتا أمين عام الإدارة المحلية سابقًا.. وهى تعبر عن خلاصة خبرته فى المحليات والعمل العام.. يقول فيها:
«أسعدنى حقيقة أن أراك تخصص مساحة فى عمودك الرصين؛ لتكون منبرا للمواطنين، يقدمون من خلالها اقتراحاتهم، ويبثون منها شكاواهم من بعض السلبيات!.
اخترت لحديثى إليك اليوم عبارة شاعت بيننا، ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، ألا وهى عبارة حق الغلابة.. وباسمها ارتكبت كل الموبقات حتى شاع الفساد والتسيب فى المجتمع بدرجة موحشة.. وكأن القانون يصدر لكى نخالفه فى تحالف شيطانى بين المواطن المخالف وبين جهة إنفاذ القانون!.
امتطى الناس ظهر القطار فى ظاهرة مخزية وشاعت بيننا لسنوات طوال إلى حد كبير وفاحش، حتى تحركت الأجهزة المختصة، وقاومتها فاختفت وحل محلها التزويغ من الكمسارى، والذى إن أدى واجبه حيالهم واجهه أصحاب الأصوات العالية: سيبوا الناس تعيش دول غلابة!.
امتهنت كرامة الأرض الزراعية بملايين حالات التعدى بالبناء عليها، وبرضه تسمع جملة سيبوا الناس تعيش دول غلابة وهيروحوا فين.. طيب وياكلوا منين بعد كده؟!.
ووصل النفاق السياسى والاجتماعى أشده عندما انحازت السلطة المنوط بها تنفيذ القانون إلى مخالفى القانون، ووقفت ضد القائم على تنفيذ القانون فى واقعة مزرية؛ حيث عاقب محافظ رئيس مدينة عندما تصدى بشجاعة لبائعة خضار تفترش الطريق العام وتسده فى وجه المارة والسيارات، فما كان من المحافظ إلا أن عاقبه، لأنه نفذ القانون وأدى واجبه!.
المثير فى الأمر، أن الغش فى الامتحانات أصبح حقا مكتسبا، وهو يمارس الآن علنا بلا وجل أو خوف من قانون أو ضمير، وإذا أراد مدير مدرسة ضبط الأمر هاجمه أولياء الأمور، واتهموه بعظائم الأمور، وليست حادثة مديرة مدرسة بإحدى مدن الدقهلية ببعيدة عندما تجمهر أولياء الأمور أمام المدرسة للفتك بها؛ لأنها منعت الغش، ولم تستطع الخروج إلا فى حماية الشرطة!.
على مدار 50 سنة تركت الدولة الغلابة يحلون مشكلة السكن بالبناء على أراضى الدولة، فى منظومة عشوائية وخطيرة، غزت كل أرجاء المدن المصرية ونالت القاهرة والجيزة والإسكندرية النصيب الأكبر، حتى أصبحت ظاهرة تهدد حياة ساكنيها بالخطر، وتهدد أيضا المجتمع بأمراض وعلل اجتماعية عديدة، ما جعل الدولة فى السنوات الأخيرة تعطيها اهتماما واسعا، وأنفقت عليها المليارات لتطويرها وكان يمكن من البداية منعها بتكلفة أقل بكثير لو احترمت الحكومة والمواطن القانون!.
لا أود أن أطيل.. ولكن لا أستطيع أن أختتم قبل أن أحيى صاحب العبارة العبقرية التى تقول (معظم النار من مستصغر الشرر)، فبالسماح لمخالفات ظنناها بسيطة فى أول الأمر، شاعت ظاهرة عدم احترام القانون فى كل شىء، واكتوى بنارها المجتمع كله!.
خالص تحياتى،
د. محمد شتا»