العلاج بالحدائق

العلاج بالحدائق

العلاج بالحدائق

 العرب اليوم -

العلاج بالحدائق

بقلم سمير عطالله

اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939، بينما كان النمساوي ستيفان زفايك يجدد معاملة إقامته في أحد مكاتب وزارة الداخلية في لندن، دخل موظف إلى المكتب وقال لرفيقه بكل هدوء: «لقد أعلنوا الحرب». وبكل هدوء أكمل رفيقه معاملة إقامة للرجل الذي أعلن مواطنه، أدولف هتلر، تلك الحرب.

انتهت المعاملة وخرج إلى الشارع، فلم يجد إنساناً واحداً يعدو أو يسير في سرعة؛ الطبع «الإنجليزي» لا تغيره حرب عالمية. يقول زفايك إن المثل الشائع هو أن أهم شيء في حياة البريطاني هو بيته، لكنه اكتشف أن أهم شيء عنده هو حديقته. ليس هناك بريطاني من دون حديقة، سواء كان لورداً كبير القصور، أو نجاراً لا تزيد حديقة منزله على حجم سيارتين.

الحديقة هي عالمه ورفيقة عزلته، وربما هي من عوده الهدوء. عندما أشاهد نشرات الأخبار أو البرامج السياسية في لبنان، لا أسمع إلا صراخاً: السياسيون يصرخون، والنواب في البرلمان يهوّلون، وموظفو الكهرباء يهددون، وأمهات الطلاب يرفعن الصوت في وجه الوزير. وكنت قد بدأت استخدم سماعات أذن، بناءً على نصيحة الطبيب، لكنني منذ أن عدت إلى بيروت، لم أعد أتذكر وجودها.

لا أدري كيف يتشاجرون في بريطانيا. وعندما شكا جيران رئيس الوزراء من مشاجراته مع صديقته في الليالي، خطر لي أن السيدة من أصل إيطالي.

يقول زفايك: شكراً لتلك الحدائق، الفقيرة أو الجميلة، التي تحصن البريطاني ضد الانهيار العصبي والتوتر والكآبة. وسر صراخنا في بيروت أنها مدينة حلفاء؛ كل شبر فيها إسمنت أو بلاط أو عدوان على البيئة وصحة الحياة، كل شبر جريمة فساد ومخالفة لقوانين الطبيعة والبشر. كانت هناك حديقة وحيدة في منطقة الصنائع أرغمنا عليها الأتراك، ولا تزال، رغم محاولات بيعها. أشعر بالتقزز يوم أتذكر بيروت التي عرفتها شاباً، والتي هي اليوم. وهي تمتد وتتواصل نحو الضواحي والأرياف في كل الاتجاهات وكل الوقاحات والقباحات.

الحدائق سكينة المدن في كل مكان. ملوك النمسا وفرنسا وإيطاليا تركوا أجملها للناس. وأعز بقعة في لندن هي حول هايد بارك، كما أن أغلى شرفة في نيويورك هي التي تطل على «سنترال بارك»، رئة المدينة المرصوصة بناطحات السحاب.

أجد كثيراً من سكينتي في حديقتي الصغيرة. تحاورني وتهدئني، وتفرحني ألوانها وتشجعني ثمارها على سر التحمل والتشدد، و«أشياء الجمال»، كما في عنوان جوزف صايغ عن سعيد عقل.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاج بالحدائق العلاج بالحدائق



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab