مفكرة لشبونة ترام بيروت

مفكرة لشبونة: ترام بيروت

مفكرة لشبونة: ترام بيروت

 العرب اليوم -

مفكرة لشبونة ترام بيروت

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

صغيرة هذه العاصمة وتبدو كأنها معزولة مثل مدن الأطراف. لكن لا يغرنَّك كثيراً هذا المظهر المتواضع. كما وُلدت من رحم الجزر البريطانية الصغيرة دول مثل الولايات المتحدة، وأستراليا، ونيوزيلندا، وبعض كندا، وكما وُلدت من الرحم الإسباني معظم أميركا الجنوبية، فإن البرتغال هي أم البرازيل، سادس دول العالم، شبه القارة المعروفة باسم «أميركا البرتغالية»، أو أيضاً «أرض الببغاوات»، طيور الكلام التي كانت تملأ البلاد عندما بدأ البرتغاليون بالوصول عام 1500.
العام 1534 قسمت هذه المدينة الصغيرة القارة التي اكتشفتها إلى 12 قطاعاً منحتها لاثني عشر من النبلاء والفرسان: سبعة منهم كانوا من قادة الحملات في أفريقيا والهند، وأربعة من أركان البلاط. والنص واضح وصريح: الأرض ملكية مطلقة للسادة الفرسان، وسكانها (الهنود) عبيد لهم.
وجد البرتغاليون أمامهم بلاداً غامرة وشعباً بدائياً. ويصف المؤرخ الفرنسي بيار دو رونسار (1559) البرازيل التي أراد الاستيطان فيها بأن «أهلها يتنقلون ببراءة، عراة على الدوام، من دون خبث، من دون فضائل، من دون رذائل». بالنسبة إلى البرتغاليين كان هؤلاء أَكَلَة لحوم بشرية، يجب تدجينهم وتنصيرهم. وعندما اكتشف الغرب السكّر في القرن السادس عشر سوف تصبح هذه الأرض الشديدة الخصب مصدر ثروات هائلة. ولاحقاً سوف تصبح أرض السكّر والبن أيضاً. في مقهى «برازيلييرا»، مساء كل يوم، لم يكن فرناندو بيساوا يملك ثمن أكثر من فنجان واحد، والآن كل شيء في لشبونة يحمل اسمه. في كل مكتبة جناح خاص بمؤلفاته، بكل اللغات الأوروبية، وبطاقات تحمل صورته الكاريكاتورية البائسة، ساهماً يفكر في اللا شيء واللا أحد، ويخشى اللحظة التي يقف فيها صاحب الشركة، السنيور فاسكيز، فوق رأسه، منبهاً إياه إلى عدم الخطأ في حسابات الزبائن.
شيء واحد لم يكن يتوقف عنه ساعة القهوة البرازيلية: الكتابة. كان يكتب أو يطبع أو «يخربش» على أي شيء يقع تحت يده: ورق الصحف، المناشير، أغلفة الرسائل البريدية، على المطبوعات الدعائية. كما كان يكتب في كل الأنواع: الشعر، المسرح، البحث، الفلسفة، وعلم الفلك. وباسمه، أو بأسمائه المستعارة، كان يكتب بالإنجليزية والفرنسية والبرتغالية.
اليوم الثاني في لشبونة قررنا أن القاعدة القديمة لا تتغير، وأن أفضل الطرق لرؤية المدينة هي التسكع فيها. يا للمفاجأة المدهشة. هذه المدينة مليئة بالحافلات الكهربائية (الترام) مثل بيروت القديمة. ومثلها طلعات ونزلات، والترام العتيق صاخباً يقاوم حدة الطلوع، حاملاً الركاب البسطاء إلى منازلهم وأعمالهم. كان بيساوا يشفق عليه: «يتلوى حول أطراف الساحة محاولاً عدم الخروج عن خطه، ومن حوله تتفرق مذعورة طيور الحمام، كأنها قطع خبز تذروها الرياح».

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة لشبونة ترام بيروت مفكرة لشبونة ترام بيروت



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab