الفيلق المصري

الفيلق المصري

الفيلق المصري

 العرب اليوم -

الفيلق المصري

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كادت تذهب إلى النسيان الكلّي مأساة نصف مليون عامل مصري سخّرهم البريطانيون أوائل القرن الماضي للعمل في عدد من المستعمرات والدول الأوروبية، بينها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا، وفي سيناء وفلسطين وسوريا والعراق وإسطنبول، وبعض الجزر اليونانية. وقد عُرف هؤلاء التعساء باسم «الفيلق المصري» الذي توفي منهم تحت المرض والإرهاق نحو 50.000 شخص على الأقل. جنّد البريطانيون هؤلاء العمال في أوساط الفلاحين، وبذلك أثّر غيابهم على الاقتصاد المصري نفسه. وعوملوا أشد معاملات السوء، كما مارس الضباط البريطانيون عليهم أشد أنواع الغطرسة والعجرفة.
في كتابه الجديد «الفيلق المصري – جريمة اختطاف نصف مليون مصري»، يقدّم الدكتور محمد أبو الغار قصة ملحمة إنسانية حاول البريطانيون طمسها إلى سنوات عدة. لكن بعض الوثائق البريطانية أظهرت شيئاً من الحقيقة خلال الاحتفالات بمئوية ثورة سعد زغلول. وكانت الروايات العربية في الماضي حول هذا الموضوع متواضعة وغير كافية. كما كان من الصعب الوصول إلى أي وثائق مصرية تفصيلية في هذا الموضوع. وإحدى المراجعات المهمة وضعها المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، الذي رأى أن عدد الفيلق كان مليون رجل وليس نصف مليون، فيما يشدد الرقم الرسمي البريطاني على أن العدد كان 530 ألفاً، يوم كان مجمل سكان مصر 12 مليون نسمة. وفيما قلّت الوثائق المصرية، أو حُجبت عن الباحثين، سافر الدكتور أبو الغار إلى لندن واطلع في المتحف الحربي الإمبريالي على جميع الوثائق لديه. ويروي في مقدمة الكتاب أنه تراسل مع إدارة قاعة المحفوظات في المتحف، وطلب منها تجهيز الوثائق المطلوبة سلفاً. وعندما وصل إلى هناك، رأى معظم الوثائق جاهزة للتصوير، فيما أرسلت إليه الأوراق الباقية إلى مصر. أما تكلفة كل هذا المجهود فلقد بلغت عشرة جنيهات إسترلينية، هي بدل التصوير وحده، والباقي مجاني كله.
يبحر الدكتور أبو الغار في أوراق «الفيلق المصري» (دار الشروق) كعادته في البحوث العلمية التي تطبع جميع كتاباته. وثمة طابع آخر يلازم أبحاثه هو الطابع الإنساني الذي يغلّف كل مساعيه، ويزيّن الروح المصرية التي ترافق كل كلمة من السجايا التي تظهر واضحة كيفما كتب، وفي أي موضوع يكتب.
لست أعرف الكثير عن الشروط التي تُمنح بموجبها جائزة «نوبل للسلام»، أو ما إذا كان ذلك يشمل الكتّاب المختصّين والمكرّسين بقضايا الألفة والمحبة في بلدانهم. غير أن هذا الأمر، أو ما يتراءى لي كلما قرأت موضوعاً من مواضيعه، أو تابعت رحلة من رحلاته في بلاد الإنسان. وقد ذكرت من قبل، وأحب أن أكرر الآن، أن هذا الطبيب والعالم يضيف الكثير من نفسيته الراقية إلى أهل القلم. وإذا كانت جائزة «نوبل» لا تقع في هذا الإطار، فإنني أتمنى أن يُكرّم بجائزة من جوائز الشيخ زايد، التي تُعنى بهذا النوع من العطاءات الأدبية والإنسانية.
تقوم الحكومة البريطانية الآن بالبحث عن أوراق ضحايا «الفيلق المصري» من أجل العثور على أي ورقة أو وثيقة تمكّنها من تحديد هويات الضحايا، بحيث يمكن التعويض المادي والمعنوي لوَرَثَتهم.
أبطال مجهولون ثمة من يكشف النقاب اليوم عمّا قدّموه وعمّا تعرّضوا له. وسوف تُضم الأسماء المعروفة إلى نحو 120 ألف مصري ماتوا وهم يعملون في حفر قناة السويس، وظلّوا مجهولين إلا من أهاليهم، وطبعاً من وطنهم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيلق المصري الفيلق المصري



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 01:55 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

إصلاح فلسطين وإسرائيل والإقليم!

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 02:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 02:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا فى السياق العربى

GMT 02:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 12:52 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab