تشيكوف في الجحيم الأبيض1

تشيكوف في الجحيم الأبيض(1)

تشيكوف في الجحيم الأبيض(1)

 العرب اليوم -

تشيكوف في الجحيم الأبيض1

بقلم - سمير عطا الله

منذ ثلاثة قرون على الأقل أصبح اسم سيبيريا عند البشرية جمعاء مرادفاً لأسوأ المنافي التي عرفها الإنسان. اختار القياصرة البيض، ثم القياصرة الحمر، هذه الصحاري الجليدية الشاسعة لكي يرسلوا إليها المعارضين السياسيين والمحكومين العاديين والمغضوب عليهم أولاً من القياصرة البيض وبطشهم، وبعدها من يوسف ستالين رهيب العذاب والموت. ولا تزال سيبيريا جحيماً جليدياً بارداً، لكن فيما عدا البرد، هي الآن مقاطعة عادية وبلاد الثروات. فالذي يقدر على الحياة والعمل فيها يتقاضى ضعف أجور زملائه في أي مكان من روسيا، وبعد سنوات قليلة يعود إلى حياة طبيعية في المقاطعات الأخرى.

ملأ اسم سيبيريا الأدب الروسي العظيم في المرحلة القيصرية. وكان سبباً أول في أسباب قيام الثورة البولشفية عام 1917. ولم يكتفِ عملاق الرؤية أنطون تشيكوف بما سمع وقرأ عن الحياة الأسوأ من الموت في البادية البيضاء، بل ذهب بنفسه لتجربة تلك الحياة المعذبة، ونقل الصور الرهيبة إلى مواطنيه.

بعد عودته من التجربة المريعة في «جزيرة سخالين» جلس يكتب بأسلوبه صور الألم، غير أن الرقابة حظرت نشر فصلين من صور الكتاب، إلا أن ما سُمح بنشره كان كافياً. (دار المدن).

يقوم تشيكوف برحلته إلى جزيرة المنفيين لتسجيل للتاريخ والأجيال القادمة وقائع فترة قاتمة من الأحداث الأليمة في الجزيرة المنعزلة بعد انتهاء عهد القنانة في روسيا القيصرية. تبدأ رحلته المضنية في بداية أبريل (نيسان) سنة 1890 إلى مدينة أرسك. الكاتب المغامر الذي لقبه تولستوي بـ«بوشكين الناثر»، ينطلق في عربة يجرها حصانان في رحلة لآلاف الكيلومترات استغرقت 81 يوماً وسط الغابات والعواصف الثلجية والمستنقعات.

كان الوضع في سجون المنافي في تلك الفترة يحظى باهتمام بالغ في الأوساط التقدمية الروسية. فجاء الكتاب بمنزلة صرخة تدين السلطة القيصرية والمجتمع الروسي عموماً، فهو عرض لمآسي النساء السجينات والمومسات في سن 14 عاماً، والسجناء السياسيين في الجزيرة.

يتألف الكتاب من مقالات وصور قلمية وقصص في داخل الزنزانات، وفي أماكن العمل عندما يسحبون جزع شجرة لمسافة عدة كيلومترات في ظروف البرد والجوع.

الطقس بارد في سيبيريا، والغابات الخضراء كثيفة، والبحيرات مغطاة بطبقة جليد معتمة. «لم أرَ في حياتي قط مثل هذا العدد من الطيور». يشعر تشيكوف بالكآبة. يسافر من منطقة إلى أخرى في قافلة من العربات. «هؤلاء الذين يمضون الآن في الطريق إلى جانب عرباتهم يبقون صامتين. وجوههم مربدة، عابسة». يسافر وسط طابور من السجناء والجنود بأسلحتهم. النهر عريض ولا ترى الضفة الأخرى في الظلام الحالك. ظهرت العبارة وفيها خمسة من الجذافين وهم يطلقون الشتائم. ربط اثنين منهم بالقيود. لم يبق للمنفيين في الحياة سوى: الفودكا والمومس. يصف الكاتب طبيعة سيبيريا القاسية بدقة: قرى متباعدة، وفي كل قرية كنيسة، وأحياناً كنيستان، والبيوت الريفية خشبية. أهل سيبيريا يحبون النوم في فراش ناعم ويصارعون الطبيعة طوال العام. إن الأخلاقيات هنا من ناحية السرقة عجيبة والتقاليد طيبة، فالحوذيون لا يسرقون.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشيكوف في الجحيم الأبيض1 تشيكوف في الجحيم الأبيض1



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab