الكرابيج على ظهر الزعيم

الكرابيج على ظهر الزعيم

الكرابيج على ظهر الزعيم

 العرب اليوم -

الكرابيج على ظهر الزعيم

بقلم: عادل درويش

الأسبوع دهر في عالم السياسة» قول للزعيم العمالي الراحل، السير هارولد ويلسون (1916 - 1995) وكان رئيساً لوزراء بريطانيا أربع مرات (1964 فترتين - 1970. و1974 - 1976 فترتين)... بقية العبارة «في أسبوع فقط تتغير حظوظ ومستقبل زعيم، أو حزب سياسي».
تذكرت قول واحد من أشهر ثلاثة زعماء عماليين في قرن كامل - بجانب توني بلير الذي أبقى العمال في الحكم ما بين 1997 و2010، وكليمنت أتلي (1883 - 1967) زعيم أول حكومة عمالية (1945 - 1951) بعد الحرب العالمية الثانية. بسبب الأسبوع الأسوأ في حياة رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي يحمد الله أنه لا يزال في «داوننغ ستريت» في نهايته.
من يراجع مقالنا الأسبوع الماضي يدرك أن سفينة جونسون لا تزال تبحر وسط عواصف وأمواج متلاطمة، وحلفاؤه قبل خصومه، يحاولون إخماد ضوء المنارة (الفنار) الذي يبعد سفينته عن الصخور، وآخرون يحاولون تمزيق أشرعتها.
الأربعاء وسط الأسبوع صادف جونسون حظاً هو الأسوأ في اليوم الأهم في جدول الأعمال البرلمانية والمساءلة الأسبوعية له، المبثوثة تلفزيونياً قومياً وحول العالم، ويشارك فيها أربعة عشر نائباً تختار أسئلتهم بالقرعة، وأيضاً قمة المبارزة الكلامية بينه وبين زعيم المعارضة العمالية (السير كيير ستامر، ونصيبه ست مداخلات) وزعيم الكتلة المعارضة التالية من الأكثرية عدداً (زعيم الحزب القومي الأسكوتلندي إيان بلاكفورد ومخصص له مداخلتان).
دقائق قليلة قبل بدء الجلسة ظهر الأربعاء، هجر أحد نوابه، صفوف الحكومة لينتقل إلى مقاعد المعارضة العمالية.
هدية لا تقدر بثمن للمعارضة ولمؤسسة الصحافة وصناعة الرأي العام في بريطانيا، والتي تشن حملة - هي الأقوى منذ حملة المؤسسات الليبرالية العالمية ضد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (2017 - 2021) - للإطاحة بجونسون لعدة أهداف أهمها بالطبع هزيمة البريكست وإعادة بريطانيا إلى حظيرة الاتحاد الأوروبي.
انتقال نائب من المعارضة إلى الحكومة أو بالعكس، أمر لا يتكرر كثيراً، لكنه عندما يحدث تستغله الصحافة والتيارات المناوئة للحزب الذي هجره النائب كدليل على عدم الثقة بزعيم الحزب وسياسته.
أيضاً تزايدت مراسلات لجنة 1922، والتسمية من تاريخ تكوينها، عام 1922 من نواب محافظين التقوا في نادي كارلتون الاجتماعي أثناء سحب الثقة من حكومة ائتلافية من المحافظين والأحرار بزعامة رئيس الحكومة وقتها الليبرالي ديفيد للويد جورج (1863 - 1945). وأصبح اللقاء وتنظيم هذه اللجنة تقليداً لمعرفة رأي النواب وهم يمثلون الدوائر التي صوتت للمحافظين.
لجنة 1922 من نواب المقاعد الخلفية، أكثر تمثلاً للصوت الشعبي، فهم نواب ليس لديهم مناصب وزارية، هذا النظام لا مثيل له في العالم، والذي تقترب منه برلمانات بلدان تحاكي وستمنستر ولا تزال الملكة هي رأس الدولة (بلدان لها رئيس وزراء فقط ككندا، ونيوزيلندا وأستراليا و13 بلداً آخر في الكومنولث) لكنه لا يزال نظاماً فريداً بحزب المحافظين في بريطانيا بسبب الظروف التاريخية لسحب الثقة وتغيير الزعيم في 1922.
نظام وستمنستر للديمقراطية البرلمانية فريد من نوعه، فبعكس النظام الجمهوري، الحكومة التنفيذية في البرلمان، وهو ثالوث العقيدة السياسية المقدسة - جهاز تشريعي، وأدلة محاسبة للحكومة، وأيضاً الحكومة - فبلا أغلبيتها بين أعضائه، ما أصبحت حكومة أصلاً.
سحب الثقة من زعيم الحزب كرئيس الحكومة لا يعني إسقاطها، وإنما تغيير الشخص، هو مرحلة إجراءات معقدة تبدأ بإرسال خطابات إلى رئيس لجنة 1922 (السير غراهام برايدي النائب منذ 1997) وعندما يصل عدد الخطابات إلى 15 في المائة من النواب (54 نائباً في البرلمان الحالي) يتجه رئيس اللجنة إلى الزعيم ويخبره عن سحب الثقة منه. في هذه الحالة يفتح المجال لتقدم مرشحين آخرين، بتزكية النواب، لتحدي الزعيم ويتم التصويت بالاقتراع السري.
ولذا كان هجر نائب محافظ لمقاعد الحكومة إلى صفوف المعارضة في أصعب أيام الأسبوع لطمة قاسية لرئيس الحكومة جونسون... الغريب، أنها كانت نموذجاً عملياً للقول الإنجليزي الشعبي: «لكل سحابة بطانة فضية»، فقد أدى استغلال المعارضة، والصحافة المعادية لدعم جونسون؛ فلقاءات الصحافيين مع المحافظين المنتقدين لجونسون دفعتهم إلى الدفاع عن حزبهم (واتهام النائب المنشق بنكث العهد للناخب). وفي اليوم نفسه، قرر مناهضو جونسون تجميد المطالبة باستقالته حتى الانتهاء من تحقيق سكرتارية مجلس الوزراء في مسألة الحفلات في 10 داوننع ستريت مخالفة للوائح الحجْر الصحي (راجع «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي).
صحيح أن أسبوعاً هو دهر في عالم السياسة!
في اليوم التالي ظهرت اتهامات جديدة من النواب المنتقدين لجونسون «لكرابيج» الحزب بابتزازهم بضغوط غير أخلاقية لأنهم قدموا طلبات سحب الثقة إلى لجنة 1922.
«كرباج الحزب» ليس حاملاً للسوط بالمعنى الحرفي (وإن كان هناك سوط أو كرباج، معلق في مكتب حملة الكرابيج). كرباج الحزب منصب وزاري في مجلس الوزراء، ويصعب على غير الإنجليز فهمه لأنه نظام خاص ببرلمان وستمنستر. إنها مثل وزارة مصغرة مهمتها انضباط سلوك نواب الحزب. انتُخب صديق لي، كولونيل (عقيد في الجيوش العربية) في الجيش البريطاني منحته الملكة وساماً لبطولاته، نائباً للمحافظين، في عام 2010، فطلب مني تقديمه إلى chief whip و«الكرباج» للمحافظين، فدعوتهما لعشاء وأثنيت على بطولة كتيبة صديقي التي خبرتها وأنا مراسل مع الجيش في زمن مضى. وفوجئت بصرامة لهجة الكرباج الأكبر قائلاً للبطل حامل الأوسمة: «نحن لسنا في الجيش، ومضيفنا الصحافي هذا لن يكتب عنك كمحارب، بل عن أدائك الديمقراطي، فهو الآن صحافي برلماني لا مراسل حربي، وأنت مجرد خادم لأصغر وأفقر ساكن في دائرتك الانتخابية، أنت تلميذ في سنة أولى ديمقراطية، وأنا ناظر المدرسة الذي ستتبع إرشاداته دائماً».
مساعدو كبير حملة السياط، يوظفون كل وسائل الضغط (بما فيها ما يبدو لا أخلاقي للناظر من بعيد) على «التلاميذ الصغار» في مدرسة الديمقراطية، لأن مخالفة برنامج الحكومة، تعني التمرد على إرادة الشعب، فهي حكومة بإرادة أغلبية الشعب.
أسبوع هو دهر في الديمقراطية البرلمانية... ولا يزال جونسون رئيس الحكومة حتى إشعار آخر.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرابيج على ظهر الزعيم الكرابيج على ظهر الزعيم



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
 العرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
 العرب اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab