النظام العربى أبعد ما يكون عن اليقين

النظام العربى.. أبعد ما يكون عن اليقين

النظام العربى.. أبعد ما يكون عن اليقين

 العرب اليوم -

النظام العربى أبعد ما يكون عن اليقين

بقلم - جميل مطر

«عدم اليقين» ربما كانت العبارة الأكثر تداولا فى الكتابات السياسية فى المرحلة الراهنة من مراحل تطور البنى والأفكار السياسية. العبارة فى حد ذاتها لا تعنى الكثير. مثلا لا تعنى حال توقف أو شلل وفى الوقت نفسه لا تعنى بالضرورة حال سيولة. ولما كانت لا تعنى الكثير لدى الكثيرين راح بعضهم فى محاولة شرح ما يجرى أو ما يرى ويراقب يستخدم عبارات أو كلمات مثل فوضى وعدم استقرار ومرحلة انتقالية أو ضبابية. المهم أيضا أن العبارة كما نتداولها لا تشى باقتراب اليقين منا أو اقترابنا منه.
تدفعنا حالة عدم اليقين إلى تشغيل طاقتنا وربما عبقرياتنا أيضا من أجل صنع هياكل خائلية جديدة إن صح التعبير للنظام الدولى فى المستقبل. أعرف، كما يعرف كثير من زملائنا فى هذه المهنة، أن اجتهاداتنا فى هذا المجال لن تؤتى أكلها فى وقت منظور، ليس لأن المعلومات تنقصنا أو لأن أقراننا فى الدول العظمى على مستوى أكاديمى أو مهنى أفضل، ولكن لأن قوى نفوذ ومصالح مالية وسياسية جبارة تجتهد ومنذ مدة غير قصيرة من أجل أن تصب مختلف الاجتهادات الأكاديمية والاستخباراتية فى هياكل وأفكار تخدم بالضرورة مصالحها. أقرأ باهتمام ما يكتبه أو يصرح به أو يغرده أشخاص مثل إيلون ماسك وبيل جيتس ووارين بافيت وعملاء لمخابرات غربية وروسية تقاعدوا شكلا ويجتهدون عملا. أقرأ أيضا تسريبات حقيقية أو مزيفة وربما هى حقيقية ومزيفة فى آن واحد، ومن كل ما قرأت وقرأه زملاء فى بلادنا وبلاد أخرى فى آسيا وأفريقيا يتأكد لنا أن اليقين الذى يسعون فى أوروبا وأمريكا للاقتراب منه يتجاوز فى تفاصيله وأغراضه كل ما يمكن أن تتوصل إليه خيالاتنا. يكفى أن نعرف أن حربا فى أوكرانيا نشبت ودمرت وقتلت عشرات الألوف ولو استمرت لأفلست دولا غنية، هذه الحرب كانت بمثابة الطلقة الأولى فى سعى أقطاب النظام الدولى نحو يقين طال انتظاره وآن استعجاله.
• • •
فيما يتعلق بنظامنا الإقليمى العربى لا أظن أن أحدا أو جهة أو مؤسسة انتهت إلى رسم خريطة فكرية واضحة عن الشكل المتوقع أو المأمول لهذا النظام فى المستقبل. الأصعب من رسم خريطة لشكل النظام ومؤسساته هو صياغة قواعد عمله ومنظومة قيمه وتوزيع القوة فى داخله، وبناء على هذا التوزيع يتعين إعادة ترتيب مكانات الدول الأعضاء ومواقعها ورسم جديد لحدود النظام من الداخل ومن الخارج.
نقرأ اجتهادات إعلامية بعضها يعكس فى حقيقته رغبة فى البكاء على ما ضاع وما هو على وشك الضياع، وبعض يعكس حال نشوة بما سيؤول له من مكانة مستحقة ومؤكدة، وبعض ثالث يعكس آمال هجرة من المكان تزداد مع الوقت وتتعمق. مخيف وخطير ما يعكسه هذا البعض الأخير. فهمنا وتعلمنا أن الشعوب تهاجر إن ضاق بها الحال وفشلت الدولة فى توفير الأمن والرزق لها. أما أن تهاجر الدولة فمعناه أن النظام الإقليمى وقد تكون هذه الدولة من مؤسسيه صار عاجزا عن حفظ أمنها أو أنه يقصر فى تأمين وجودها.
لا يخفى عنا حال الدولة الساعية للهجرة خشية اقتراب يقين يتهدد فيه أمنها ورزقها، هذا الحال صارت تعبر عنه توجهات وسياسات أو أحيانا «لا سياسات» أكثر من دولة عربية. هذه الدول أصابها اليأس وهى فى انتظار دعم يأتيها من نظامها الإقليمى العربى. إحداها أفلست خزائنها وأصاب العجز ميزانياتها، وأخرى تهدد أمنها وخرب الأجانب المسلحون بعض مدنها وأكثر زراعاتها ومصادر مياهها ونهبوا ثروتها المعدنية، وثالثة فقدت زهور شعبها عندما خرج شبابها إلى الخارج أملا فى وظيفة تدر قوت اليوم أو فى خيمة تأويهم وأطفالهم، ورابعة هبط عليها الظالمون فاسودت فى عيون مواطنيها الدنيا وساد الغم والهم ولم يجدوا من يمنعهم من النزول إلى البحر ففى انتظارهم قوارب الموت لتأخذهم إلى حيث لا يريدون ولا يريدهم أحد، وخامسة ضاعت من قادتها البوصلة فاختلفوا فيما بينهم وضاقت الصدور واحتدت الأنفس ولهم الآن فى الشوارع أيام وأسابيع، وسادسة وسابعة وثامنة هاجرت بالفعل وتبقى شعوبها فى مكانها لم تغادر.
• • •
فى الحالتين، حال النظام الدولى والنظام العربى، اليقين غير جاهز للتو. ليس خافيا أن الصين، وهى أحد اللاعبين الأساسيين الضروريين لتحقيق اليقين، غير مستعدة الآن لدفع ثمن باهظ من أجل مساهمة فى استعجال أو استحضار هذا اليقين. تعتقد الصين اعتقادا جازما أن الوقت يقف معها. اعتقاد ربما كان مصدره الأساس الأيديولوجى لثقافة أغلب قادة الحزب الشيوعى الصينى وربما كان مصدره حسابات دقيقة للقوة المتوفرة لدى الطرفين الأمريكى والصينى والاقتناع بأن الحلف الغربى يبقى دائما مهددا بالتفكك. أضف حقيقة أنه لم يعد من الأسرار التصاعد المتتالى فى المشاعر الاستقلالية فى صفوف الحلف الأوروبى، خاصة أن أخطاء واشنطن فى قيادة الحلف تتزايد باستمرار.
وفى حال النظام العربى يظل اليقين غائبا وفى الظن أنه قد يغيب لمدة طويلة. فبالرغم من كل الجهود الدولية والإقليمية المبذولة من أجل تحقيق استقرار داخلى فى عدد كبير من الدول العربية يظل نزيف الفقر والطائفية والحروب الأهلية مستمرا وحائلا صلبا ضد نهاية سريعة لحالة عدم اليقين. لا يمكن تجاهل الهجرات المتزايدة من جانب مواطنين عرب إلى خارج المنطقة والهجرات المتوقعة من جانب دول عربية من النظام الإقليمى العربى إلى نظام الشرق الأوسط فى حال تأخر تحقيق اليقين للنظام العربى.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام العربى أبعد ما يكون عن اليقين النظام العربى أبعد ما يكون عن اليقين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab