الحشود والسلطة

الحشود والسلطة

الحشود والسلطة

 العرب اليوم -

الحشود والسلطة

بقلم - سمير عطا الله

سعى كثيرون من الفلاسفة إلى شرح السلوك الجماهيري في الانتفاضات الحادة، واستند المفكرون العرب في غالبيتهم إلى أشهر هؤلاء الفرنسي غوستاف لوبون. ويخيّل إليّ أن الأكثر دقة وشمولاً كان البلغاري إلياس كانيتي «نوبل 1981» في كتابه المرجعي «الحشود والسلطة»، ولا شك في أن قرّاءه كانوا يتابعون التظاهرات الأخيرة في فرنسا وهم يسترجعون فصول الكتاب فصلاً فصلاً.

الصفة التدميريّة، وفقاً لكانيتي، ليست فرنسيّة، بل هي نزعة تنتاب البشر منذ قيام الدول والمجتمعات. غير أنها اتخذت شهرتها في باريس عندما أقدم الفرنسيون على تدمير سجن الباستيل حجراً حجراً وأحرقوه وأحرقوا العاصمة. أما المدن الكبرى التي احترقت أخيراً فلم يكن لها وجود في تلك الأيام. يطلق كانيتي على الجماهير اسم «الحشود»، فعندما تحتشد الجموع يتغير سلوكها تماماً، سواء كانت تعلن ولاءها أو اعتراضها على السلطة. وكلما تعاظم حجمها فقدت صوابها وزاد حماسها ورغبتها في التكسير وتهديم المباني والبيوت والمحلات وأساسها. تفعل ذلك وهي تهتف وتصرخ ويزيد الصراخ شهوتها إلى التخريب.

تبدأ الحشود عادة وهي لا تدري إلى أي مدى سوف تصل أحجامها فيما بعد. هكذا حصل في فرنسا خلال التظاهرات الأخيرة. ففي البداية كانت محصورة في باريس ومن ثم انتقلت إلى معظم المدن الكبرى، وبينما نزل المتظاهرون إلى الشوارع إثر مقتل الشاب الجزائري استنكاراً للجريمة، تطوَّرت الأسباب بسرعة هائلة بحيث عادت إلى جذور الصراع الاستعماري والوطني بعد 60 عاماً على الاستقلال.

وجدت دولة مستقرة مثل فرنسا نفسها في محنة كبرى للمرة الثالثة أو الرابعة. وبدا وكأن عهد ماكرون كله مهدد كما حدث في مايو (أيار) 1968 أثناء الثورة الطلابيّة.

غير أن الإليزيه أكد مرة أخرى تمسّك الجمهوريّة بتقاليدها. وتجنب الرئيس اللجوء إلى حالة الطوارئ، وهي ما تلجأ إليه دول العالم الثالث لأسباب أقل من ذلك بكثير، وبعض هذه الدول لا يكلّف نفسهُ عناء رفع الطوارئ لكي لا يضطر لفرضها من جديد. وهكذا تعيش بعض الدول العربية في حالة طوارئ دائمة، ويعامل مواطنوها على أنهم موضع شك وعقاب في حالة مستمرة.

تشابهت حالات كثيرة في السنوات الماضية خصوصاً في إقدام الشرطة على القتل بدل حماية الناس، وكان أكثرها عنفاً وخطراً على السِلم الأهلي في الولايات المتحدة. والامتحان الكبير هو دائماً امتحان الدول وليس الحشود أو الجماهير.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحشود والسلطة الحشود والسلطة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab