في مشهد يعيد إلى الأذهان محاولات تهجير الفلسطينيين المتكررة عبر العقود، جاء تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل سكان قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن ليطرح تساؤلات جدية حول إمكانية تنفيذ هذه الخطة في المرحلة المقبلة.وبينما تصاعدت دعوات اليمين الإسرائيلي المتطرف لدعم هذه الفكرة، واجهت الفكرة رفضا قاطعًا من الفلسطينيين ومن الدول المعنية، وعلى رأسها مصر والأردن.
أعاد ترامب طرح فكرة تهجير سكان غزة كجزء من رؤيته لحل القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى ضرورة توسيع النقاش مع دول المنطقة لتوفير حلول "مؤقتة أو طويلة الأمد" للفلسطينيين.ووفقًا لتصريحاته، فإنه أجرى محادثات مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى إمكانية استيعاب الفلسطينيين في أراضٍ بديلة.
أوضح رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، سمير غطاس، خلال حديثه لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن هذا المشروع ليس جديدا، بل يعود إلى ما قبل "صفقة القرن".
وقال غطاس: "ترامب لا يمكنه أن يفاجئ أحداً بمشروعه، فهو لم يستكمل صفقة القرن خلال ولايته الأولى. لكن الفكرة ظلت مطروحة منذ عام 2005، وهي تستهدف إعادة هيكلة قطاع غزة على حساب سيناء، وهي فكرة قوبلت دائمًا بالرفض المصري القاطع."
وأكد غطاس أن هذا المشروع ليس فقط مرفوضا فلسطينيا، بل يحمل أيضا تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، قائلاً ان"الضغط على الفلسطينيين للخروج إلى سيناء يشكل تهديدا للأمن القومي المصري، ومصر أبلغت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي برفضها القاطع لهذه الفكرة".
رحب قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف بتصريحات ترامب، واعتبروها فرصة لتطبيق ما وصفوه بـ"الهجرة الطوعية للفلسطينيين".
وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير أشار إلى أن دعوات ترامب تمثل "شرعية دولية" لطموحات إسرائيل الكبرى. وفي السياق ذاته، قال بتسلئيل سموتريتش: "مساعدة الفلسطينيين في العثور على أماكن جديدة لبدء حياة جديدة فكرة ممتازة. علينا التفكير خارج الصندوق لإيجاد بديل لحل الدولتين".
لكن هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول مدى واقعية هذه الخطة في ظل رفض حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، التي اعتبرت الفكرة محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية.
حركة الجهاد الإسلامي وصفت التصريحات بأنها تشجيع على ارتكاب "جرائم حرب"، بينما اعتبرت حماس أن الشعب الفلسطيني أفشل مثل هذه المشاريع في الماضي وسيفشلها في المستقبل.
الموقف المصري كان واضحا من البداية، حيث شددت الحكومة المصرية على رفضها القاطع لفكرة إقامة مخيمات للاجئين الفلسطينيين في سيناء.
وزير الأوقاف المصري أكد في تصريحاته أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد المقبول دوليًا، مشددًا على أن الفلسطينيين ليسوا "لاجئين غير شرعيين"، بل مواطنون أصليون في أرضهم.
أما الأردن، فقد أظهر موقفًا مشابهًا عبر تصريحات وزير الخارجية الأردني، الذي أكد أن المملكة ترفض بشكل قاطع أي محاولة لإعادة توطين الفلسطينيين أو تغيير التركيبة الديموغرافية للمملكة. وقال:"الأردن لن يقبل بأي خطط تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأن ذلك يتعارض مع الثوابت الوطنية الأردنية."
غطاس أشار إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة في ظل الضغوط الأميركية المحتملة لتنفيذ هذه الخطة. ومن بين تلك الضغوط، احتمال وقف المساعدات الخارجية لمصر إذا لم تستجب للضغوط. ومع الأعباء الاقتصادية الهائلة التي تواجهها مصر، حيث يتعين عليها سداد ديون تتجاوز 40 مليار دولار خلال الأشهر التسعة المقبلة، تبدو المواقف أكثر تعقيدًا.
وعلى الرغم من ذلك، أبدت القيادة المصرية تمسكها بمواقفها الرافضة للخطة. غطاس علق قائلاً: "الموقف المصري يعكس إجماعا وطنيا على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مهما كانت الضغوط. هذا المشروع يحمل في طياته مخاطر جسيمة، ليس فقط على الأمن القومي المصري، بل على استقرار المنطقة بأسرها".
بينما تحاول إدارة ترامب واليمين الإسرائيلي المتطرف إحياء هذه الخطة، يبقى السؤال حول إمكانية تنفيذها فعليًا في ظل الرفض الفلسطيني والعربي والدولي. يرى محللون أن مثل هذه الخطط ستواجه مصير الفشل كما حدث مع مشاريع مشابهة في الماضي. لكن المخاوف تظل قائمة بشأن محاولات إسرائيل استغلال هذا الطرح لتبرير سياسات أكثر عدوانية في قطاع غزة.
غطاس اختتم حديثه بتحذير من السيناريوهات المقبلة، قائلاً: "فشل صفقة القرن قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع في الشرق الأوسط، وقد يستخدمه نتنياهو كذريعة للعودة إلى الحرب. على الفلسطينيين والعرب التوحد لمواجهة هذه المخاطر والتأكيد على حقوق الفلسطينيين التاريخية في أراضيهم".
إعادة إحياء خطة تهجير الفلسطينيين ليست مجرد تهديد إنساني أو سياسي، بل هي خطوة تعكس التحولات الجيوسياسية في المنطقة. وبينما يسعى ترامب لإعادة تسويق خططه السابقة، فإن صمود الفلسطينيين ورفض الدول العربية لهذه المشاريع يبقى الحاجز الأخير أمام ما يصفه البعض بـ"نكبة جديدة".
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تناولت تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر أعادت الجدل حول مسألة التهجير القسري وحل الدولتين.
هذه التصريحات أثارت ردود أفعال قوية من الأطراف الإقليمية والدولية، وسط اتهامات للإدارة الأميركية بتجاهل الحلول السلمية والاعتماد على أسلوب "الصفقات".
هذا التقرير يرصد مواقف الأطراف المختلفة، مستعينًا بتحليلات خبراء ومتخصصين، مثل سمير التقي، الباحث في مركز الشرق الأوسط بواشنطن، وأستاذ القانون الدولي عامر فاخوري، بالإضافة إلى الكاتب إيلي نيسان والخبير في الشؤون الإسرائيلية صبحي عسيلة.
أثار حديث ترامب عن تهجير نحو 1.5 مليون فلسطيني من غزة جدلا واسعًا، خاصة أن هذه التصريحات جاءت بالتزامن مع اتفاقات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
ترامب وصف الخطة بأنها "تطهير لغزة"، مما أثار شكوكًا حول أهداف الإدارة الأميركية.
وفقًا للباحث في مركز الشرق الأوسط بواشنطن سمير التقي، فإن ترامب "يتنصل من حل الدولتين"، مشيرًا إلى أن سياساته تعتمد على تصدير أزمات المنطقة، بالتعاون مع اليمين المتطرف الإسرائيلي.
ويرى التقي أن تصريحات ترامب ليست مجرد اقتراحات، بل قد تكون جزءًا من خطة مدروسة لتحويل الفلسطينيين إلى عبء على دول الجوار.
ردود الفعل الإقليمية جاءت حاسمة، حيث رفضت كل من مصر والأردن هذه التصريحات. وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي صرح بأن "المملكة ترفض بشكل قاطع تهجير الفلسطينيين"، مؤكدًا على موقف الأردن الداعم لحل الدولتين.
من جانبه، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن "تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر"، مشيرًا إلى أن إخراج الفلسطينيين من أراضيهم يعني عدم عودتهم إليها أبدا، وهو ما يهدد جوهر القضية الفلسطينية.
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية صبحي عسيلة خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، أن هذه المواقف تنطلق من إدراك الدول العربية لمخاطر التهجير القسري، حيث يُعتبر تهجير الفلسطينيين "تهديدا للأمن القومي المصري والأردني على حد سواء".
كما أشار إلى أن الضغوط التي تواجهها مصر منذ أشهر، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية، لم تؤثر على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية.وصف أستاذ القانون الدولي عامر فاخوري تصريحات ترامب بأنها "غير مسؤولة"، مؤكدًا أن الإدارة الأميركية الحالية والسابقة تتبنى مواقف تتناقض مع المصالح الإقليمية.
وأضاف أن هناك فجوة بين تصريحات ترامب وبين واقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث أن أي محاولات لتهجير الفلسطينيين ستواجه رفضًا قاطعًا من جميع الأطراف المعنية.
من جهة أخرى، اعتبر الباحث الإسرائيلي، إيلي نيسان أن تصريحات ترامب حول غزة تأتي في إطار محاولاته لإعادة إحياء "صفقة القرن"، والتي فشلت بسبب رفض الدول العربية والفلسطينيين لها.
نيسان أشار إلى أن إسرائيل نفسها ليست معنية بزعزعة استقرار الأردن ومصر، لأن ذلك سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على المنطقة بأكملها.
التوجهات الإسرائيلية تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحسب الباحثين، تسعى لإنهاء وجود الفلسطينيين في المنطقة، وهو ما يتضح من دعم نتنياهو لأفكار التهجير، سواء قسرية أو طوعية.
صبحي عسيلة وصف هذه السياسات بأنها "قنبلة موقوتة"، محذرًا من أن استمرار تجاهل حل الدولتين سيؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة. كما أشار إلى أن المقاومة الفلسطينية والرفض العربي يعيقان تنفيذ هذه المخططات.
يشير سمير التقي إلى تراجع الدور الأميركي عالميا، حيث لم تعد واشنطن تتمتع بالقوة التي كانت عليها في منتصف القرن الماضي.وأضاف أن الإدارة الأميركية أصبحت عاجزة عن فرض سياساتها على دول المنطقة، خاصة في ظل الرفض العربي القوي لسياسات التهجير.
أما فاخوري، فقد أوضح أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر اعتمادا على التحالفات الإسرائيلية، مما يضعف مصداقيتها كوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين تعكس نهجا سياسيا يعتمد على الصفقات، دون الأخذ بعين الاعتبار تبعاتها الإنسانية والسياسية.
وقال دبلوماسيون عرب مخضرمين إن تصريحات الرئيس الأميركي ترامب توصف ب" شطحة " من شطحاته او لا تعدو كونها أكثر من " جس نبض"
قد يُهمك ايضـــــًا :
حملتا هاريس وترامب تعلقان على قضية "القرصنة الإيرانية"
هاريس تدعو لإنهاء الحرب في غزة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس وعدم معاودة الاحتلال للقطاع
أرسل تعليقك