أين واجبات الإنسان

أين واجبات الإنسان؟

أين واجبات الإنسان؟

 العرب اليوم -

أين واجبات الإنسان

بقلم - آمال موسى

لا يمكن لأي صاحب فكر مستنير وتقدمي أن يبخس أهمية خطاب حقوق الإنسان ولا المجهودات المبذولة من أجل تكريسها وتحويلها إلى واقع ينعم به الإنسان. بل إن خطاب حقوق الإنسان هو من أهم مضامين الثورة الفرنسية ومقوم رئيسي من مقومات الحداثة والعقلانية. فالعقلانية تمجد العقل والحداثة تنتصر للفرد وحقوقه، وعلى رأس هذه الحقوق حريته.

كما أنه من غير الممكن اليوم لأي مجتمع أن ينخرط في المجتمع العالمي من دون أن تشتغل نخبه على حقوق الإنسان والحريات الأساسية العامة والفردية. كما أنه شرط الاعتراف بالدول اليوم وشرط الدعم والمساندة.

نظرياً وعملياً الجميع يمدح الخيارات الحقوقية والمنجز في مجال حقوق الإنسان، حيث أصبح اليوم مجال تمايز وآلية من آليات ترتيب الدول والمجتمعات.

ويمكن الاستنتاج أنه لا يمكن الخروج عن خطاب حقوق الإنسان وكل الدول والنخب في سباق وتنافس من أجل استجابة متقدمة لمدونة حقوق الإنسان واتفاقياتها والبروتوكولات المتفرعة عنها.

إذن خطاب حقوق الإنسان هو خطاب يحظى بالتلقي الإيجابي والنضالية العالية والدعم الكبير والقوي أممياً.

السؤال: هل الحديث عن حقوق الإنسان يكفي ولا حاجة لنا لأي رؤية مقابلة وموازية تعتني بالواجبات التي على الإنسان تلبيتها؟ هل الحقوق منظومة مكتفية بذاتها أو أنها تصبح ذات شأن عندما نضعها في مواجهة مع الواجبات؟ الملاحظ أن خطاب الحقوق اليوم هو المهيمن في جميع دوائر الفعل الاجتماعي: لا حديث للفرد أينما كان وكيفما كان موضوعه إلا الدفاع عن حقه. في حين أن الحديث عن الواجبات لا يجد الأذن الصاغية وهنا يكمن المشكل، حيث يفقد خطاب حقوق الإنسان جزءا من قوته من منطلق أن الحقوق هي الموضوع والجوهر والمهم، وعدا ذلك لا وزن له.

أعتقد أننا تناسينا نقطة مهمة، وهي أن الحقوق مكفولة من أجل أن نقوم بواجباتنا كما يجب. وتغافلنا عن جدلية الحق والواجب التي تشبه إلى حد كبير جدلية الأخذ والعطاء، حيث إن الحق يحيلنا إلى الأخذ في حين أن الواجب يجسد معنى العطاء.

ولعله من المهم لفت الانتباه إلى أن هذه الثقافة الاجتماعية الجديدة التي أهملت منظومة الواجبات واستبدلت منظومة الحقوق بها لها تداعيات سيئة على تربية الناشئة التي تركز في تفكيرها وسلوكها واختياراتها على الحقوق دون سواها؛ الشيء الذي جعل المضامين التربوية المقدمة للطفل في الوسائل الأكثر تأثيراً في صنع المواقف وتشكيلها مضامين حقوقية محضة، وهو ما أثر بدوره على الأجيال الجديدة التي تطالب بصوت عالٍ داخل الأسرة والبيئة الاجتماعية ككل بحقوقها وتستميت من أجلها من دون أن يحمل وعيها أهمية الواجبات، وأن للإنسان حقوقاً وعليه واجبات.

إن إيلاء خطاب الحقوق الدفاع اللازم والنضالية الواسعة من الأشياء التي تفتخر بها الإنسانية اليوم، حيث يعني هذا الخطاب منزلة الإنسان وما حققته الإنسانية عبر تاريخها والانتقال من زمنية اجتماعية تقوم على الجماعة والمجتمع إلى أخرى تنتصر للفرد.

غير أن الملاحظ هو أن هيمنة خطاب الحقوق أوحت بأن الحقوق هي الأساس، والواجبات مسألة ثانويّة. فالطفل اليوم يطلب، وهو مهووس بفكرة الحق ولا يعطي القيمة للواجبات. والعامل هاجسه الأوحد حقوقه في العطل والامتيازات والزيادة في الأجر من دون أن يتوازى ذلك بالقيام بالواجب. وفي بعض الأحيان تكون حجة المتقاعس عن القيام بواجبه أنه لم ينل حقوقه. أي أننا أصبحنا في حضرة عقلية الحق والأخذ على حساب العطاء والالتزام بالواجب.

وفي الحقيقة ترتبط ثقافة الواجب بعلاقة أي مجتمع بقيمة العمل. وهي علاقة عضوية أساسيّة تلقي بظلالها على تمثل الواجب وسياقه المرتبط بدوره بالحق. لذلك فإن الشعب الذي يولي أهمية للعمل عادة يكون متصالحاً مع واجباته إزاء وطنه وعمله وعائلته، في حين أن أي تعثر في العلاقة بالعمل ينتج أفراداً لا تعرف غير الحقوق والأخذ.

اليوم عندما نرى واقع البيئة والتغيرات المناخية ندرك إلى أي حد يرغب الإنسان في حقه من الطبيعة المتمثل في الهواء النظيف والأكسجين وخيرات الأرض، والحال أن أنشطة الإنسان ذاتها هي التي تسببت في ارتفاع الحرارة والجفاف.

كما لا يخفى على أحد ما باتت تعرفه العلاقات داخل الأسر اليوم من هيمنة لخطاب الحقوق من دون أن يقابله سلوك يعترف بالواجبات.

إننا في قلب خطاب جيد، ولكنْ هيمنته وسكوته عن الواجب يأخذنا إلى الأنانية المفرطة وتمجيد الفرد في تناسٍ كلي للآخر وللواجب.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين واجبات الإنسان أين واجبات الإنسان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
 العرب اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab