بقلم: دكتور زاهي حواس
يقع جبل منيخ في الناحية الجنوبية للبلدة القديمة، ويرتفع عن سطح البحر نحو 750 م، وقد ذكر الهمداني، في كتابه «صفة جزيرة العرب»، موقع هذا الجبل، ووصفه: «ثم تنقطع الفقي وتيامن كأنك تريد البصرة فترِد منيخين ثم الحنبلي، وهما ماءان، فبمنيخين نخل قليل، ولا نخل على الحنبلي، ثم الفردوس في وسط الحزن». وتميَّز جبل منيخ بوقوعه في منطقة استراتيجية سهّلت على أهالي البلدة مراقبة المناطق المحيطة من جميع الاتجاهات بلا عوائق تحجب الرؤية. كما يمكن، من خلال سطح الجبل، مشاهدة المجمعة والمزارع المحيطة من حولها بالكامل. والجبل هضبة منفردة يصل عرضها إلى 170 م تقريباً من الشرق إلى الغرب مع ميلان قليلاً نحو الجهة الشمالية الغربية. ويتسم بسمات الجبال الجيرية المنتشرة في وسط الجزيرة العربية.
تُعدّ عناصر المنشآت المعمارية القائمة على قمة جبل منيخ عنصراً مكملاً للآخر، وهذه العناصر هي البرج الرئيس والذي يمثل المَعلم الأساسي في الجبل، والأكبر حجماً بين المباني على الجبل، ويقع في الجزء الغربي منه. وكذلك السور حيث يتصل جزء من سور البلدة التراثية بالمجمعة من الجهة الغربية الجنوبية على سفح جبل منيخ بامتداد 250 م، كما يتضمن السور أبراجاً للمراقبة، وكذلك البرج الجنوبي؛ ويتميز بحجمه الكبير، مقارنة بأبراج السور الأخرى، وهو مبنيّ من الطين مع أساسات حجرية؛ لتحافظ على التماسك والتحمل، والبرج الغربي هو الأصغر حجماً، وعلى الرغم من ذلك كان مميزاً عن بقية أبراج السور؛ لإشرافه على الوادي الذي يطل عليه بوضوح.
ويوجد أيضاً مرقب منيخ. ومصادر المعلومات في هذا القسم: (منطقة سدير في عهد الدولة السعودية الأولى، المواقع التراثية في منطقة الرياض، المجمعة حاضرة إقليم سدير، المجمعة بين الغابر والحاضر، مرقب جبل منيخ). وبُني المرقب عام 820 هجرية - 1417 ميلادية، وذلك في بدايات تأسيس البلدة، وكانت المجمعة وقتها تُسمّى بلدة منيخ؛ نسبة للجبل والمرقب، وسبب التسمية بـ«منيخ» ورد في القصص؛ ذلك أن بدوياً داهمته السيول في المكان، فما كان منه إلا أن صعد الجبل ليعصمه من الماء، وأناخ إبله عليه فسُمي «منيخ». وقيل: إن جماعة مروا بالمكان أثناء هطول الأمطار، فحجزهم السيل فناخوا؛ أي استراحوا على هذا الجبل أربعة أيام، فسُمي «منيخ»، ويُعد المرقب مَعلماً رمزياً للمجمعة منذ تأسيسها.
والمرقب عبارة عن حصن دفاعي بشكل أسطواني مخروطي، وتظهر واجهاته بشكل مائل كلما ارتفعت للأعلى، ويتسم بسمات العمارة النجدية. وأساسات المرقب حجرية ويُستخدم لمراقبة البلدة لأغراض الحماية والحراسة، لذلك يُعد جبل منيخ حصناً منيعاً لأهالي المجمعة ومسرحاً لمختلف المعارك والأحداث التي شكلت منعطفاً تاريخياً لها منذ نشأتها في القرن التاسع الهجري، وتحوّل مرقب منيخ إلى مَعلم سياحي مهم.