خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً؟!

خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً؟!

 العرب اليوم -

خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً

بقلم -تركي الدخيل

بعد أكثرَ من ألف عامٍ على رحيلِ شاعرِ الدّنيا أبي الطيب المتنبي (303 - 354هـ)، وبعد مؤامراتٍ كثيرةٍ كان قد حاكها ضدَّه خصومُه لهَدْمِ بُنيانِ أسطورته، ظلّ الرّجلُ أعظمَ شعراء العربية، ولم تزدْه كراهةُ خصومِه له إلا شهرةً، وعظمةً، وسطوعاً، وإعجاباً به متزايداً، حتى صار في تاريخ ثقافتنا العربية مبدِعاً مُغامِراً بشِعره في نحت حياته، ومُقامِراً بحياته من أجل أن يحيا شِعرُه، بل هو قد مثّل وطناً من الشِّعْرِ لطالما تزاحم أحفادُه الشعراءُ على الانتسابِ إليه، فاستحقَّ بذلك صفةَ الشّاعرِ الشّاعرِ، حيث «كان أبو العلاء المعري إذا ذُكر الشعراء، يقول: قالَ أبو نواس كذا، قال البحتري كذا، قال أبو تمام كذا، فإذا ذَكَر المتنبي، قال: قال الشَّاعر كذا».
ولا عجب، وأمر المتنبّي على ما ذكرنا، من أن يزدادَ مُريدوه يوماً بعد يوم في جغرافيتنا العربية، ويسهم هو نفسُه يوماً بعد يوم، ومن حيث درى أم لم يَدْرِ، في عقد الصلات بين الأجيال الجديدة ولغتهم العربية من جهة، وفي تأسيس مفاهيم الجمال والخيرِ، ومقاييس الحكمة والمجدِ، ومعايير الإبداع ومعاني الفخر بالذّات عند مَن يقصدون بلاطَه، من جهة أخرى. وقد تكون وسائلُ الاتصالِ الحديثةُ ساهمت، اليومَ، في وصول المتنبي إلى أعداد مهولة من البشر، إلا أنَّ شهرتَه قديمة صاحبته مذ كانَ حياً (القرن الرابع الهجري) على قلة وسائل الاتصال أيامها - ثم تعاظمت تلك الشهرةُ بعده حتى قال ابن رشيق قولتَه الشهيرة في كتابه «العمدة في محاسن الشعر وآدابه»، والتي مهّد لها بتأكيده أنْ «ليس في المولدين أشهر أسماً من الحسن أبي نواس، ثم حبيب، والبحتري، ويقال: إنَّهما أخملا في زمانهما خمسمائة شاعر كلهم مجيد، ثم يتبعهما في الاشتهار ابن الرومي، وابن المعتز، فطار اسم ابن المعتز، حتى صار كالحسن في المولدين، وامرئ القيس في القدماء؛ فإن هؤلاء الثلاثة لا يكاد يجهلهم أحدٌ من الناس... ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس»!
ومن عظمة المتنبي أن جُلّ أبياته ذهبت أمثالاً يحفظها العامة والخاصة، ومن عظمته أيضاً أن وضع أحد خصومه الذين ألفوا نقداً لشعر المتنبي، كتاباً عنوانه: «الأمثال السائرة من شعر المتنبي»، لمؤلفه الصاحب إسماعيل بن عباد، هو امتدادٌ لظاهرة جريان أبيات المتنبي على الألسنة، بل جريانها في صروفِ الأزمنة، فإذا هي قد شرّقت في الناس وغرّبت، وأصبحت أمثالاً تُضرب وتَسير بها الرّكبانُ. ومؤلف هذا الكتاب، أو صاحب اختياراته، هو وزير له باعٌ في الوزارة، وراية خفّاقة في الأدب، شعراً ونثراً، إذ له تواقيع تشخص لها الأبصار، وفضله واسع، ويده في الأدب كريمة ممدودة، حتى قيل إن أكثر من أربعمائة شاعر قد مدحوه.
ويبدو أنّ الصاحب قد وضع كتابه إمّا نزولاً عند رغبة أحد أمراء دولة بني بويه، وإمّا بغيةَ الحصول على رضا الأمير. ففي المقدمة يشير ابن عباد إلى إعجاب الأمير بأبي الطيب المتنبي، من خلال جريان أبياته على لسانه، وضمن أحاديثه. ومن وجهة نظر الصاحب، على الأقل، فإنَّ هذه الاختيارات هي من شِعر المتنبّي زُبْدةُ زُبَدِ أبياته، ولا يرد على الذهن في هذا الشأن تأثيرُ ما جرى بين ابن عبّاد والمتنبي من خصومة على اختيارات الأبيات، فالكتاب مُهدَى من وزير نشأ في بلاط أمراء بني بويه، متعاقباً على التَّوْزير أميراً بعد أمير، ولا يمكن لعاقل كابن عبّاد أن يُقحِم خصومتَه الشخصية، فيما يفترض أنه سيقدّمه هدية لأميره. وإن تَعْجَبْ فعَجَبٌ أنّ الصاحبَ كان قد وضع كتاباً قبل هذا الكتاب، وسمه بـ«الكشف عن مساوئ شعر المتنبي»، وقال فيه: «حين أعود إلى ذِكرِ المتنبّي، فأُخرج بعض الأبيات التي يستوي الريِّضُ والمرتاضُ في المعرفة بسقوطها، دون المواضع التي تخفى على كثيرٍ من الناس لغُموضها»، وضمّنه ما يوافقه عليه البعض، وما لا يوافقه عليه، إلا مَن أبغض المتنبي، لعِلّة شخصية، لا هي علمية، ولا هي فنية. ويبقى السؤال الجدير بالطّرح هنا: هل الصاحب بن عباد، وإن بالغ في خصومته لأبي الطيب وعداوته له، متذوقٌ لشِعره؟!
إني لأزعم، ومن الزَّعم التأكيدُ، أنّ الصاحب بن عباد معجَبٌ بالمتنبي، وخصوصاً إذا علمنا أن سبب النزاع بينهما إنما هو طلبُ ابن عباد المتنبي ليَقْدَم إليه، فيقاسمه ما يملك، وكان الصاحب حينها شاباً، لم يُوَزَّرْ، فلم يجبه المتنبي، فوقع ذلك في نفسه موقع ألم، وخلّف عنده ضغينة وانتقاماً. لكن ذلك لا ينفي أصل إعجابه بشاعرية أبي الطيب، وإلا لما كان بعث إليه طامعاً في زيارته له، والبقاء عنده!
وفي أفق إعجاب الصاحب بن عبّاد بشعر المتنبّي يمكن أن نسأل عن سبب افتتان الخلقِ بهذا الشاعر؛ سواء أكانوا من المختصّين بالأدب أم من غير المختصّين، ومن المتذوقين للشعر المبحرين في لُجج المعاني أم من المكتفين من الشعر بالتنزه على شواطئ بحوره. والحق أقول إنّي لا أملك إجابة حاسمة عن هذا السؤال، ولكني أميل إلى اعتبار أن الحفاوة التي لقيها ديوان المتنبي، شرحاً، وثناءً، وقدحاً، بل ترجمة إلى اللغات العالمية الحية، لم تحصل لديوان من قبلُ. يُعبّر عن ذلك بجلاء، الأديب المؤرخ ياقوت الحموي، في قوله: «ولم نسمع بديوان شعر في الجاهلية ولا في الإسلام شُرح هكذا، بهذه الشروح الكثيرة، سوى هذا الديوان (يعني ديوان المتنبي)، ولا بتداول شعرٍ في أمثال، أو طُرف أو غرائب على ألسنة الأدباء في نظم أو نثر أكثر من شعر المتنبي». ذلك أنه من كثرة شروح ديوان المتنبي لم يتفق القومُ على عددها. فقد ذكر ابن خلكان أنّ أحد مشايخه الذين أخذ عنهم علمَه قال له عن ديوان المتنبي: «وقفت له على أكثر من أربعين شـرحاً ما بين مطولات ومختصرات، ولم يُفعَل هذا بديوان غيره». أما ابن كثير ففي أحداث سنة رحيل المتنبي، قال: «وقد رَثَاهُ الشُّعَرَاءُ، وَقَدْ شَرَحَ دِيوَانَهُ الْعُلَمَاءُ بالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ نَحْواً مِنْ سِتِّينَ شَرْحاً وَجِيزاً وَبَسِيطاً».
وفي السياق ذاته، لا ننسى أن لدى أبي الطيّب طاقةَ جذب عجيبة، تجعله في بؤرة الأحداث، وصلب النقاشات، حياً وميتاً، وإن كان يصح فيه ما قاله سيلفادور دالي: «العظماء لا يموتون، ولذلك لن أموت»! أليس أبو الطيب هو القائل:
وما الدهرُ إلا من رواة قصائدي إذا قُلتُ شِعراً أصبح الدهرُ منشدا
أجِــزنِي إذا أُنشِــدْتَ شِـعراً فإنّـــــما بِشِـــــــــعري أتـــــــاك المادحــــــــون مُرَدَّدَا
ودَع كُل صَوتٍ غيرَ صوتي فإنني أنا الصائحُ المَحكِيُّ والآخرُ الصَّدى
لا شكّ في أنّ حضورَ المتنبّي في زمنه قد فاض عن تاريخه وأسّس مستقبَل حضوره في ثقافتنا، ذلك أنّ صخبَ حياته باقٍ بيننا، ويتردَّدُ إلى الآن صداه، والأمرُ منه لا يُستغرَبُ، فقد أصرّ منذ شبابه على تجاوز كل ظروف عوزه، وضيق حال أسرته، وأبى أن يكون إلا الرَّقم الأهمّ في كل معادلة يخوضها، فعل ذلك مُقدِّماً للأدب والشعر واللغة العربية، شخصية ثريةً، متألقة، تُشع بالعبقرية، والتميز، والنجاح، والجَمال، والإبداع.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:53 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
 العرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 17:07 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا وياسمين عبد العزيز يجتمعان في رمضان 2025

GMT 22:12 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنا شيحة تكرر تعاونها مع محمد هنيدي في رمضان 2025

GMT 09:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات حادة لمسلسل صبا مبارك "وتر حساس"

GMT 09:20 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد

GMT 00:07 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل وحزب الله تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار

GMT 13:41 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab