أغداً ألقاك

أغداً ألقاك

أغداً ألقاك

 العرب اليوم -

أغداً ألقاك

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

أفتقد نيويورك. وأعتقد أن الذين يفتقدونها حقاً مثلي لا يبوحون بذلك. فالإنسان العادي يشتاق عادة إلى المدن الأليفة، أو المدن المليئة هندسات جمالية، مثل روما أو فيينا. أو تلك التي لا تشعر فيها أنك غريب مثل لندن. أما نيويورك حيث الهندسة مثل رسوم الأطفال، مبان عالية، وشوارع عريضة وزحام متواصل، فماذا تفتقد فيها؟ لا أدري. لا أحب شتاءها العاصف، وصيفها الرطب، وطرقاتها القاسية، وتاكسياتها الرديئة والخارجة على القانون، ولا أحب حلول المساء فيها، إذ تفرغ في سرعة رهيبة وتقفر، ويهرع المشردون إلى التوزع على صناديق الكرتون عند مداخل المباني، بيوت الذين لا بيوت لهم.
كتب جان بول سارتر (1955) أن نيويورك مزيج من مدينة للسائقين وأخرى للمشاة: «أنت لا تقوم بنزهة في نيويورك. أنت تحلّق عبرها». ومع ذلك امتدحها سارتر وكرر العودة إليها. وكذلك فعل ألبير كامو وأندريه مالرو، وجميع الذين ثاروا على المدينة الأميركية التجارية، واعتبروها مادية صلفاء ومعادية لحضارة الغرب.
لكنني أشتاق إلى نيويورك. إلى ساعات المشي الطويلة من شرقها إلى غربها. وإلى عبور «سنترال بارك» الذي يعبره معك جمع من أجناس البشر، وإلى الجولة اليومية على أغنى وأحدث المكتبات، وإلى المسرح الذي ما من مسرح في أبهته. فيه شاهدت كبار النجوم الذين لا يشاهدهم الناس إلا على الشاشة. أنا شاهدت ركس هاريسون في «سيدتي الجميلة» على بعد مترين، وكنت إلى جانب وودي آلن تماماً وهو يعزف الكلارينت في مقهى فندق كارليل.
الحقيقة أنني بسبب ذلك أفتقدها. إنها مدينة الجميع. وجميعهم قريبون منك، وبسطاء، ويسبقونك إلى إلقاء التحية. لماذا؟ لأنهم جميعاً غرباء أيضاً. حتى الذين ولدوا فيها. مدينة لا تتوقف ولا ترتاح. عليها أن تقدم كل يوم لائحة بآخر المخترعات في سباق العلم. وعليها أن تسمع أهم المحاضرين، وأن تقدم أعظم المعارض، وأن تشقى كل ساعة، لكي تثبت، على مدارها، أنها أهم مدن أميركا.
الشيء الوحيد الذي تخافه وتخشاه في نيويورك، هو الوحدة. أن يحل المساء وليس لديك رفيق تتناول معه العشاء. أن تحل الويك إند وليس لك صديق تخرج معه إلى المدينة. أن يحل موعد التقاعد ولم توفق إلى منزل في الريف.
أفتقد نيويورك. وأصدقائي، والطبيب الذي سألني عن مهنتي وأجبت أنني كاتب، رفض أن يقبل مني بدل أتعابه. أجل، يمكن أن يحدث ذلك في مستشفى الجادة الثانية، وفي كولمبوس سكوير يمكن أن تقدم لقاطنة الرصيف نصف فطورك، وتقبله منك على أنه فطورها كاملاً، وتسألك في مودة، هل نراك غداً؟ أخبرتها ضاحكاً أن شاعراً في بلادي طرح السؤال بصيغة المفرد: أغداً ألقاك؟، وكان اسمه الهادي آدم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أغداً ألقاك أغداً ألقاك



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab