الجواهري وباسكال مشعلاني

الجواهري وباسكال مشعلاني

الجواهري وباسكال مشعلاني

 العرب اليوم -

الجواهري وباسكال مشعلاني

بقلم : إنعام كجه جي

 

منحت مؤسسة «نخيل عراقي» في بغداد ميداليةَ الشاعر محمد مهدي الجواهري إلى المغنيةِ اللبنانية باسكال مشعلاني تكريماً لها. وكانَ من الطبيعي ألا يمرّ الخبر مرورَ الكرام. فهناك دائماً «لئامٌ» لا يستقرّ لهم خاطرٌ إلا حين يصحُّ الصحيح. ما هو الصَّحيحُ وما هو عكسُه في هذا التكريم؟

كنتُ قد كتبتُ في هذه الفسحة، الأحدَ الماضي، أنَّ دمَ العراقيين يغلي إذا تعرَّضت رموزُهم الثقافيةُ للمساس. أولئك لآلئُ لا يجودُ الزمانُ بمثلها كل يوم. نحبُّها وننقل حبَّها لأبنائنا ونحفظها في أعلى مراتبِ الذاكرة. نعترف بتفوقها ونتفهَّمُ ضعفَها ونغفر لها، أحياناً، زلاتها. المبدع كتلةُ نوازع. وتاريخُ البلد والمنطقةُ مرجل يفور بالتناقضات منذ مائةِ عام. ومع خرابِ السّياسة في العراق وكارثةِ المحاصصةِ الطائفية لم يعد أمامَنا سوى المراهنةِ على الثقافة. تجمعُنا القصيدةُ واللوحةُ والمنحوتةُ والأغنيةُ وشواهدُ حضاراتِنا العريقة.

عدت إلى تفاصيل المؤسسةِ المانحة ووجدتُها تدعم الحَراكَ الفنيّ والثقافي بنشاط وبشكلٍ طيب. رئيسُ الشرفِ فيها هو عازفُنا الكبير نصير شمّة. وهي قد أعلنت، مؤخراً، عن وصولِ النُّسخ الأولى من ميداليات سيجري تقديمُها لضيوفِ المؤسسة من النُّخب الثقافيةِ والفكرية والفنية التي تزور مقرَّها في بغداد. وجاءَ في الإعلان أنَّ الميداليات ثلاث: «شاعرُ العربِ الأكبر محمد مهدي الجواهري، وعالمُ الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي، والمعماريةُ العراقيةُ العالمية زها حديد».

لا أحدَ يُنكر أنَّ السيدة مشعلاني فنانةٌ مجتهدةٌ، لها باع طويل في إشعالِ المطارح والوقوف على المسارح. هذا صحيح. لكن ما هو غيرُ صحيحٍ أن يجري تكريمُها بميدالية تحمل اسم شاعر في حجم الجواهري القائل:

«أتعلمُ أم أنتَ لا تعلمُ بأنَّ جراحَ الضحايا فمُ»

يقول العرب: لكلّ مقامٍ مقال. فلماذا هذا الخلطُ؟ وإيش جاب البامية على المرحبا؟ مشعلاني مغنيةُ لبنانية الجنسية. فهل يخطر ببالِ اللبنانيين أن يمنحوها ميدالية جبران خليل جبران، مثلاً؟ هل يُكرّمها المصريون بميدالية أحمد شوقي؟ والتوانسة بميدالية أبي القاسم الشابي؟

كان يمكن لمؤسسة «نخيل عراقي» أن تضيفَ إلى ميدالياتها واحدة فنية. أن تمنح باسكال ميدالية باسم المغنية العراقية المبدعة عفيفة إسكندر، أو المحبوبة أحلام وهبي، أو سليمة باشا في أفضل الأحوال. فهي تستحقُّها بفضل إخلاصِها لفنّها واتساعِ رقعةِ جمهورها منذ أن اشتهرت في حفلات المنطقة قاطبة لأكثر من ثلاثة عقود.

والشعب المنكوب بالفاسدين واللصوص والفاشنستات يحتاج الترفيه والترويح والدغدغة.

يمكن للقادرين أن يفتحوا المؤسساتِ وأن يوزعوا الميداليات ما دامت الثقافة بخير ووزارةُ الثقافة ساكتةً وراضيةً. لكن بحق النخيلِ العراقي المبارك دعوا الجواهري خارجَ الحلبة، سادراً في غفوته الأبدية. فهو لو قام لربَّما أنزل عليكم ما في قريحته الفذّة من جواهر. أليس هو القائل:

أنا حَتْفُهُمْ ألجُ البيوتَ عليهمُ أغري الوليدَ بشتمِهمْ والحاجبا.

arabstoday

GMT 05:18 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أمة الرواد والمشردين

GMT 05:16 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

GMT 05:15 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

المسلمون والإسلاميون في الغرب

GMT 05:13 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

في مدح الكرم

GMT 05:12 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

إنها أزمة مصطلحات!

GMT 05:10 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية»

GMT 04:33 2024 السبت ,27 تموز / يوليو

لبنان بين حربي 2006 و2024

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجواهري وباسكال مشعلاني الجواهري وباسكال مشعلاني



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:29 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

قصف تركي عنيف علي محافظة أربيل العراقية

GMT 12:19 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

الحيل التي تتبعها أصالة لإبراز خصرها النحيل

GMT 11:58 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

جولة على أبرز أحياء العاصمة باريس

GMT 11:47 2024 الخميس ,25 تموز / يوليو

كارول سماحة بإطلالات راقية وجذّابة

GMT 11:32 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

أوكرانيا تعلن قصف مطار عسكري روسي في القرم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab