بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
«الصفقة جائزة لحركة حماس» كما يراها سموتريتش، و«استسلام لها» فى نظر بن غفير. هكذا شهد وزيران متطرفان من أهل العدوان بأن جرائم الإبادة الشاملة لم تفلح فى تحقيق هدف القضاء على المقاومة أو شل قدراتها، بعد أكثر من 15 شهرًا. وليست «حماس» وحدها التى صمدت فى مواجهة هذه الجرائم، بل فصائل المقاومة كلها، وأهل غزة الصابرون قبل هذه وتلك. فإليهم يعود الفضل فى فشل المعتدين فى تحقيق أهدافهم، إذ قدموا نموذجًا سيصير أسطورة للصمود.
نجحت «حماس» فيما فشل فيه حزب الله عندما بدأ معركةً أرادها محدودة، وتصور قادته أنها ستكون كذلك، ولم يدركوا أنهم يخوضون مغامرة خطيرة ستكلف حزبهم الكثير، وتضعفه داخليًا وإقليمًأ، فيما لا تفيد غزة فى شىء. فقد تحول هذا الإسناد إلى عبء على المقاومين فى غزة، خاصة عندما حوّل الصهاينة المعركة التى استمرت محدودة نحو 11 شهرًا إلى حرب ضارية شنوها على لبنان ودمروا قسمًا كبيرًا من قراه وبلداته الجنوبية، وأجزاء من البقاع وبعلبك، ومساحة واسعة من ضاحية بيروت الجنوبية، وخرج منها حزب الله أضعف مما كان فى أى وقت ربما منذ تأسيسه. أراد حزب الله تطبيق شعار «وحدة الساحات» فى غياب صاحبه قاسم سليمانى القائد السابق لفيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، وفى ظروف مختلفة كثيرًا عن تلك التى طرحه فيها، فخسر الكثير.
وثبت مجددا أن غياب سليمانى أحدث أثرًا سلبيًا كبيرًا فى «محور المقاومة» بعد عجز خلفه إسماعيل قآنى عن ملء الفراغ الذى تركه على صعيد التنسيق بين أطراف هذا المحور، إلى حد أن زعيم حزب الله الراحل حسن نصر الله كان يحاول فى بعض الأحيان سد هذا الفراغ بطريقته. وربما لو أن سليمانى أفلت من عملية اغتياله، وظل حيًا حتى أكتوبر 2023، لأدرك أن شعار «وحدة الساحات» لم يعد مناسبًا فى حالة «طوفان الأقصى»، وطلب إلى حزب الله أن يوفر قدراته ويترك فصائل المقاومة فى غزة تؤدى دورها فى هذه الجولة من جولات الصراع الممتد، تجنبًا للخسارة التى مُنى بها.