«قيصر» يقتحم أبوابكم

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

 العرب اليوم -

«قيصر» يقتحم أبوابكم

بقلم - راجح الخوري

لم تقم وزيرة الدفاع اللبنانية زينة عكر، بدسّ قنبلة داخل جلسة مجلس الوزراء اللبناني نهاية مايو (أيار) الماضي. بل كل ما فعلته أنها وزّعت على الوزراء نسخة بالعربية لـ«قانون قيصر»، بالتنسيق مع الرئيس حسان دياب، بهدف الاطلاع على مضمونه، وما يمكن أن يصيب لبنان منه، وخصوصاً أن الحكومة تنهمك في مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي، بغية الحصول على مساعدات تمنع انهيار لبنان، الذي دخل مرحلة الإفلاس!

وسائل الإعلام المقربة من «حزب الله»، تعاملت مع الأمر كقنبلة فعلية، ولم تتردد في توجيه الانتقاد الضمني لقرار دياب تشكيل من الاختصاصيين لتحديد نتائج ومفاعيل هذا القرار على لبنان، والأمر طبيعي، لكنه بدا مضحكاً من منطلق أن «قانون قيصر» الذي يدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو (حزيران) الحالي، كان الكونغرس الأميركي أقرّه في 20 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، ووقّعه الرئيس دونالد ترمب، ومنذ ذلك الحين شكّل هاجساً مقلقاً، بل خانقاً، لأنه سيفرض مروحة شاملة من العقوبات الخانقة جداً على كل الكيانات التي تعاملت مع النظام السوري.

ليس لبنان وحده يواجه هذه العقوبات، العراق أيضاً الذي كان لافتاً ومثيراً أنه فرض لأول مرة وفي خطوة لافتة وذات معنى قبل أيام على إسماعيل قاآني، خليفة قاسم سليماني، أن يحصل على تأشيرة دخول، وبأمر صارم من رئيس الوزراء مصطفى كاظمي، والقانون يشمل إيران طبعاً، وروسيا التي تستعجل ترتيب أوراق هيمنتها في سوريا، قبل البدء بتطبيق ذلك القانون، الذي ليس من المبالغة القول إن كل الدول والكيانات التي تعاملت مع النظام السوري ترتعب من نتائج ما قد يحمله من عقوبات!

والمعروف أن تسمية القانون تعود إلى ضابط سوري منشق، سرّب نحو 11 ألف صورة لمعتقلين قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية، وتأكد صحة هذا من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالي، ما دفع الكونغرس بالإجماع تقريباً ما عدا 8 من أعضائه إلى إقراره؛ حيث وقّع ترمب عليه فوراً، وسيبدأ تنفيذه خلال 10 أيام.

الغريب فعلاً أن يستفيق لبنان الآن على ضرورة تشكيل لجنة لدراسة هذا القانون وتأثيراته العميقة المتوقعة عليه، أولاً لأن الأمر مطروح منذ نهاية العام الماضي، وثانياً لأن لبنان تبلغ من الأميركيين تكراراً أنه لا يمكن أن يتلقى دولاراً واحداً من مساعدات الدول المانحة إن لم يلتزم القرار، وثالثاً أنه كان منغمساً في نقاش يزداد وضوحاً وسخونة، حول أهمية وضرورة تفعيل العلاقات مع النظام السوري، بدفع من الثلاثي الذي شكّل حكومة اللون الواحد، أي «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر». ورابعاً بعد انفجار فضائح تهريب المازوت والبنزين والقمح المدعومين من لبنان إلى سوريا عبر المعابر الفالتة، التي عندما قررت الدولة في اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى بدعوة من الرئيس عون، التشدد في إقفال هذه الحدود جاءها الجواب فوراً من حسن نصر الله، بأنه لو نشر الجيش اللبناني كله على الحدود فلن يستطيع إقفالها، ولا بد من التعاون مع النظام السوري، ما يعني... ليذهب قانون قيصر إلى الجحيم.

في أي حال، بعد توزيع نص القانون على الوزراء، أعلنت رئاسة الحكومة أنها لم تتبنَ القرار، وأن تشكيلها لجنة من الاختصاصيين هو لدراسة الهوامش التي يمكن العمل فيها من دون ارتدادات سلبية على لبنان، لكن كيف، والقانون يهدف إلى إقفال كل منافذ التعامل والتعاون مع النظام السوري، ومساعدته بكل الطرق والوسائل العملية والسياسية؟! وفي هذا السياق ما يندرج على لبنان يندرج على العراق وإيران وروسيا، ومن الواضح أن مروحة العقوبات تشمل كل الشركات والمؤسسات والأشخاص والمراكز والكيانات التي يثبت التعامل معها، حتى ما يسمى «الأمانة السورية»، وهي جمعية غير رسمية تزعم القيام بأعمال خيرية، باتت معرضة

طبعاً «حزب الله» في مقدم المستهدفين من القانون، إضافة إلى كل الذين حاولوا ويحاولون مساعدة النظام السوري سياسياً حتى دعائياً، وفي نص القانون ما يؤكد بوضوح أنه يستهدف أي شخصيات رسمية وسياسية وحزبية ورجال أعمال، تربطهم علاقات تجارية بالنظام السوري، ويقول حرفياً: «إن كل شركة أو كيان حتى أفراد من الداخل السوري أو من أي دولة خارجية سيكونون معرضين للعقوبات إذا ما دخلوا في علاقات مع النظام، أو قدموا الدعم العسكري والمالي والسياسي والتقني له». وبحسب النص، ستفرض العقوبات على أي شركة عالمية أو فرد يستثمر في قطاع الطاقة أو الطيران، وكل من يزوّد الخطوط الجوية السورية بقطع الغيار أو الصيانة، إضافة إلى كل من يقدم ديوناً للنظام. وتشمل العقوبات مصرف سوريا المركزي والمصارف المتعاونة مع دمشق.

ربما على هذه الخلفية تحديداً، يمكن فهم خبر «إنترفاكس»، نهاية مايو، بأن الرئيس فلاديمير بوتين أمر وزارتي الدفاع والخارجية بإجراء مفاوضات سريعة مع سوريا للحصول منشآت برية وبحرية إضافية، إلى جانب قاعدة حميميم، تسديداً لديون موسكو على دمشق، هذا في وقت لم يتردد الإيرانيون بالتذكير تكراراً بما دفعوه وتكلفوه مساعدةً للنظام السوري!
في أي حال، يضع قانون قيصر الوضع الحكومي اللبناني في مهبّ تحديات صعبة، فإذا كان مجرد درس محتوى القانون أثار زوبعة من التشكيك داخل الحكومة، في وقت بدا واضحاً أن الدولة اللبنانية التي طالما ساهمت في تأمين الغطاء والذرائع لدور «حزب الله» في سوريا، والتي دعت عبر وزير خارجيتها السابق جبران باسيل إلى إعادة العلاقات مع النظام السوري وعودته إلى مقعده في الجامعة العربية مثلاً، ستجد أن أمامها فواتير صعبة ومكلفة.

«القنبلة» لم تأتِ من توزيع عكر نصَّ القرار المذكور، بل جاءت عملياً وبكثير من الإثارة من المقابلة المثيرة للسفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، مع قناة «OTV» التابعة «للتيار الوطني الحر» والتي تعتبر ناطقة باسم العهد، حليف «حزب الله»؛ حيث كان حديثها رسالة مزدوجة وحازمة وذات معنى عميق، عندما وصفت «حزب الله» من المحطة الحليفة له بأنه تنظيم إرهابي، وخصصت مساحة من حديثها عن العقوبات التي ستطال بعض الأطراف اللبنانية الحليفة له؛ حيث كان واضحاً أنها نبّهت بلا تردد أو إحراج إلى أن من يريد «النجاة» من العقوبات الاقتصادية، عليه فكّ كل التزام سياسي سابق وحالي مع «حزب الله» وإلا فإنه سيكون في دائرة الاستهداف، وبهذا بدت كأنها تنبّه حلفاء النظام السوري في لبنان من جماعة «8 آذار» الذين يقودهم «حزب الله» بأن مروحة العقوبات المتصاعدة هي أوسع وأشمل من لوائح العقوبات السابقة، المعروفة باسم «OFAC»!

هل كثير القول إن الحكومة اللبنانية التي واجهت سلسلة من الخيبات والعراقيل، ربما تصبح الآن أمام مصيرها المحتوم، وخصوصاً بعدما تبيّن أن «حزب الله» ممتعض جداً من توزيع نص القانون، ومنزعج أكثر من مطالبة دياب الوزراء، وبينهم وزيرا الحزب، وضع ملاحظاتهم عليه قبل المباشرة بمناقشته، التي لا تهدد مصير الحكومة المهتزة أصلاً، بل تهدد بوضع لبنان على كفّ عفريت جديد!

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قيصر» يقتحم أبوابكم «قيصر» يقتحم أبوابكم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab