حول إطعام سكان العالم

حول إطعام سكان العالم؟

حول إطعام سكان العالم؟

 العرب اليوم -

حول إطعام سكان العالم

بقلم - آمال موسى

 

صحيح أن هناك مكتسبات ذات قيمة تحققت للنساء، حيث استفدن من عمليات التحديث التي أدت بدورها إلى حصول تغييرات عميقة في المساواة والمواطنة ونشر ثقافة الحقوق. بل إن الحاصل اليوم هو تنافس بين المجتمعات مختلف الوتيرة والاستعدادات والقدرات من أجل تحسين المؤشرات التي تعكس تحقيق تقدم، وتقلّص الفجوة في الحقوق وفي توزيع الأدوار، واقتسام الثروة والقرار بين الجنسين.

كل هذا صحيح ويمكن إثباته باستعراض ترسانة التشريعات والمؤشرات والأرقام.

غير أنه في مقابل ذلك، فإن واقع نساء الوسط الريفي في العالم ما زال يشكو من هنّات عميقة رغم نبل الدور الذي تقوم به هؤلاء النسوة: ذلك أن النساء والفتيات في الأوساط الريفية هن اللواتي يسهمن بشكل كبير وأساسي في إطعام سكان العالم: أكثر من نصف القوى الزراعية العاملة في الحقول والأراضي الزراعية هن نساء. أكثر من نصف الأيادي التي تجني الزيتون هن نساء. أكثر من نصف الأيادي التي تجمع الحبوب والقمح الصلب هن نساء. بمعنى آخر، هن يمثلن غالبية قوة العمل في المجال الزراعي.

نظرياً، من يقم بإطعام العالم أكثر فهو من يتحصل على أجر أفضل، وهو من يكون الأحسن حالاً اقتصادياً وهو من يملك الثروة أكثر.

أما في الواقع، فإن ما هو نظري لا صدى له في واقع الناشطات في المجال الزراعي خصوصاً بالنسبة إلى القارة الأفريقية التي تعدّ فيها أوضاع نساء الوسط الريفي الأكثر تدهوراً. وكي نفهم هذه المسألة؛ هناك مؤشران محددان: الأول أن قرابة 60 في المائة من العاملين في القطاع الزراعي هن نساء، والآخر هو أن أقل من ما بين 5 و15 في المائة فقط من يمتلكن الأراضي ويمثلن صاحبات مشروعات فلاحية في العالم اليوم. أي أن واقع النساء في الوسط الريفي يفتقد العدالة الاجتماعية والزراعية. وهي مسألة أصبحت تمثل مورداً من موارد النضال الحقوقي اليوم؛ وتتصدر هذه القضية الاهتمامات لكونها عكست مظاهر فجوة في ظاهرها ذات صلة بمجال الزراعة والتراتبية الجندرية في الأجور والامتلاك، وفي باطنها حمالةٌ أوجهاً عدة تشمل استمرارية النسق الثقافي القائم على الهيمنة الذكوريّة.

وتشير الأمم المتحدة في بيانها الخاص بالاستعداد للاحتفال باليوم الدولي للمرأة الريفية الذي يوافق بعد غدٍ (الأحد)، إلى أنه رغم أن النساء في الوسط الريفي يمثلن أكثر من النصف، فإنه مع ذلك، تواجه النساء تمييزاً كبيراً عندما يتعلق الأمر بملكية الأراضي والثروة الحيوانية، والمساواة في الأجور، والمشاركة في كيانات صنع القرار، والوصول إلى الموارد والائتمان والسوق...

ولا ننسى في هذا السياق أن المرأة في الوسط الريفي هي أكثر المتضررين من تغيرات المناخ؛ مما يجعلها أكثر هشاشة وعلى رأس الجديرين بالتعويض والتعهد من أجل حمايتهم من الفقر المتعدد الأبعاد.

ولعله من المهم أيضاً الإشارة إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة والانتباه إلى دور النساء في حماية سكان العالم من الجوع يحتمان تغيير واقع النساء في الوسط الريفي الذي يعدّ تواصله عائقاً حقيقياً في طريق المساواة والعدالة الاجتماعية وتحسين المشاركة الاقتصادية للمرأة. ولا شك في أن المسألة ثقافية بامتياز، ولكنها أيضاً تتصل بمدى تقدمية التشريعات والامتيازات التي تقدمها الدول عن طريق المؤسسات المالية للنساء والفتيات، إضافة إلى القروض وإيجاد حلول بديلة للمعضلة، شرط توفر ملكية الأرض.

ونعتقد أنه ما زال هناك الكثير أمام منظمة العمل الدولية من العمل حتى يتوفر للعاملات في الزراعة مقومات العمل اللائق والمساواة في الأجور.

وكي يكون طرحنا واقعياً أيضاً لا نستطيع أن نغفل أن أزمة «كوفيد - 19» وتداعيات التوترات الدولية وآثارها السلبية على أسعار القمح والبترول وغيرهما عمّقت كل هذا الغلاء في المعيشة من هشاشة الناشطات في المجال الزراعي الشيء الذي يستوجب حزمة من الإجراءات التي تمكنهن من الخروج من دائرة الهشاشة.

نعتقد أن بذل الجميع من نخب سياسية ومنظمات الجهد الكبير من أجل تحسين أوضاع من يطعمن العالم بأجر زهيد وظروف عمل قاسية إنما يعدّ أبسط ما يمكن القيام به، على الأقل تعبيراً عن شكر متأخر جداً.

ومن النقاط المثلجة للصدر، أن الفتيات يقبِلن على العمل الزراعي اليوم وأنهن يمثلن نسبة مهمة من عدد الطلبة المسجلين في معاهد الفلاحة والهندسة الزراعية.

كل عام ونساء الريف وفتياته يحققن الصمود والمكتسبات ويطعمن العالم ويعترف لهن بالجميل.

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول إطعام سكان العالم حول إطعام سكان العالم



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab