الجواب عن سؤال المتنبي

الجواب عن سؤال المتنبي

الجواب عن سؤال المتنبي

 العرب اليوم -

الجواب عن سؤال المتنبي

بقلم - إنعام كجه جي

بأي حال عدت يا عيد؟ أقولها لك بالمختصر المفيد يا أبا الطيب:

وباء يسري بيننا قتل حتى الآن 674 ألف شخص في 6 أشهر. و7 ملايين مُصاب بالمرض في العالم. وجوه مكممة لا يصح فيها قولك: «ووجهي والهجير بلا لثام». وعالم يتباعد ولا يختلط. يشتغل عن بعد. يدرس ويمتحن عن بعد. يصافح بالمرفق، ويحب ويصلي عن بعد. تفرغ دور اللهو من روادها. وكذلك دور العبادة. والسلطان العثماني الجديد يتصدر المصلين في كنيسة. والفلسطينيون، على حطة يدك، يتصادمون مع الجنود الإسرائيليين لكي يصلوا العيد في الأقصى.

بأي حال؟ نصف العالم ما زال يكيد لنصفه الآخر. لا تهدأ النزاعات إلا لتشتعل. ودخلت الطبيعة طرفاً في الحروب، وصار لها جيش يدافع عنها. يفلتر نفايات المعامل، ويحرم الأسمدة الكيماوية، ويوصي البشر بما يأكلون وما لا يأكلون. يمنع الأكياس البلاستيكية ومحركات السيارات التي تدور بالبنزين. سأشرح لك، يا أبا الطيب، ما هو البنزين في مناسبة أخرى.

تقوم ثورة ضد طباعة الصحف والكتب؛ لأن الورق يستهلك خشب الأشجار. يقرأ الناس على شاشات، وتواصل الغابات انحسارها، وتتبدد رماداً لحرائق.

الشاشة سيدة الأرض. وحتى قصائدك يا أحمد المتنبي متوفرة على الشاشة، وموجودة في «غوغل». وهو غول لا علاقة له بالعنقاء والخل الوفي. لم يعد من مستحيل أمام العلم سوى الموت. وقد عشتَ خمسين عاماً؛ لكن هناك من يعيش مائة عام وأزيد. يأخذ اللقاحات، ويتناول الفيتامينات، ويلقى أكياساً من الدم، ويزرع خصلات في الصلعة، وقرنية جديدة للعين، ويستبدل بالكلية المعطوبة، وبالقلب المعطوب، ويحمل بطارية تواصل شحنه عند التعب.

لا يهدأ الكون على حال. لا في العيد ولا في الأشهر الحرام. رجال ونساء «على قلق كأن الريح تحتهم». يسافرون في الفضاء، ويدورون حول الأرض، ويركبون الصواريخ، وينزلون على القمر. يذهب سياح ليشموا الهواء في المريخ. تطير فوق رأسك هالات صغيرة مُسيَّرة يسمونها «الدرون». تقصفك إذا عاديتها. حرب نجوم يا أبا الطيب، ورؤوس نووية لا تعرفها ولا تعرفك، كما الخيل والليل والبيداء. أزرار تتحكم في الموجودات. يمسك الطفل الصغير بالريموت، ويقلب محطات جهاز يسمونه التلفزيون. يرى على الشاشة رجلاً يدس سبابته في قرص على هرم أسود، ويدير أرقاماً. يسأل أمه: ما هذا؟ تقول له: تليفون زمان.

أحلى هدية، هذا العيد، أسطوانة بيونسيه الجديدة: «الأسود ملك». ينتفض السود على انتهاك تاريخي لكراماتهم. ولو عدت يا أبا الطيب لحاكموك. لا تشترِ العبد ولا العصا معه. وحاذر أن تتغزل بـ«عيون حائرات كأنها مُركبة أحداقها فوق زئبق». فالنساء اليوم؛ خصوصاً الأميركيات، يعتبرن الغزل تحرشاً، وما أدراك ما أميركا؟ وهن يفضحن مغتصبيهن، ويلاحقنهم في المحاكم. وقد سُنت قوانين لردع من يعتدي على طفل. لكن الجوع ماض في الفتك بأطفال الفقراء. وما زالت السكاكين تحز رقاب الفتيات تحت ذريعة «الشرف». وفي الأخبار أن أحدهم قتل ابنته في الشارع، وجلس يشرب الشاي قرب جثتها. يحتسي هادئاً منتظراً قدوم المهنئين.

ويا أيها الشاعر العظيم المولود في الكوفة والمتوفى في النعمانية، على ضفة دجلة، لا تسأل بأي حال يعود العيد على العراقيين. صاروا «إذا أصابتهم سهام تكسرت النصال على النصال». الكهرباء شبح، ودرجة الحرارة تجاوزت الخمسين في الظل. إن كل هجائياتك لا تكفي للاقتصاص من حرامية بغداد تجار الدين، ولا ممن ترك لهم مفتاح الخزنة على الغارب.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 08:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

GMT 08:54 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أشغال شقة (الكوميديا) الطازجة!

GMT 08:51 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أظرف ما فى الموضوع

GMT 08:47 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

سجال فتح وحماس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجواب عن سؤال المتنبي الجواب عن سؤال المتنبي



الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ العرب اليوم

GMT 21:28 2024 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله
 العرب اليوم - ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله

GMT 11:33 2024 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب المغرب

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب شمالي تشيلي

GMT 15:01 2024 الأحد ,24 آذار/ مارس

مبابي يلمح لحسم انتقاله إلى ريال مدريد

GMT 14:54 2024 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

بلينكن يحذّر إسرائيل من مخاطر اجتياح رفح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab