بقلم - زاهي حواس
تعد مدينة فَيْد الأثرية في حائل، شمال المملكة العربية السعودية، من المدن الأثرية والتاريخية القديمة التي كانت تحظى بمكانة مهمة.
وفي هذا الموقع الأثري يَعرض متحف عبد اللطيف جميل مجموعة منتقاة بعناية من الصور التي لا تحتاج إلى كثير من الشرح. تُحدثنا قاعة العرض الأولى عن موقع فَيْد الأثري، وأهميته التاريخية والدور الذي لعبه في طور النشاط الاستيطاني في شمال الجزيرة العربية قديماً. وتقع فَيْد إلى الجنوب الشرقي من مدينة حائل، في منتصف الطريق بين الكوفة ومكة. وتنتشر آثار فَيْد على أرض منبسطة تصل مساحتها إلى نحو 1.5 كلم طولاً ومثلها عرضاً.
وتميزت مدينة فَيْد باتساع مساحتها وامتداد عمرانها ووفرة مياهها ومراعيها ويمكن القول إنها كانت في ذلك الوقت تحاكي كلاً من البصرة والكوفة وبقية المدن الإسلامية من حيث الأهمية التاريخية والحضارية. وقد تحدث عنها الكثير من المؤرخين والرحالة بوصفها محطة رئيسية للحجاج القادمين من العراق وبلاد فارس خلال الفترة الإسلامية. فضلاً عن أنها كانت حِمى لإبل الصدقة نظراً لكونها منطقة رعوية مهمة، بل كانت تعد من أهم المراعي القبلية.
وقد ورد ذكر فَيْد في كتابات كثيرة للمؤرخين والرحالة قديماً وحديثاً، فقد قال عنها حمد الجاسر في المعجم الجغرافي: فَيْد بفتح الفاء وإسكان الياء المثناة التحتية -أو الدال المهملة– من أقدم القرى وأشهرها. وقال ابن الكلبي والزجاجي إنها سُميت بـ«فائد» أو «فَيْد بن حام من بني عمليق». وقد وصفها ياقوت الحموي بقوله: «فَيْد قريب من آجا وسلمى جبلَي طيّئ». وقد ربطها كذلك بطريق الحج بقوله: «فَيْد منزل بطريق مكة». واتفق معه في ذلك الهمداني حينما وصف هو الآخر فَيْد بقوله: «فَيْد على طريق العراق إلى مكة».
هذا وقد أشار الكثير من الكتاب إلى حصن فَيْد أو ما يسميه البعض «قصر خراش»، وهو أكبر قلعة أو حصن على طريق الحج ابتداءً من العراق مروراً بفَيْد ووصولاً إلى مكة. ونقول عنه إنه قلعة أو حصن نظراً لعمارته التي تحتوي على سورين خارجيين وكذلك على أبراج دفاعية، ووسائل حماية أخرى.
ونشير هنا إلى أن فريقاً من باحثي الآثار السعوديين كان قد عثر على آثار قنوات مائية تحت الأرض تعود للفترة الإسلامية المبكرة في مدينة فَيْد الأثرية.