بقلم : سليمان جودة
تشعر وأنت تتابع إجراءات مجىء الرئيس الجديد فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكأن أمريكا ساعة سويسرية لا دولة عادية بين الدول.
فانتخاب دونالد ترامب تم فى الثلاثاء الأول من نوفمبر ٢٠٢٤، ورغم أن الانتخاب القادم سيكون فى الثلاثاء الأول من نوفمبر ٢٠٢٨، فإنك تستطيع أن تضبط عليه ساعتك منذ الآن، فإذا جرى الانتخاب فإن ساكن البيت الأبيض الجديد لا يدخله على الفور ولا بمجرد الإعلان عن فوزه، ولكن ذهابه إلى مكتبه البيضاوى لا يكون إلا فى العشرين من يناير.. وهذا يوم آخر تستطيع أن تضبط عليه ساعتك منذ الآن أيضًا رغم أنه سيكون فى ٢٠٢٩.
ومن الثلاثاء الأول فى نوفمبر إلى العشرين من يناير، يبقى الرئيس القديم فى مكتبه يمارس عمله كما كان يمارسه فى أول يوم له فى السلطة وبكامل الصلاحيات، وفى المقابل ينخرط الرئيس المنتخب فى اختيار أعضاء إدارته الجديدة كما يفعل ترامب منذ أن فاز.
ولأن ترامب نشط بأكثر من اللازم، ولأنه متلهف على دخول البيت الأبيض رغم أنه قضى فيه أربع سنوات من قبل، فهو قد حوّل منتجع مارالاجو الذى يملكه فى فلوريدا إلى بيت أبيض آخر.. فالساسة من أرجاء الأرض يزورونه كل يوم تقريبًا، مع أنه لا يملك أى صلاحيات من هنا إلى ٢٠ يناير، وكانت جورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، آخر الساسة الذين زاروه فى منتجعه، وكانت قد جلست معه على عشاء لمدة ساعة. والغريب أنها لم تعلن عن زيارتها مسبقًا، ولم يعرف العالم بوجودها فى فلوريدا إلا عندما ظهرت مع ترامب فى الصورة المنشورة!.. أما سبب زيارتها أو أحد أسبابها فهو أغرب، ولكنه قصة أخرى.
وليست هذه آخر ملامح الساعة السويسرية التى تعرفها الولايات المتحدة فى نظامها السياسى العجيب.. ففى السادس من يناير تنعقد جلسة مشتركة لمجلسى النواب والشيوخ لاعتماد نتيجة السباق الرئاسى، وهذا اليوم بدوره تستطيع للمرة الثالثة أن تضبط ساعتك عليه منذ هذه اللحظة، رغم أنه سيكون فى ٢٠٢٩!.
وفى ٦ يناير من ٢٠٢١ كان ترامب قد حرض أنصاره على اقتحام مبنى الكونجرس لمنعه من اعتماد النتيجة، وكان السبب أنه لم يكن الفائز فى سباق ٢٠٢٠ وإنما كان بايدن هو الذى فاز، ولا يزال مشهد الاقتحام محفورًا فى ذاكرة العالم لأنه غير مسبوق فى تاريخ بلاد العم سام.
أما أعجب ما فى ٦ يناير هذه السنة فهو أن كامالا هاريس، نائبة الرئيس، هى التى ترأست الجلسة المشتركة لاعتماد النتيجة التى تقول بفوز ترامب!.. ترأستها بصفتها لأن النظام السياسى يقول بهذا.. ترأستها رغم أنها كانت المرشح المنافس لترامب، ورغم أنها خسرت أمامه وفاز هو!.